-
2006/1/15
القراءة الفاحصة لبرنامج حركة فتح الانتخابي تصيبك
بالحيرة والدوار، وتحيطك بنوع من الدهشة والذهول، والغربة والافتراق عن
الواقع
المعاش.
في مقدمة برنامج العمل للدورة البرلمانية المقبلة،
حديث غريب عن إنجازات فتح والسلطة، من حيث إنجاز دستور عصري، وقوانين
حديثة، ونظام
انتخابي تعددي، وشبكة حماية من الفقر، وازدهار اقتصادي نسبي، وخدمات
استثمارية
أفضل، وبنية تحتية متطورة، ومؤسسات أمنية تجهد لحفظ أمن الوطن والمواطن،
وغير
ذلك!!
الأكثر غرابة أن الاحتلال وعدوانه كانا الشماعة التي
علقت عليها فتح قصورها في إنجاز المهام الوطنية على الوجه الأكمل.
لم تمض بنا عجلة الأيام بعيدا حتى يأخذنا النسيان،
أو تغيب ملفات وحقائق الذاكرة المثخنة بالهموم والأوجاع، وسلسلة طويلة من
المآسي
التي لا تنسى.
لا زلنا نذكر الدستور والقوانين التي عُطلت واحتوتها
أرفف التهميش والتجاهل، وبات المصادقة عليها حلما بعيد المنال زمن الرئيس
الراحل
عرفات!! ولا زلنا نذكر القوانين الانتخابية التي مُسخت كثيرا، وطالتها يد
التغيير
والتبديل والتفصيل وفق المقاسات الفئوية!! ولا زلنا نعيش أجواء
الانتخابات التي
عُطلت، وأُريد تعطيلها وتجاوزها مرارا، لمآرب حزبية واضحة، واستدعاءها
وقت الحاجة
والمصلحة الضيقة!! ولا زلنا نعيش الفقر، ونتلظى بمرارة الوضع الاقتصادي،
فيما
مسؤولو السلطة، ذوي الانتماء الفتحاوي، يرفلون في الترف والنعيم ورغد
العيش على
حساب المواطن المطحون!! ولا زلنا نتذوق الثمار البائسة للفساد المالي
والإداري
وإهدار المال العام الذي غرقت فيه مؤسسات السلطة حتى النخاع، ونستشعر
سياسات
الإقصاء الوظيفي، ومحاربة أبناء المعارضة في قوت أطفالهم وأسباب رزقهم!!
ولا زلنا
نحترق تحت عسكرة المجتمع الفلسطيني، وتغول الأجهزة الأمنية الفلسطينية
على الحق
العام والخاص، ونتمزق تحت وطأة الفلتان الأمني الذي تمارسه، أو تدعمه، أو
تغض الطرف
عنه، الأجهزة الأمنية، حتى بات وطننا الفلسطيني أشبه بغابة تحكمها الفوضى
وعربدة
القوة السلطوية والعشائرية.
في ثنايا البرنامج الانتخابي حديث مستهلك عن التمسك
بخيار السلام الاستراتيجي، والالتزام بالاتفاقات الموقعة وخارطة الطريق،
وتفعيل
قضية الأسرى، وبناء دولة القانون والمؤسسات والمساواة والتسامح، وإعادة
الإعمار
وتنشيط الاقتصاد، ومواصلة مسيرة الإصلاحات في مختلف المجالات.
أي برنامج انتخابي هذا الذي يتمسك بالوهم (الاتفاقات
والمبادرات) الذي ذرته رياح العدوان والإرهاب الإسرائيلي، ويحاول استنساخ
المرحلة
الماضية بكل بؤسها وفشلها ومآسيها، ويصر على قصر وسائل الكفاح والنضال
على
المفاوضات التي يتأفف الإسرائيليون من مجرد ذكرها وسماع سيرتها؟