علاقات التوتر بين حماس والسلطة..
إلى متى؟!! |
د. حسن أبو حشيش
أستاذالصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة
3/10/2005:
اتسمت العلاقة بين حركة حماس وحركة فتح والسلطة
بالتوتر العام ,متنوعا هذا التوتر بين المد والجزر, وما تلبث حادثة توتر
أن تهدأ
حتى تنفجر حادثة أخرى , وبعيدا عن التشخيص الحاصل لهذه العلاقة لأنها باتت
من
المسلمات في الشارع الفلسطيني , فإننا هنا نحدد الأسباب التي تجعل من هذا
التوتر
مستمرا . حيث أوضحنا في مقالتنا السابقة عن الأسباب التي تجعل من حركة حماس
تحت
مجهر حركة فتح. ولكننا في هذه المقالة سنحدد جملة من الأسباب من شأن
البقاء عليها
زيادة الاحتقان الداخلي دون أمل في تخفيفه أو إنهائه.
فحركة حماس لديها تجربة مريرة مع السلطة ممتدة منذ
عام 1994 م حين وقعت أحداث مسجد فلسطين الشهيرة, وحملات الإعتقالات القوية
والكبير
في أعوام 95, 96م, 97,وما صاحبها من قمع وتعذيب لعشرات القيادات من حماس
وفرض
الإقامة الجبرية على الشيخ الشهيد احمد ياسين أكثر من مرة , ومصادرة
الأموال وإغلاق
المؤسسات, والحملات الإعلامية والنفسية التي حاولت تشويه الحركة ومنهجها
وقيادتها.... هذه التجربة المريرة والتي يرفضها كل حر تخشى حماس اليوم من
تكرارها
,
وباتت الثقة لدى حماس قاعدة وقيادة مفقودة في كل تصريحات السلطة, وخاصة وهي
تدرك
حجم الضغط الأمريكي والإسرائيلي على السلطة لتكرار التجربة , وما تنص عليه
خارطة
الطريق, لاسيما وحماس مقتنعة بوجود فئات معينة تتقاطع مع هذه الضغوط , لذا
نجد
الصورة ماثلة أمام كل إنسان من حماس لمجرد أدنى إحتكاك , مما يؤدي إلى
التصعيد في
أتفه الأمور وأبسطها.
أما حركة فتح فهي تعتبر نفسها صاحبة أداء وطني على
مدار أربعين عاما , وهي صاحبة الفضل في إنشاء سلطة للشعب الفلسطيني , و هي
الحاكمة
والآمرة والناهية والمتحكمة في مقاليد الأمور, ولكنها ترى أن هذا يتلاشى ,
ومهدد
بالزوال التدريجي على يد حماس التي تزداد قوتها يوما بعد يوم بعد نتائجها
في
الإنتخابات البلدية في مراحلها الثلاث وعزمها على المنافسة في الانتخابات
التشريعية, وهذا الأمر نجده ملموسا في غض الطرف عن كل التصرفات والتصريحات
التي
تأتي ضد السلطة من أي فصيل مهما كانت قاسية ومتشددة, بينما لم نجد تجاوزا
عن أي
تصريح لحماس مهما كان سطحيا أو هامشيا...
وإضافة لذلك نجد أن الإنتقائية في تطبيق القانون
,
والتفسيرات الخاطئة لكثير من المواقف , وعجز السلطة عن لملمة نفسها وترتيب
أوراقها
الداخلية , من الأمور التي تساعد على إثارة الفتنة وتأجيجها كل حين.
الذي دفعني إلى هذا الحديث هو ما جرى يوم الأحد
2/10/2005م
في مخيم الشاطئ, الذي سببه حملة وقف الفلتان الأمني, وإستغلالها بشكل
لا يليق ,وتطبيقها إنتقائيا.
ونظرا لحاجتنا الماسة لمقترحات عملية لا عبارات
إنشائية فإنني أضع بين أيادي الجهات ذات العلاقة والرأي العام جملة
المقترحات
الآتية:
1-
على السلطة التأكيد الرسمي والموثق لحركة حماس أن
تجارب الماضي لن تتكرر لا تكتيكا ولا استراتيجيا وأن الضغوط الخارجية
والداخلية لن
تنجح.
2-
على حماس التأكيد الرسمي والموثق للسطة أنها لا
تنازعها بالقوة , ولا تسعى للإنقلاب عليها , وأنها تؤكد قولا وعملا معنى
الشراكة لا
الإستفراد.
3-
إعادة تشكيل لجنة المتابعة حتى تكون أكثر فاعلية
وقوة وتأثير,وأكثر حيادية, ولا تنحاز إلا للحقيقة , على أن يكون رئيسها من
خارج
الفصائل والقوى وتضع لها ميثاق عمل ونظام أساسي يحكم عملها.
4-
إجراء حوار معمق وقوي وسريع وموثق ومنشور إعلاميا
حول تحديد مفهوم الفلتان الأمني , وآلية جمع السلاح غير الشرعي , وعلاقة
قطاع غزة
مع أشكال المقاومة, بما في ذلك شكل وطريقة وجود الشرطة في الشوارع كي يشعر
المواطن
بالأمان , لا أن يصبح غير قادر على التمييز بين سلاح الفلتان و السلاح
الرسمي لأنني
كمواطن مستاء جدا من شكل التعامل مع المواطنيين في هذه القضية, ويجب على
الشرطة ان
تحافظ على علاقات حميمة مع الجميع لأنها للجميع لا لفصيل دون الآخر.
5-
يجب لجم وسائل الإعلام الرسمية والخاصة
والفصائلية, والعمل على عدم تحويلها إلى بوق يسيء إلى القضية الفلسطينية,
وفي هذا
الصدد لقد شاهدت الفضائية الفلسطينية في دار الشفاء مساء الأحداث فلم أجدد
إلا
رسائل محرضة وغير موضوعية , ونسي الذي يقدمها أنه أمام العالم, وتناسى أنه
ينقل
صورة سيئة عن الشعب الفلسطيني أصابت السلطة قبل حماس, من هنا فإنني أشدد
على كافة
وسائل الإعلام أن تستفيد من التجربة , وألا تتحول لبوق مثير إلى الفتنة مها
كان
الإنتماء, فإعلام له رسالة بناء وتوحيد وإصلاح, وتصبح أكثر أهمية حين
الأزمات.
6-
أطالب الجميع سواء في حماس أو السلطة أن تباشر
بحملة توعية كبيرة جدا لأفرادها, ويزرعوا مبدأ قبول الآخر وإحترامه فالوطن
ليس حكرا
على أحد.
إن الأحداث التي تحدث بعفوية أو بتخطيط بين الفينة
والفينة لن ترحم أحداً , ولا فائز فيها إلا الإحتلال
وأعوانه, فالمطلوب بأقصى سرعة ممكنة وقف هذه
المهازل التي تتكرر وتسعر بأدوات هنا وهناك, فالمواطن لم يعد يحتمل
هذه المهاترات...كفى تحريضا, كفى تعبئة خاطئة, كفى تفسيرا
مغلوطا للأحداث , كفى رفضا للآخر على هذه السفينة ,
لقد ارتضينا الاحتكام للانتخابات الحرة والنزيهة
والمستمرة كقانون ينظم العلاقة. التاريخ لن يقف عند أحد, ولن يرحم من كان
سببا...إن دماء الشهداء تناديكم, ومعانات الجرحى
والأسرى والمعسرين تستصرخكم. |