هل هو زمن التصفية حتى آخر معارض ...؟! وهل هو زمن الاعتقال الفكري والأسر
الروحي ...؟!
هل أصبحت الكلمات والمقالات قنابل نووية وأسلحة دمار شامل ...؟!
بقلم:
د. أحمد محيسن *
ألا
يستطيع الإنسان الحر الوطني، الثائر على الطغيان والعوج والمكر.. الغيور
على المصالح العليا للأمة في يومنا هذا، أن يعبر حتى ولو بالكلمة والمقال
.. عن مدى استياءه وسخطه وغضبه وملاحظاته وتساؤلاته عما يدور من حوله من
مصائب وأوزار وعبث وأعمال مافيوزية ومكائد وبلطجة ومآسي تدمي القلوب باسم
الوطنية والقضية، لا يعلم هول حجمها سوى الله رب العباد ..
نعم للتعبير بالكلمة الحرة الهادفة الصادقة المعبرة المحرضة التي تنبع من
خلجات القلوب المخلصة للأهل والوطن والقضية ..
من أجل العمل على تصحيح المسيرة .. وتعرية الذين يتاجرون بالوطن .. ومن أجل
توجيه البوصلة التي تاهت في بحور الظلمات ...!!
فبماذا
يجب على الإنسان هذه الأيام ان يعبر عن رأيه وعن تصوراته حول ما يدور حوله
...؟! هل توجد لدينا من أدوات غير الكلمة والصورة والأدوات الحضارية
الإعلامية تستعمل للتعبير وإيصال الرأي ...؟!
وكيف
يكون الطريق والسبيل والوسيلة للعمل والنهج الديموقراطي والعدالة
الاجتماعية والإنصاف ...؟!
ما هي
قواعد لعبتكم وكيف أصبحت الآن بالله عليكم ... للتعامل مع العباد ممن خلق
الله في يومنا هذا ...؟!
أليست
الكلمة هي الأداة والوسيلة المتبعة في عالمنا المتحضر، للتعبير عن الرأي
وعبر كل العصور وعند كل الأديان لنقل وجهات النظر ..؟!
بالكلمة فقط يكون الحوار عندما تجد الكلمة آذان صاغية من المستمع ...! هذا
هو الكلام الذي تعلمناه، ونصت عليه كل القوانين والشرائع الأرضية منها
والسماوية ...!
هل
أصبحت الحروف والكلمات الهادفة المعبرة هذه الأيام، هي عبارة عن أسلحة
دمار شامل محظورة على الأمة...؟! وهل للحرف ان يخرس وعلى القلم ان يبكي ...
وإلا وإلا وإلا ...؟!
لا...
على القلم أن يكتب الحروف المزهرة التي تتفتح في سطور نيرة وبلهجة وبلغة
صادقة في صفحات متواضعة معبرة ... لنعرف بها ومن خلالها معا وسوياً، ما
الذي يدور من حولنا
من أمور تمسنا وتخصنا وتحدد مصير أمتنا، ونحن جزء منها ومعنيون بكل ما يدور
من حولنا، لأننا وجدنا لكي نعيش بكرامة، ولنكون ونبقى رقما صعبا في
المعادلة ... كما أمرنا الله سبحانه وتعالى ...!!
ليس
عجباً في زمن العتمة والظلم هذا، أن يكون للكلمة تأثيرها الأقوى والأكثر
إيقاعا من قوة المدفع على البعض من الزمرة الطاغية ... لأن الكلمة الحرة
الهادفة تفتح الأبواب المغلقة وتنير العقول المظلمة وتفتح أفاقا جديدة ...
ولا يمكن لأحد كائناً من كان، أن يعتقل ويأسر ويقتل الفكر البشري والكلمة
الحرة .!!
ان
البلاغة والنقد والنصوص والمقالات، لهي الأهرامات والأبراج والقلاع
والحصون والجسور للأمم .. التي لا يمكن زحزحتها .. والشعب يملك جهازه
الإعلامي القوي ... فلا نستخف به ونهمشه ونتجاهله ونخادعه ونكذب عليه ..
والشعب ينفعل ويتفاعل مع كل حدث ...يميز ويحدد ويؤشر ويتكلم ويعمل ويجدد
المراحل ... وان كثرة المحن لهي أهم عامل من عوامل تجدد الإنسان بعظمته
وقوته وشموخه وصلابته وبإرادته التي لن تنكسر ...!!
نحن شعب
فلسطين ... لم نأت من المجهول ولم نهبط من المريخ .. ونحن لسنا حالة طارئة
على كل المعادلات القائمة والتي ستقوم في كل أماكن تواجدنا ... فنحن من
يحسن تكلم لغة النحل ... أما من لا يعرف الصقور يشويها ..!!
ستبقى
فلسطين ارض الحضارات والأديان ... وستبقى فلسطين ارض الصمود والتصدي ...
بشعبها
الجبار ومقاومتها الباسلة وفرسانها الاشاوس ... وستبقى الحروف أدوات مزروعة
في كل قلب فلسطيني
...!! وسنبقى ننتقد وننقد وننقض ونرفع الصوت عاليا مدويا ... خاصة ونحن
ما زلنا في مرحلة التحرر الوطني ونرزح تحت نير الاحتلال ... والأمة التي لا
يوجد فيها من لا ينتقد فهي أمة قعيدة عاجزة مكبلة زاحفة هابطة لا تعمل ولا
تحترم نفسها ولا تستحق العيش الكريم ...!!
لن نكون
من الذين ران الله على قلوبهم أبدا ... ولن نكون من أصحاب الألسنة
المستعارة الملتوية .. والأبواق الفرعونية المسعورة .. وسنقاوم اليأس الذي
يكتسح أبناء الأمة بسبب الجهلة والمنتفعين ... وذلك بكل ما أوتينا من
قوة وعزم وحزم وإصرار ...!!
ألم
يخاطب الله سبحانه وتعالى الرسل عليهم السلام بالكلمة لتكون رسالاتهم
السماوية كتب موجهة للأمة... تقرأها البشرية لتهتدي بها كي تخرج من
الظلمات إلى النور... ؟!
أم أن
المعايير والموازين انقلبت هذه الأيام ..؟! وأصبح من الممكن أن يكون الحوار
حسب رأي البعض،بلغة التهديد والوعيد وقطع الطريق ونصب الكمائن الطيارة منها
والثابتة.. ورفع السياط وتسليط البلطجية والعصابات والزعران على من ينتقد
او من يحاول الانتقاد
ويقول
الحق والكلمة الحرة الصادقة النبيلة ويأبى أن يكون خروفا أو دجاجة في مملكة
الذئاب ...؟!
هل
أصبحت الكتابة في مواضيع تمس الشؤون العامة للامة، والهدف منها نبيلا، هو
العلاج ووصف الدواء للداء، قنبلة نووية أو فيروسا معديا أو وباء يصعب
الشفاء منه ...؟!
هل اصبح
أمرا مألوفا في مجتمعاتنا هذه الأيام أن على من يوجه النقد لزعيم او مسؤول
او نظام او مختار عشيرة او مدير شركة او متخصص في بيع الفلافل وتجهيزها
... ان يكون دائم الحذر واليقظة خشية ان يصيبه مكروه ...؟! وعليه ان يحتمل
قرف الجبناء المتساقطين في استعمال أساليب هابطة عديدة أصبحت مكشوفة ...
أساليب قديمة جديدة ... كأن يجعل الطحالب المرتزقة
...
من يعارضهم الرأي ان يصحو في يوم ما من نومه قبل الفجر بسويعات بسيطة
على صوت رنين هاتفه المنزلي ... ليوجهوا خفافيش الظلام التهديد والوعيد
... من قبل طحلب
جاهل فاجر ( من فصيلة أعطيني ايدك والحقني ) ... معتقدين بهذه الطريقة
الإجرامية التي ينزل القانون بمرتكبيها وبمن حرّض على ارتكابها أشد
العقوبات ... بأنهم سيقلقون راحه وصفو حياته الآمنة ... وسوف يخيفونه
ويروعونه ويرعبونه ... لكي يكف عن نقدهم وكشف ألاعيبهم وظلمهم وتزويرهم
واختلاساتهم ... وإلا وإلا ... !!
أساليب
كانت حتى في عصر الجاهلية الأولى معيبة ومشينة ...!!
في أي
عصر أنتم تعيشون ومن أي جحر أنتم خارجون ...؟!
هؤلاء
أشباه الرجال وبتصرفاتهم المشينة وتهديداتهم الجبانة ... مازالوا يغرقون
بأكوام القمامة .. !!
من أي
فصيلة ونوع من البشر، هؤلاء الذين يمكن ان يحرضوا ويتصدوا و يحاربوا
ويقفوا ضد أسس ومفاهيم العمل المنهجي والمؤسساتي والتنظيمي، وإيجاد
البرنامج المتخصصة والإبداع الفكري والتطور والتقدم وتحقيق الإنجازات
التي تحس بها الناس وتخدم مصالحهم وتلامس همومهم ...؟!
ثم أين
أرباع الجهلة وأشباه الرجال، من أبناء وكوادر الأمة التي تتمتع بطهارة اليد
واللسان ولا تمارس الاختلاس والكذب والتلفيق ومخادعة الجماهير ولا تتقاضى
الرشوة ... فهذا تطاول الحفاة العراة ... قال تعالى وهو اصدق القائلين
(..تلك حدود الله فلا تقربوها ..) (البقرة:187) (..تلك حدود الله فلا
تعتدوها ..) (البقرة:229)
هذه هي
الأساليب القديمة الجديدة المعهودة .. الأساليب البالية المهترئه المشروخة
... لإخراس الناس وتكميم أفواههم وإزاحتهم وإقصائهم وإيقافهم عن النقد
وقول الكلمة الحق ورفع الصوت عاليا ومدويا في وجه الظلم وفي وجه من يخادع
الجماهير ويكذب عليها ويلتف على قدراتها ومقدراتها ... ولا يهمه في النهاية
سوى ذاته ومصلحته الشخصية ... وكيف يبقى منتفعا على كل الأصعدة وبكل السبل
... هل اصبح العمل الوطني يعني عند البعض المتاجرة بالقضايا الوطنية ...
!!
ألم يعد
للأمة من سبيل في التعامل مع الساسة والسلاطين ... سوى الدعاء لهم بطول
العمر وزيادة الرصيد .. بل وبكل ما يرضيهم من ملذات وشهوات ... والتوسل لهم
والانحناء والركوع أمامهم .. والتضرع لهم .. ومسح الجوخ وهز الأذناب
والتملق والمداهنة ... لنيل الرضى والمكانة .. ولنيل بعض ما يتبقى من فتات
الموائد السحرية التي يتم طهيها وتقام في الليالي الحمراء .. واللهث وراء
المكانة والمركز الذي لن يدوم ..؟!
هل هذا
هو العدل في هذا الزمان الذي يمكن أن تبقى فيه الأمة ذليلة مستهدفة حائرة
وتجر كالشاة للمسلخ، وهي مكبلة الأيدي مكممة الأفواه ومقطعة الآذان
ومعصوبة الأعين لا حول لها ولا قوة ...؟! في زمن الليالي المظلمة والعتمة
الحالكة ... التي يمكن ان تقاد بها العباد إلى مستقبل عابس مكشر عن أنيابه
... عنوانه العجز والتخلف والتسلط وعصابات المافيا المتساقطين ... لتهديد
العباد وإزعاجهم وترويعهم ... !!
الزمن
الذي اصبح لا يعرف معنى للحياة .. وغدا الإنسان فيه بلا قيمة ... هذا
الزمن الذي نعيشه أصبح فيه الحق مجهولا وضائعا ... واصبح فيه الإنسان
جسداً بلا روح ... مجرد خيال او رقم لا قيمة ولا وزن له ... زمن بلا قيم
ولا مثل حقيقية ... زمن أصبح فيه الحليم حيران .. زمن الاعتقال الفكري
... والأسر الروحي ... زمن الجهل وتغيب الوعي ... وزمن التعذيب حتى الموت
... زمن بلا عدل ولا أمل ... زمن تصفية الفكر والتميز والإبداع ومطاردة
أهله باللجوء إلى القوة والبطش والتحريض الباطل والترويع والزعرنة ... زمن
التأويل الفاسد ... زمن فرض الآراء على عقول العباد بحد السيف ... زمن
التقزيم والتعنيف ... زمن السنة السلطان وأبواقه ... زمن السحق حتى العظم
... زمن بلا دلالة ولا ملامح ... زمن التعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي ...
زمن الزج بالكلمة الحرة في زنازين القهر القذرة وسجون الموت ... زمن قذف
الأحرار وشرفاء الأمة بالقاذورات النتنة ... زمن العيش في وسط الانحراف
والبيئة السيئة ... زمن ينتشر فيه الفساد المشرعن والانحلال في المجتمعات
... زمن الدُمى من صنائع الطغيان ... زمن عبادة العروش و القروش وانتفاخ
الكروش ... زمن منطق اللامنطق ... زمن الرويبضة والكرزايات ... زمن تأليه
البشر ... زمن نجعل من أقزامنا أبطالا
ومن أشرافنا أنذالا ...
زمن نرتجل البطولة فيه ارتجالا .. زمن الهوان الذي اصبح فيه الرجل يعد
بألف ألف رجل ورجل ... زمن أصبحت تضع الديوك بيضا ... زمن التصفية حتى آخر
معارض ... زمن العقول الانقلابية والنوافذ المغلقة على الحرية ... زمن اصبح
فيه البوم يدعى كروان ... زمن كله الغاز محيرة ... زمن مليء بفراغ كئيب
...!!
والله
نسأل أن لا نضطر مستقبلا قول المزيد في هذا المقام ...!!
نحن شعب
فلسطين ..!! نحن وجدنا في هذا الكون لكي لا نبالي ونحن نسير درب الحق ..!!
ولن
يكون لنا في النضال والكرامة والشهامة مثيلا ... وجدنا لنتميز ونبدع ...
ونتمرد على الظلم وننفضه عن صدورنا وأكتافنا ... وجدنا لنرفض القهر
الاستبداد والاستعباد ... ولم نوجد لنكون خرافا يهش علينا بالعصا تحت أية
وصاية ...!!
وإلا
فلماذا تفجرت وانطلقت ثورتنا الفلسطينية المجيدة ... ؟!
ألم تكن
الانطلاقة لثورتنا ، هي من اجل الأهداف السامية التي نعرفها ونتغنى بها
جميعا...؟!
فلا
يمكن أن يرضى الثائر عن الظلم والظلمة وقد حرم الله الظلم على نفسه ...
وقد ثار الفلسطيني بالأصل على كل أنواع الفساد والظلم والعنجهية
والاستبداد التي توجه ضد أبناء شعبنا الأبي ... واصبح الفلسطيني قدوة
وقبلة للمناضلين في كل أنحاء العالم يتوجهون إليها لكي ينهلوا من معينها
... ؟!
ألم يحن
الوقت للعودة للصواب، وتجديد الحياة وتقبل الاستقامة والفضيلة، وترك الماضي
بمعاصيه وأوزاره وعجزه وسوء
سلوكه ونواياه الشريرة وتاريخه الأسود السيئ السمعة ..؟!
علينا
أن نقول الكلمة الحرة الصادقة الهادفة بعقلانية ووسطية واتزان، وتكون
طريقا للحوار لتوضيح الحقائق، بدلاً من أن تعرض الآراء الهابطة هنا او
هناك لتسويقها ولبيعها للخلق بأبخس الأثمان والتحريض على العباد بأساليب
غير لائقة .. فعلينا مقارعة الحجة بالحجة، والمنطق بالمنطق، لكي تتنور
العقول وتنير في هذا الزحام من الأفكار والمفاهيم والرؤى العديدة
والمختلفة ... وعلينا ان نقول كلمة حرة ناقدة هادفة تكون وسيلة لتشكيل وعي
سياسي وتوجيه وتصويب للسياسات المنحرفة بكل أشكالها من خلال كسب اكبر كم
ممكن من الرأي العام الذي له تأثيره في صناعة القرارات التي تقدمنا للأمام
وتخدم قضايانا العادلة.
فيجب أن
يشيع جو الحرية ويسود .. ففي أجواء الحرية تولد الأفكار الحسنة النيرة
وتظهر فتثبت وتبقى .. بدلا من العمل بباطنية في ظلام السراديب التحتية
في دور الندوة هنا وهناك .. سيما وقد أصبحت هذه الأساليب مكشوفة للملأ ...
وقد قرف الجمع منها ... ولم تعد تطاق وتحتمل ... حيث تلقين العباد بلا
نقاش ولا معارضة ...!
ان
النقد الهادف لا يمكن أن يثير الفتن ويخلق المشاكل والخلافات .. نخص بالذكر
النقد الذي يقال في الزمن الذي يجب فيه على النخبة من أبناء الأمة ان تقوله
وتتحمل مسؤولياتها .. وحسب الحاجات والأولويات من أجل توصيل الأفكار و
إحداث التفاعل بينهما دون مبالغة أو تشويه او تزوير أو تضليل او دس السموم
هنا او هناك من أجل توعية الأمة سياسيا وثقافيا واجتماعيا ودينيا .. ونحن
نرحب دائما وأبدا بالنقد البناء ونشجعه .. وما زلنا نشجع ونتقبل ونحيي
روح النصيحة في كل الأمور ..
ولا يمكننا أن نعالج الفكر إلا بالفكر وليس بالسياط .. فلا يفل القلم إلاّ
القلم .. وندرك أيضا ان كلام اللسان لا يُنْقَضُ ولا يرد عليه بطريقة قطع
اللسان ...!!
أين
الأفكار والمبادئ والأحلام والبرنامج الفاعلة الناجعة الموعودة في إنقاذ
العمل المؤسساتي الوطني والاجتماعي ..؟! إننا بحاجة لعمالقة روادا طاقات
لا تعرف النفاق .. وتجدد لنا الفكر وتفتح لنا الآفاق .. وبحاجة لمن يحاسب
الفاسد المخادع المختلس على كل كبيرة وصغيرة .. لا يسامحهم أبدا ... ولا
ينحني ولا يغفر لهم الأخطاء ..!!
لا يمكن
ان نتقدم وننجز ونحقق ما يخدم مصالح امتنا إلا عندما يتم تنظيف كل
المؤسسات والمواقع من المنتفعين.. رؤوس الفساد والإرهاب الفكري والاستبداد
.. ويتم إقصاء البلطجية الزعران وشمامي الأثر..عبيد محترفي الأمر
والنهي..المنتفعين والمحميين والبائعين لضمائرهم ..
الذين لا يخافون ربهم وهم يصحون على يوم يمكن أن يكون صباحه يوم القيامة
... يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من آتي الله بقلب سليم .. ودينهم هو
القرش وربهم هو الكرسي والعرش..الذين جثموا فوق صدورنا بعجزهم وظلمهم
وبغيهم وتسلطهم وعدوانهم ..
واستخفوا بشعبنا وقضيته وقدراته وطاقاته.. وعملوا دوما على إضعاف وتهميش
مؤسساته الفاعلة .. وتزداد آلامنا وعذاباتنا وتشتد ونحن نرى هذه المؤسسات
التي تشكل الأعمدة الرافعة لنا ولأبنائنا وهي تنتقل من فشل إلى فشل وتراجع
وانعدام للأخلاق .. ومحاولات تصفية لها .. وتتعرض للنهب والسرقة والاختلاس
والنصب والاحتيال والتزوير والتلفيق والاغتصاب .. في تحد واضح وقح مفضوح
سافر لهذه المؤسسات ولمشاعر شعب أبي .. شعب فلسطين .. الذي ذابت فيه كل
ألوان النضال والتضحيات ...!!
هذه هي
الصراحة وهذا هو الواقع .. ولا يمكن ان تكون الصراحة مؤلمة ... لأن جراحنا
التي تنزف لهي اكثر إيلاما ً... ولم تجد من يضمدها ... حيث أننا نعيش حالة
قهر نفسي ومعنوي تبعث في النفس الأسى والتقيح جراء ما يحصل لنا من مآسي
... وغدونا جسما هزيلا لا حول لنا ولا قوة ... !!
ان حب
فلسطين والانتماء إليها، يجعلنا نحتمل المعاناة التي نعيشها في هذا
الزمان الأعوج .. ويؤجج فينا
مشاعر الإصرار على التمسك بحرية التفكير والتعبير وقول الكلمة الحق ..
وتناول الموقف بأقوال تناسبه وتليق به ...!!
تباً
لكل منكل بشعبنا و مروع لأبنائه ... تباً لمن لا يعرف من أمور حياته ومهنته
و مهامه سوى العجز والكذب وقلة الحيلة والتراجع والباطنية والنرجسية وإيذاء
البشر والتطاول على حقوق العباد والتحريض عليهم .. تباً لكل منافق بائع
لضميره لا يعرف مخافة الله وغضبه وجبروته .. !!
ان جراح
شعبنا ونزيفه وهموم امتنا العربية والإسلامية ثقيلة على النفس الأبية ..
وأصبحت لا تطاق .. وأمثال هؤلاء الدمى وغيرهم يأبون إلا أن يشغلوا الأمة
ويشاغلوها بأمور تافهة هابطة .. وبإثارة الفتن والحقد والبغضاء بين الناس
.. كفانا شللية وسطحية وتفاهة وتعصب أعمى لا يعلم نتائجه إلا الله ..
كفانا ما نحن به مما لا يفرحنا ولا يدعنا نسعد به ...!!
نحن
ندرك أن المناضلين لم يُخلقوا للراحة والرفاهية .. بل من أجل القفز الدائم
من فوق الحفر وتخطي الوديان والسيول .. لان المناضلين يسلكون فقط طريق
القمم .. ووجدوا من اجل ان يتحملوا الأعباء والمشاق ومجابهة الأخطار
والتصدي لها .. فلا نامت أعين الجبناء .. وسنبقى المنارة الفكرية المشعة
كما نحن وكما تعلمنا .. نجدد الفكر والسلوك والمضمون والأداء والمنهج ..
وسنبقى على العهد .. من أجل تحقيق الحرية المنشودة لشعبنا ... وتحقيق
مشروعنا الوطني ... وكما قال لي مؤخرا أحد الأخوة القادة المناضلين من
الذين يقبضون على الجمر ... لا حياة بلا رسالة ولا حياة بلا نضال ولا
حياة بلا عقيدة يسندها جهاد وعمل ... وشعبنا هو الذي كان دائما وما زال
قادرا على اجتياز أعتى الامتحانات ... وقهر المصاعب والأهوال .. فلا شك
ان الفرج قادم .. وان الفجر قريب .. وان الساعة آتية لا ريب فيها ..
فالعاقبة ستكون للمتقين .. وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .. والنصر
حتما لنا بإذن الله .. والمجد مؤكداً لفلسطين ..!!
* مهندس
وناشط فلسطيني يقيم في ألمانيا.
14/4/2005
|