كفوا عن وضع العراقيل وتصدوا لاسرائيل

 جمال حشمه

تطبيق سياسة فرض الاْمر الواقع من قبل الصهاينة الاسرائيليين على السلطة والشعب الفلسطيني  أصبحت قاب قوسين أو أدنى ، لفرض الحل النهائي من وجهة النظر الاسرائيلية المدعمة غربياً لانهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني على أرض فلسطين ، حيث أن السياسة الاستراتيجية المعتمدة لدى الصهاينة بقيادة زعاماتهم : رابين و شارون وخلفه أولمرت تهدف الى تنفيذ اتفاقية اوسلو حسب الرؤية  والمفاهيم الاسرائيلية الاْميريكية وتطبيقها على السلطة والشعب الفلسطيني من جانب واحد بمبررات واهية وهي : عدم وجود شريك سلام فلسطيني .

تنفيذ خطط احادية الجانب من قبل اسرائيل بدعم أميركي واوروبي  بدأت مباشرة بعد رفض الشهيد  أبوعمار التوقيع على الحل النهائي اثناء  زيارته الاْخيرة لواشنطن عام 2002 وعدم تنازله عن مدينة القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ، وذلك باجتياح عسكري كامل للضفة الغربية وارتكاب مجزرة جنين وسياسة الاغتيالات للقادة المناضلين وحصار الرئيس أبو عمار في مقر رئاسة المقاطعة في رام الله .

المؤشرات كثيرة وعديدة لتنفيذ سياسة احادية الجانب وفرضها على الفلسطينيين منها :

بناء سور العزل العنصري لتحديد وترسيم حدود دولة اسرائيل المستقبلي ، انسحاب احادي الجانب من قطاع غزة ، التصريحات الاسرائيلية بنية الانسحاب من بعض المستوطنات في الضفة الغربية والابقاء على الكبرى منها ، قضم كامل لمدينة القدس ، ضم أراضي في منطقة الغور لاستكمال بناء السور لترسيم الحدود الاسرائيلية والتهديد بطرد وتهجير أهاليها من أراضيهم كما حدث في عام 1948 ، محاولات سياسية دؤوبة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم ، عدم الاعتراف بحكومة السلطة الفلسطينية كونها مصنفة بالارهابية رغم أن المجلس التشريعي الفلسطيني منتخب ديمقراطياً ، فرض عزلة دولية على السلطة والشعب الفلسطيني ، ممارسات اسرائيل الدائمة بالحصار والتجويع والتدمير والقتل اليومي وسياسة التصفيات الجسدية المعلنة من أجل تركيع السلطة والشعب الفلسطيني ، عدم دفع المستحقات المالية من عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية ، فرض حصار مصرفي  بعدم التعاملات المالية مع السلطة الفلسطينية ، عدم اعتراف اسرائيل بوجود شريك سلام فلسطيني حتى بعد وفاة أبو عمار وانتخاب أبو مازن .

أطماع الصهاينة باقامة دولة اسرائيل الكبرى قد اصطدم وتحطم على صخرة الصمود الاسلامي والعربي كون اسرائيل كياناً دخيلاً على الاْمتين الاسلامية والعربية في منطقة الشرق الاْوسط .

فشل مشروع اقامة دولة اسرائيل على كامل التراب الفلسطيني يعود فضله للثورة والشعب الفلسطيني الذي قدم التضحيات الجسام من أجل فلسطين على مدار 57 عاماً من التهجير والمعاناة واصراره على حق العودة رافضاً لكل المشاريع التوطينية  و40 عاماً من النضال والكفاح المسلح  منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية .

انتفاضة الشعب الفلسطيني الاْولى عام 1987 التى جعلت اسرائيل ترضخ وتقر بالاْمر الواقع وتجلس حول طاولة المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية وتوقيع اتفاقية اوسلو وعودة المناضلين الفلسطينيين الى أراضي قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967 .

انتفاضة الاْقصى الشعبية عام 2001 التى جعلت اسرائيل تركع وترحل عن جزء من قطاع غزة .

انبثاق حركات المقاومة الاسلامية حماس والجهاد من داخل فلسطين المحتلة دلالة على رغبة استمرار المقاومة المسلحة من قبل الشعب الفلسطيني ، رغم تضحياته الجسام ومرارة الحياة تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي لاراضيه وتردي الاوضاع الاقتصادية ، غير أنه قرر الصمود واستمرار المقاومة .

رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية قد غيرت ميثاقها الوطني الفلسطيني وانتهجت سياسة السلام وتخلت عن سياسة الكفاح المسلح واعترفت بدولة اسرائيل ووقعت اتفاقية اوسلو برعاية أميريكية واوروبية ، وانبثقت عنها حينذاك عام 1993 السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات وبعدها مفاوضات سلمية دامت 14 عاماً لم تستطيع السلطة الفلسطينية التوصل مع اسرائيل الى تطبيق الاتفاقيات السلمية المبرمة معها ، وأخفقت باقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين الى أراضيهم ، وذلك يعود الى التعنت الاسرائيلي ونكرانه لوجود الشريك الفلسطيني الذي وقع معها اتفاقية اوسلو ، لتطبيق سياسة فرض الاْمر الواقع على السلطة الشعب الفلسطيني .

في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الاْخيرة  قرر الشعب الفلسطيني بالديمقراطية النزيهة والشفافية المطلقة اختيار من يمثله لقيادة السلطة الفلسطينية في الصراع القائم مع الصهاينة ، والحكومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس وبرنامجها السياسي أصبح مطلوباً فلسطينياً على كل المستويات الشعبية والسياسية وفصائل المقاومة الفلسطينية للتصدي لاسرائيل ومنعها من فرض سياسة احادية الجانب على السلطة والشعب الفلسطيني .

المطلوب من فصائل المقاومة الفلسطينية والقوى السياسية أن ترتقي وتسمو الى مستوى تطلعات وأمال الشعب الفلسطيني وتضحياته وصموده وقراره بتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والنضال المشترك ضمن حكومة فلسطينية واحدة ، وبالذات الاْخوة في حركة فتح الشرفاء والمناضلين الاْحرار ، كون حركة فتح هي التنظيم الفلسطيني الذي تحمل مسؤولية قيادة منظمة التحرير ومؤسسات السلطة الفلسطينية .

من أجل التصدي للمشروع الصهيوني ودحره ، يتوجب علينا الاقدام على الخطوات التالية :

1 – عدم التلويح بورقة منظمة التحرير الفلسطينية لافتعال أزمة سياسية مع الحكومة الفلسطينية التي حازت على ثقة المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب ديمقراطياً ، والعمل المشترك على كسر العزلة الدولية المفروضة على السلطة والشعب الفلسطيني .

2 – عدم افتعال حالة العبثية وفوضى السلاح على الساحة الفلسطينية ، مما يعيق الحكومة الفلسطينية من أداء واجباتها القانونية والدستورية لخدمة القضية والشعب الفلسطيني .

3 – عدم افتعال معركة الصلاحيات بين مكتب الرئاسة والحكومة الفلسطينية ، ومحاولات تحجيم صلاحيات الحكومة لصالح مؤسسة الرئاسة ، ومحاولات الالتفاف المكشوفة بتشكيل حكومة تابعة لمكتب الرئيس امثال : صائب عريقات – ياسر عبد ربه – ناصر القدوة – نبيل أبو ردينة للتفاوض مع الاسرائيلين والاْميريكان والاوروبيين تارة بأسم مكتب الرئاسة وتارة أخرى بأسم منظمة التحرير ، وانشاء صندوق مالي برئاسة سلام فياض بحجة الصرف على مؤسسات السلطة الفلسطينية بمعزل عن الحكومة والمجلس التشريعي الفلسطيني ، والتعيينات من قبل مكتب الرئاسة كما حدث بتعيين رشيد أبو شباك مدير عام جهاز الاْمن الداخلي بمعزل عن وزير الداخلية ، وتحويل تبعية ادارة المعابر والحدود لمكتب الرئاسة .

4 – عدم المساهمة بالضغط على الحكومة الفلسطينية بما يخص رواتب الموظفين في مؤسسات السلطة الفلسطينية ، حيث أن وزير المالية قد وجد خزينة الدولة فارغة تماماً ، وترزح تحت دين ثقيل بقيمة مليار ونصف مليار دولار ، وحسابات مصرفية مكشوفة بقيمة 640 مليون دولار ، ومستحقات شهرية للسلطة بقيمة 206 مليون دولار ، المفترض أن الحكومة السابقة هي التي تتحمل مسؤولية هذا العجز المالي .

5 – عدم وضع العراقيل أمام انخراط كادر حركة حماس بالوزارات والمؤسسات الفلسطينية من أجل تفعيلها وتحديثها لاداء مهامها الوطنية بالشكل الاْفضل ، وخاصة رئاسة الوزراء – وزارة الداخلية – وزارة المالية – وزارة الاعلام – وزارة الاقتصاد – وزارة التعليم – وأهمها وزارة الخارجية حيث أن هذه الوزارة تعاني من الترهل والعجز على مدار أعوام طويلة ، والسفارات الفلسطينية بحاجة الى تحديث وتفعيل وكادرها السياسي من سفراء وموظفين لا يتمتعون بالكفاءات الدبلوماسية ولا يخدمون القضية والشعب الفلسطيني على جميع المستويات السياسية ، الاعلامية  الاجتماعية ، ولا حتى الانسانية .

6 – عدم التعنت والاعتراض على تفعيل واعادة بناء هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية لتضم كل الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية ، واعادة صياغة ميثاقها الوطني الفلسطيني ، واجراء انتخابات ديمقراطية لاْعضاء المجلس الوطني الفلسطيني ، لكي تصبح المرجعية الاساسية للسلطة الفلسطينية ، والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .

اتخاذ الاتحاد الاوروبي قراراً بقطع المساعدات المالية للسلطة والشعب الفلسطيني بتوافق مع السياسة والقرار الاْميريكي لابتزاز الحكومة الفلسطينية وانتزاع اعتراف منها بدولة اسرائيل ، فهو مؤشر خطير للمرحلة القادمة على السلطة والشعب الفلسطيني .

لقد حان الوقت لضم الصفوف وتوحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية من أجل تحدي الصعاب جنباً الى جنب مع أبناء الشعب الفلسطيني لوقف الهجمة الصهيونية وممارساتها البربرية اليومية ورفض سياسة احادية الجانب المنتهجة من قبل اسرائيل ، والتصدي بالتلاحم لكسر العزلة الدولية على السلطة والشعب الفلسطيني ، واحباط كل المؤامرات والمكائد التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني .

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع