تداعيات واستحقاقات
 

  سوسن البرغوتي


  اختصرت القيادة الفلسطينية الجديدة وعودها السرابية، بإصدار بيانات تشجب عمليات استشهادية والتفريط العلني لحق العودة واسترجاع الأرض الفلسطينية المغتصبة. كما خلت من الأصوات التي  تعدل في كفة ميزان التصريحات السلطوية بإختراق واضح  للثوابت الوطنية. وكأننا فرحين بإجتماعات وقمم تؤجل وعود صهيونية في الانسحاب من غزة، في حين أنها تعزز مستوطناتها في الضفة وتمضي قدماً في بناء الجدار النازي.
 ليس الأمر بالمستحيل، أن نرى التصويت في الكنسيت "الاسرائيلي" قريباً جداً على الشاشة العربية، بعرقلة عملية "الاستسلام" ونزع حكومة شارون المتساهلة بحق الاستيطان!، للعودة بالمباحثات إلى نقطة الصفر. فكل حكومة "اسرائيلية" تجّب مفاوضات ما قبلها. والتنازلات المقدمة تبقى ملزمة للطرف الفلسطيني فقط، وإلا لوّحت أمريكا بالعصا من جديد ، وعلى السلطة الالتزام بتطبيق الاتفاقيات المشبوهة من طرف واحد، تساهم بدورها على إغتيال ما تبقى من القضية الفلسطينية، وتحولها إلى قضية إقليمية بحتة، لا تملك السيادة  ولا حق المطالبة بثوابت تاريخية وجغرافية لعروبة وانتماء فلسطين إلى الوطن العربي.
احتكرت التشكيلة الوزارية القرار وتقرير مصير شعب يتعرض إلى تطهير عرقي اليومي، وهذا ليس من أجندة القيادة!، وإنما من أولياوياتها  فرض المزيد من الضغط  للقبول بتصفية شاملة تجعل من"اسرائيل" جار معترفاً به كمحرك  يجر الوطن العربي إلى عهد العبودية، ويفرز صراعاً بين أدوات هذا العهد وبين المقاومة الشعبية التي ترفض القمع السلطوي . وبهذا تنتصر قوى الشر بتفكيك البنية التحتية، مبتدئة بالتمكن من القرار الفلسطيني الرسمي التابع لها، وتحويل الطاقات النضالية إلى تناحر داخلي.
   فماذا بعد اجتماعات بروتوكولية في شرم الشيخ ! وما الجديد الذي قدمته سلطتنا العتيدة؟! وما هي إنجازات هذه الاجتماعات؟!.
 خرجت القيادة الفلسطينية من الاجتماعات مزهوة بأنها شاركت بدعم وتنفيذ سريع لتفتيت أكبر للشق العربي وخارطته، والانصياع دون تذمر. وأما لقاء لندن، فهو ليس أكثر من إعادة تأهيل عاجزين عن القيادة، وإتاحة الفرصة السانحة لتدخل بريطاني مباشر على الأجهزة الأمنية التي تعمل بتوجيهات وأوامر شارون وبلير، لُتطوق المقاومة الشعبية من كل الجهات. إضافة إلى التوسل بدعم الشعب الفلسطيني، هو ما حرص المتسولون بإسم الشعب الفلسطيني على استمالة العواطف الغربية، لتُضم الأموال مجدداً إلى الأرصدة الموروثة.

وعودة إلى التركيبة الحالية للقيادة الفلسطينية ، فإنها ستواجه الصعاب مع كوادر فتح الأخرى لتجاهل النخبة الحاكمة والتفرد بالقرار السياسي في سباق مارثوني لتسوية مخزية.
 وما إرهصات النخوة التي بدأت تجد طريقها إلى النور، وتقدم مجموعة من أعضاء  لجنة التعبئة والتنظيم في فتح بإستقالة جماعية، إلا نتيجة ممارسات تُسيء إلى المصلحة الوطنية بغطاء ديمقراطي مفصل على مقاس يُحدد بمدى التعاون مع الصهيانة ولا يخرج على هذا الإطار المحدد، لا البحث عن مخرج من هذا المأزق الذي أحرجت القيادة حركة فتح بالانحراف عن أبجديات الحركة.

فالحديث عن الإصلاح بات ضرباً من المستحيلات، بعد استلام دفة الحكم نفس تركيبة الفساد. والتغيير الجذري في القيادة هو المطلب المجدِ، لترتيب أجندة وطنية تسعى إلى إعادة النظر في استحقاقات تعوّض الخسائر التي ُمني بها الشعب الفلسطيني على صعيد جبهته الداخلية من فوضى وفساد ، وتورط في مباحثات ضاربة بعرض الحائط عقود من الكفاح ضد الاحتلال.
 إن إنبثاق جبهة وطنية مستقلة تعمل على إنقاذ وترميم ما أفسدته ثلة تحكمت بمنطق المصالح الخاصة، وبمعزل عن رؤية موضوعية لما آل إليه واقع الشعب والقضية الفلسطينية، هي استحقاقات المرحلة التي تدعو إلى طرح الميثاق الوطني الفلسطيني الأساسي، يلزم بورقته الوطنية القيادة والشعب على حد سواء بمواصلة النضال السياسي والمسلح حتى التحرير.


 http://www.arabiancreativity.com/sb44.htm

 

7/3/2005

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع