السلطة الفلسطينية غير الديمقراطية تهرب الى الأمام
بقلم: حمدي فراج *
أرادت السلطة الوطنية باقرارها مرسوما رئاسيا، يقضي باجتراح عملية غريبة
عجيبة هي ما اسمته بالتسجيل للانتخابات، أن تهرب من اجراء الانتخابات، على
الأقل لمدة سنة، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، أرادت أن تصّدر ازمتها
الفسادية التي كادت أن تعصف بها الى خارج السجال الوطني برمته، وهو الذي
تأتى عبر خطف مدير شرطتها العام اللواء غازي الجبالي، والذي اضطر بعدها
القائد العام ان ينزل عند المطالبة بتنحيته، فنحاه. وما اتبع ذلك من التورط
في اطلاق النار الدمدمي على النائب نبيل عمرو، والذي نجا منها، رغم ان ساقه
لم تنجو، والفاعل ظل مجهولا، وتعيين أحد أقرباء الرئيس في منصب قائد للأمن
الوطني، والاحتجاجات التي أعقبت ذلك ... الخ ، أما الناحية الثالثة، فان
عملية التسجيل، ستكون بمثابة معرفة نتائج اي انتخابات مزعومة قادمة سلفا،
طالما ان المسجلين هم الذين سينتخبون، وعلى ضوئها ستتقرر الانتخابات او
تتأجل، او تتجزأ.
ولقد وقعت الفصائل الوطنية والاسلامية على جد سواء في فخ التسجيل، مدركة
حقيقة هذا الفخ، او غير مدركة، والأغلب ان لعابها قد سال على مناصب
البلديات بالتحديد، رغم ان جزءا منها لغز من طرف خفي في معمعان التحريض
والتنديد باتفاقية أوسلو، على البلديات، اي بلديات، حين قالوا: ياسر عرفات
يستبدل منصبه من رئيس ثورة الى رئيس بلدية، ومهما يكن من شيء، فان البلدية
في كل الأعراف لا يتجاوز سقفها في كل الاحوال خدمات مدنية للسكان، ولهذا
وافق الاحتلال الاسرائيلي بعد أقل من سبعة أعوام على احتلاله للضفة والقطاع
على اجراء انتخابات بلدية في كل المدن في يوم واحد.
هروب السلطة الى الأمام يتواصل بمساعدة الفصائل، ووزير الحكم المحلي يصرح
بملء الفيه ان الانتخابات البلدية ستجري على مدار عام كامل، وهذا ما لم
يفعله الاحتلال بشعبنا، فأي ديمقراطية هذه التي تجري فيها انتخابات بلديات
(خدمات) على مدار عام كامل؟ واذا كانت انتخابات البلديات (الخدمات) ستستغرق
عاما كاملا، ترى كم من الوقت سيستغرقنا إجراء انتخابات المجلس التشريعي، و
بالتالي، الانتخابات الرئاسية؟
قبل أيام معدودة، ونحن لّما نزل في معمعان عملية التسجيل، لانجاز عملية
انتخابات ديمقراطية مئة في المئه، وفق الزعومات، قامت وزارة الحكم المحلي
بتعيين اربعة أعضاء جدد في مجلس بلدية بيت جالا، وهي الأماكن التي شغرت بعد
تقديم عدد من الأعضاء لإستقالاتهم قبل حوالي خمسة اعوام، ليتساءل المرء:
لماذا هذا التعيين في هذا الوقت الذي بدأنا الاعداد فيه للانتخابات
الديمقراطية؟ وهل يجوز دخول الوزارة على الخط اثناء عملية التسجيل؟ خاصة
وان هناك قرار وزاري بتاريخ 17/5/2004 يقضي بمنع ووقف اية تعيينات لحين
اجراء الانتخابات.
ذهب عدد من رؤساء البلديات الى الرئيس ياسر عرفات يطالبونه بتأجيل انتخابات
بلدياتهم، وعلى ما يبدو بلدية بيت جالا، كما هي بيت لحم، من بين الذاهبين،
فكيف سيمدد الرئيس بقائهم ثماني سنوات اخرى ولديهم هذا العدد من الشواغر؟؟؟
الهروب الى الأمام، وصل كما تقول لجنة الانتخابات المركزية، الى حد ان
اجهزة أمنية، كالمخابرات والأمن الوقائي –الذي قيل انه تم دمجه- تتدخل في
عمليات التسجيل، كالاتصال بموظفي اللجنة، والذهاب الى منازلهم، حيث طلبوا
منهم تقديم تفاصيل حول أعداد واسماء الاشخاص الذين قاموا بالتسجيل...
انهم بذلك يستبقون الاحداث، فالقوائم ستصل الى مرجعياتها في الوقت المناسب.
* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|