وزراء ... مستوزرين ... اوزار
بقلم:
حمدي فراج*
اذا
كانت الانطلاقة الديمقراطية في الحياة الفلسطينية قد أملتها وفاة الرئيس
عرفات، والتي أطلقنا عليها في حينه، ديمقراطية الموت، فان التغيير الوزاري
في الحكومة الفلسطينية الجديدة ـ القديمة ـ هي من ذات القبيل في المبنى
والمنحى.
فهي من
جهة حكومة ياسر عرفات ... نفس رئيس الوزراء السيد أحمد قريع، خمسة عشر
وزيرا من الحكومة السابقة، فتحاوييون أقحاح ابا عن جد، مضخمة كما كانت
عليه الحكومات السابقة، وزارات شاغرة كالأوقاف ظلت شاغرة، وربما اضيف اليها
هذه المرة وزارة اخرى هي الشباب والرياضة، مطعمة ديكوريا بفصائل اخرى من
وزن الريشة والحجم الضئيل كحزب الشعب وفدا في وزارتين هامشيتين من النوع
الذي يطلق عليه "تكملة عدد".
ومعروف
ضمنا ان هذه الحكومة التي استغرق تشكيلها حوالي شهرين، ستعمر حتى اواسط
نيسان القادم، اي لمدة شهرين، ذلك ان الانتخابات التشريعية ستجري اواسط
تموز القادم، ويفترض في كل من ينوي ترشيح نفسه لها ان يقدم استقالته من اي
منصب حكومي بما في ذلك منصب الوزير.
ومع كل
ذلك فاننا نرحب بالتعديلات الطفيفة التي اجريت خاصة الاضافات التي اصابت
وزارة الخارجية ووزارة الداخلية، فهما وزارتان مهمتان مؤثرتان، الاولى كانت
تتحرك في نمطبة مقيته مفادها الاستجداء اكثر من الدبلوماسية، عدا عن ان ابو
اللطف في تونس كان يتنازع صلاحياتها بين الحين والآخر، رغم ما علق به من
تكلس سنوات البيرقراطية والثورة والتجارة والوزارة. اما الوزارة الثانية،
الداخلية، فهي التي طمرتنا بكل الفساد الأمني والتسيب والتجاوز، الآمر الذي
ادى الى ان نصبح مطالبين ممن هم اكثر سوءا منا في العالمين العربي والدولي
ان نحصر اجهزتنا الأمنية التي تفوق اجهزة الدول العظمى في ثلاثة فقط، وظل
الرئيس الراحل يمانع ويعارض ويماطل حتى النفس الاخير من انفاسه، مما ادى
الى استبعاد نصر يوسف بعد رفضه القسم امام عرفات، والدحلان، وما رافق ذلك
من عمليات احراق المقرات والخطف والخطف المضاد، وأخيرا اطلاق النار على
نبيل عمرو واستقالة محمود عباس.
اليوم
يعودون من اوسع الأبواب في مناصب حساسة للغاية، بعد الانتخاب المباشر من
الشعب والثقة التي منحت لمحمود عباس، ونتوخى فيهم كلهم القيام بواجباتهم
الملقاة على كاهلهم وكاهل وزاراتهم على أكمل وجه، والأهم بايقاعات سريعة
متسارعة تسبق موعد الانتخابات التشريعية. فهل تراهم قادرون؟
البعض
يعول على ذلك، خاصة ان عددا من الوزراء المطعونين في صدقيتهم قد نحوا او
تنحوا جانبا، ولكن احيانا ليس للامر علاقة بوزير مطعون هنا او هناك، في هذا
الجانب او ذاك، ولا بقدرته على التصدي لمهماته من عدمها، ولا حتى بقدرته
على الحركة والحراك نتيجة سمنته الزائدة واستئثاره الكسل والخمول وايمانه
المطلق باليأس من التغيير.
والبعض
يراها حكومة قديمة عاجزة، التطعيمات القليلة التي اجريت عليها غير قادرة
على احداث المامول جماهيريا، ولا حتى المطلوب، ولهذا لم تنل ثقة التشريعي
في جلسة منح الثقة، رغم ان نواب فتح في جلسة التسع ساعات صادقوا عليها
ليلا، ثم فرطوا ذلك نهارا ...
* كاتب
صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|