يحدث في رام الله... يحدث في السلطة

بقلم: حمدي فراج*

علمت بمحض الصدفة ربما ان اعتصاما تنفذه موظفات في ديوان الموظفين برام الله امام مقر الديوان وذلك احتجاجا على قرار يتعلق باغلاق الحضانة اللواتي اعتدن ان يرسلن اليها اطفالهن، وحين توجهنا الى هناك، فوجئنا بأعداد كبيرة من الشرطة المسلحة يتدافعون تجاه المعتصمات لفض اعتصماهن، مع أن الموظفات لم يقمن بأي عمل آخر سوى الاعتصام، وبعضهن حملن أطفالهن، ولكن ردة فعل الشرطة والضابط الذي يتزعمهم، في الثلاثين من عمره، يميز وجهه بالقرب من أذنه انتفاخ أحمر بدا كدمل مزمن، كان متحمسا لفضهن والتهجم عليهن، ولكنهن هببن في وجهه، وانتقل الموضوع من الى، فأصبحت تهمتهن من وجهة نظره، انهن غير مؤدبات، وانهن تطاولن على الشرطة بالسب والشتم، ولهذا يريد تربيتهن، وحين (تذّكر) انهن نساء ولا يجوز الاعتداء عليهن كما هو المعتاد، قرر أن يرسل في طلب شرطيات.

خلال انتظار الشرطيات، حضرت قوات أكثر، وابتدع لنفسه مهمة أخرى، منع الناس من الاقتراب، خلال ذلك طبعا اغلق الشارع امام حركة السير، فمعظم سيارات الشرطة التي وصلت، لم تكن لتتوانى بالبحث عن مكان مناسب، عدا عن انها تريد في أقرب مكان من الحدث، فهي قد قدمت اصلا للتعزيز والسيطرة.

وبعد ذلك حضر مصور صحفي من احدى المحطات المحلية، فاعتدوا عليه وصادروا الفيلم الذي لربما نجح في اختلاس بعض المشاهد قبل ان يلمحوه.

المصورلؤي ابراهيم (25 سنة)، يقول ان رجلا مدنيا اقترب منه وابلغه انه من جهاز المخابرات ابلغه بأنه يحظر عليه التصوير، وان مديره تلقى فاكسا بالمعني منذ عدة اسابيع يحظر فيه تصوير الاحداث الداخلية!! وبعد قليل جاءه شرطي من الانضباط العسكري وانتزع الكاميرا منه، ولم يتم اعادتها الا بعد ان تدخلت النساء المعتصمات واجبرنه على اعادتها، وبعد ذلك حاول التصوير من مكان أبعد، وهذه المرة هجم عليه شرطي عادي فانتزع الكاميرا وانتزع الكاسيت منها.

أكثر ما آلمني، يقول لؤي، أنهم لا يتحدثوا معك ابدا، وكأنهم لا يعرفون العربية، وأكثر ما لفت نظري مساندة المعتصمات لي، ذكرني ذلك بايام الاحتلال، حين كانت تهب النسوة لتخليص فتى من براثن الجنود المحتلين.

مدير الديوان، جهاد حمدان، اعتذر للمعتصمات، على ما لحق بهن من افراد الشرطة، ووعد بتشكيل لجنة تحقيق واعادة الكاسيت للمحطة.

لن يتم تشكيل لجنة تحقيق، لن يتم اعادة الكاسيت، وان تمت اعادته، فلن تتمكن المحطة من بثه، خاصة اذا حمل الكاسيت مشاهد مخزية ومقرفة وكلمات نابية وبذيئة من النوع التي أطلقها الشرطي "ابو دمل" هذا، عدا عن ذلك، فقد اتصل مدير المحطة بمدير المخابرات، فأبلغه الثاني ان يقدم شكوى رسمية، وكان هذا اقل سوءا من جواب وزارة الاعلام التي ابلغته انه يجب ان ينتظر حتى مرور عيد الاسراء والمعراج ويوم الجمعة الذي يليه، وكان هذا اقل سوءا من رد نقابة الصحفيين، التي لم ترد ابدا ....

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.       

1-09-2005

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع