«التنسيق الأمني».. إلى متى؟

 

بقلم: أحمد عمرابي

صحيفة البيان الإماراتية 5/2/2005

 

بينما تجري الاستعدادات لعقد اجتماع قمة في شرم الشيخ يوم الثلاثاء تجمع كلاً من محمود عباس أبومازن رئيس السلطة الفلسطينية وأرييل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية مع كل من الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تنهمك قوات أمنية فلسطينية في حملة لإغلاق الإنفاق الحدودية في رفح التي تستخدمها فصائل المقاومة الفلسطينية لتهريب أسلحة وذخائر من الخارج.

وإغلاق الإنفاق سبقته إجراءات تضمنت توجيهات من قيادة السلطة الفلسطينية إلى التلفزيون والإذاعة الرسميين بوقف بث مواد «استفزازية وتحريضية» ضد "إسرائيل" ونشر أربعة آلاف من قوات الأمن الفلسطينية في قطاع غزة على الحدود مع "إسرائيل".

وهكذا يتضح يوماً بعد يوم أن الهدف الأكبر من اللقاءات والاتصالات الفلسطينية مع السلطات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية هو ضمان حماية أمن الدولة الإسرائيلية.

ورغم الزخم السياسي والإعلامي المتعاظم حول هذه اللقاءات والاتصالات فإن المكافأة التي وعد بها الجانب الفلسطيني هي تعهد الحكومة الإسرائيلية بسحب قواتها من المدن الفلسطينية إلى ما كان عليه وضعها قبل 28 سبتمبر 2000 ـ أي قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

الآن انقضى على اتفاق أوسلو 12 عاماً، فهل يعقل أنه طوال هذه الفترة لم تحسم أية واحدة من المسائل الجوهرية التي يطلق عليها «قضايا الوضع النهائي»؟

وحتى قمة شرم الشيخ المرتقبة لا ينتظر منها أن تبحث في قيام دولة فلسطينية على حدود 67 أو عودة اللاجئين إلى "إسرائيل" 48 أو مصير القدس بينما بات من المؤكد أن أبومازن سينتهز فرصة انعقاد القمة ليعلن - في حضور شارون خاصة - نهاية الانتفاضة.

فإلى متى تبقى القضايا المصيرية على الرف؟

إن حصر اللقاءات والاجتماعات المتسلسلة في شؤون «التنسيق الأمني» مفيد جداً لشارون لأنها توفر له مساحة زمنية لاستكمال الجدار الفاصل الذي يقصد به خلق حدود جديدة في أراضي الضفة على حساب الرقعة الأرضية للدولة الفلسطينية المستقبلية.

 وفي مقابل ذلك لا ندري على وجه الدقة ما هو الهدف الاستراتيجي لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، لكن ما نراه على الأرض لا يوحي إلا بأنه يسعى إلى خلع أسنان فصائل المقاومة عندما يكتمل تجهيز قوات السلطة الأمنية كقوة ضاربة.

 

حالياً يتباحث فريقان، فلسطيني وإسرائيلي، حول البنود التي ينبغي أن توضع على جدول أعمال قمة شرم الشيخ، وكنا نتمنى أن يصر أبو مازن على تخصيص القمة لمناقشة قضايا الوضع النهائي المصيرية لا أن تقتصر على الشؤون الأمنية الثانوية.

وذلك كشرط لمشاركته في القمة.. أو على الأقل أن تكون مشاركته في هذه القمة مع محدودية جدول أعمالها مشروطة بعقد قمة لاحقة لقضايا الوضع النهائي.

لقد كان إبرام اتفاق أوسلو أعظم خطأ استراتيجي وقعت فيه القيادة الفلسطينية، وكان أخطر ما في هذا الخطأ قبول الجانب الفلسطيني تأجيل البت في قضايا الوضع النهائي، ولما كان أبو مازن المفاوض الرئيسي في اجتماعات أوسلو السرية، فإن من المفترض أن يكون الآن أفضل من يدرك جسامة هذا الخطأ بعد مضي 12 عاماً على الاتفاق لم تفرز سوى تكريس قوة الاحتلال الإسرائيلي.

ومع تهاون أبو مازن حالياً في الدفع بقضايا المصير الفلسطيني والإصرار عليها فإنه لن يصدق أحد أن هذا الزعيم المخضرم استفاد من درس خطأ أوسلو.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع