السلطة تقول للعالم ان اسرائيل على حق فيما ترتكبه من مجازر

بقلم: حمدي فراج  *

هذا ليس عنوانا ادعائيا صارخا ضد السلطة، ولا مبالغا، ولا يأتي من باب التحريض عليها فيكفيها ما هي فيه من تشرذم ومذلة وفساد، للدرجة التي بات فيها حالها يصعب على الكافر.

فبعد رئيسها ياسر عرفات الذي استنكر جميع العمليات الاستشهادية، والتي وصل في بعضها ان يتهم منفذيها بالارتباط مع الاحتلال، كما عملية اغتيال زئيفي، وبيت ليد وبئر السبع المزدوجة مؤخرا، كان الرئيس في ربطه استنكارها، استنكاره لكل العمليات التي تستهدف المدنيين من الطرفين، للدرجة التي صورنا فيها ان لدينا دولتنا وجيشنا وعتادنا، مما جعل العالم الأعمى يتعامل مع مجزرة شمالي غزة (جباليا وبيت لاهيا) وقبلها وسط غزة (خانيونس) وقبلها جنوب غزة (رفح)، على انها عمليات مشابهة وموازية لعمليات الفلسطينيين، او ردا عليهم وبالتالي دفاعا عن النفس، فيصنف الفعل المناضل للمقاومة، على انه من نفس عائلة الفعل الاحتلالي.

بالأمس خرج علينا هذه المرة رئيس وزراء السلطة الذي ناشد الفصائل الفلسطينية بعدم اعطاء المبرر لجيش الاحتلال ان يرتكب المزيد من مجازره بحق الشعب في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، والمهم في هذا الموضوع ان مناشدة رئيس وزراء السلطة ارسلت للفصائل في مؤتمر صحفي، الأمر الذي يعني انها وصلت لكل الناس، بما في ذلك للاسرائيليين، قبل ان تصل لأصحابها ممثلو الفصائل.

ان رئيس وزراء السلطة، ابقاه الله ذخرا لهذه السلطة، يعتقد انه يفهم في السياسة والنضال والدبلوماسية والتاريخ والمستقبل والجغرافيا والحرب والسلام، ولهذا لا يتوانى في اطلاق تصريحاته دون حساب، وهذا ما حصل بعيد عملية بئر السبع قبل حوالي اسبوعين، حين خرج الى وسائل الاعلام محتدا، ليقول ان اسرائيل تملك الآن مبررات الرد، وما كاد لينام ليلته الأولى حتى كانت اسرائيل تقصف ملعب الشجاعية فتقتل 15 متدربا قالت انهم اعضاء من حماس. وماذا كان رد فعل رئيس وزراء السلطة على عملية اسرائيل؟ كان: ألم أقل لكم؟ ألم انبهكم؟ الم أحذركم؟ ثم قرا الفاتحة على أرواح الشهداء، داعيا ان يكون ماواهم الجنة.

واليوم، يوجه لحماس وقف اطلاق القسامات، كي تقوم اسرائيل بوقف عمليات القصف والقتل والتدمير. وحين لا تنزل حماس عند طلب قريع، كونها لا تثق به ولا بما تسميه منطقه المغلوط والاستسلامي، توغل اسرائيل في القصف والتدمير والتقتيل أكثر فأكثر، ولسان حالها يفيد: اسالوا احمد قريع الذي طلب من حماس وقف اطلاق القسام لكنها رفضت. اسالوا أحمد قريع ان كان معنا حق في المواصلة  ام لا.

لقد وصلت المسألة مع مدير مكتبه حسن ابو لبده، وهو بمنصب وزير، في المناظرة مع الناطق باسم الحكومة الاسرائيلية التي بثتها الجزيرة ليلة أمس ان وصفه الأخير بانهم لا يريدوا ان يتعلموا، رغم ان الوزير وضع اللائمة ايضا على حماس وطالبهم بسحب المبررات من يد اسرائيل، يقصد وقف اطلاق القسام.

أما رئيس تحرير جريدة السلطة، فكان أكثر (جرأة) حين كتب في عموده اليومي بالحرف: نقول لكل الفصائل ان السمسرة على الدم يجب ان تتوقف، فلا يجوز التضحية بالدب من اجل قتل الذبابة، ولا يجوز التضحية ببيت حانون من أجل صاروخ ...

واذا ما سمح لي الزميل رئيس تحرير جريدة السلطة أن أوضح حول التضحية، فانه لم يعد خافيا على أحد ان خوف السلطة ليس متأتيا على التضحية ببيت حانون، بل بالمكاسب والامتيازات التي حصلت عليها هذه السلطة ورجالاتها، والتي ستتبدد لا محالة اذا ما استمر الوضع على ماهو عليه اليوم، وواضح انه في تصاعد، بما في ذلك القسامات، او (الحدايد) كما يحب البعض من اركان السلطة تسميتها. ان كل حديدة تنزل على الدفيئة المحمية سديروت، تسحب امتيازا آخر من امتيازاتهم ومكتسباتهم التي جمعوها على أكتاف الناس وتضحياتهم.       


* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة – بيت لحم

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع