ثلاثي فلسطيني!

 

بقلم: أحمد عمرابي

 

صحيفة البيان الإماراتية 1/3/2005

 

من بين الأربعة والعشرين وزيراً الذين يكونون التشكيل الوزاري الفلسطيني الجديد هناك ثلاثة وزراء فقط هم الذين سوف ينفردون - بالتعاون مع رئيس الوزراء أحمد قريع وتحت قيادة الرئيس محمود أبومازن - بتوجيه مسار السلطة الوطنية الفلسطينية. وثلاثتهم ومن ورائهم أبومازن وقريع هم الذين يراهن عليهم الثنائي الإسرائيلي - الأميركي.

لذا لا ينبغي أن يكون مثار دهشة أن "إسرائيل" سارعت إلى الترحيب بالتشكيل الوزاري الجديد خلال بضع ساعات فقط من إعلانه. الوزراء الثلاثة هم اللواء نصر يوسف وزير الداخلية والأمن الوطني وسلام فياض وزير المالية ومحمد دحلان وزير الشؤون المدنية.

 

في دوائر السلطة الإسرائيلية والسلطة الأميركية يوصف كل من اللواء نصر ودحلان بأنه «رجل قوي». وهذه الشفرة لن تفهم على وجهها الصحيح إلا إذا أخذنا في الاعتبار أن المقصود "إسرائيلياً وأميركياً هو أن «قوة» كل من الرجلين موجهة تحديداً ضد فصائل المقاومة الوطنية.

 

وزير المالية سلام فياض أيضاً «رجل قوي».. وبنفس المفهوم الإسرائيلي الأميركي. وباعتباره أنه حارس الأموال التي تتدفق على الخزينة الفلسطينية فإنه يتمتع بنعت إسرائيلي أميركي إضافي وهو «الشفافية». فهو من فرط شفافيته ونزاهته وحزمه ودقته لا يسمح باعتماد أو تسريب أي قدر من المال إلى أسر الشهداء الفلسطينيين وكأن ذلك رجس من عمل الشيطان ينبغي اجتنابه.

 

المرحلة المقبلة هي إذن مرحلة الفصل الأخير من برنامج تصفية المقاومة الوطنية. الفصول السابقة كانت نظرية الطابع.. ولذا فإنها تمحورت في «دعوة» قادة الفصائل إلى نبذ السلاح طوعاً وبالتي هي أحسن. أما الآن، وبعد تشكيل الوزارة الجديدة، فإن الدعوة النظرية سوف تتحول إلى «فعل».

 

اللواء نصر وزير الداخلية سوف يستكمل عملية دمج الأجهزة الأمنية وتجهيز القوات الضاربة بتمويل من واشنطن ومساعدة «فنية» تدريبية من أطراف عربية من قبيل الاستعداد للمنازلة النهائية مع ميليشيات المقاومة. وبينما يواصل دحلان عمليات التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية سوف يستولي فياض على أي تبرعات مالية أو عينية تأتي من الخارج لمؤسسات المقاومة الخيرية لتحويلها إلى اعتمادات تخصص لمختلف بنود الصرف الأمنية.

وهكذا سوف يشرع آرييل شارون في تنفيذ خطة «الانسحاب» من قطاع غزة وهو مطمئن إلى أنه يترك وراءه حارساً أميناً.

 

وفي كل الأحوال لا أدري لماذا ينفرد تنظيم «فتح» وحده بتشكيل الحكومات الفلسطينية. فالتداول حول تشكيل حكومة قريع الجديدة انحصر في المجلس المركزي لفصيل فتح ثم نقل التشكيل إلى المجلس التشريعي لإجازته نهائياً علماً بأن عضوية المجلس التشريعي يسيطر عليها تنظيم فتح بأكثر من 60%.

 

فكيف يتقرر مصير الشعب الفلسطيني على صعيد الحكم بواسطة فريق واحد أحادي النظرة ينتمي إلى عهد أوسلو خاصة أن الصوت الاحتجاجي الأعلى ضد هذا الاحتكار يأتي من داخل تنظيم «فتح» نفسه، وتحديداً من فصيل «كتائب شهداء الأقصى» - الذراع العسكرية التي تمثل الأجيال الجديدة التي تعتنق مبدأ المقاومة المسلحة؟

 

إن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة في المرحلة الراهنة إلى حكومات تدير «دولة» لا وجود لها وإنما بحاجة إلى قيادة نضالية للتحرر الوطني. لكن التشكيل الوزاري الجديد لا يوحي إطلاقاً بأن حكومة قريع مؤهلة وطنياً لخوض مرحلة قضايا الوضع النهائي. إنها حكومة مصممة لأغراض المساومة على الثوابت المصيرية وبذل التنازلات الجسيمة دون مقابل بنفس الجسامة.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع