شواءُ اللحم الفلسطيني
بقلم
احمد ابراهيم الحاج -
2006/4/22
ذهب ثلاثة اخوه الى البر ، وفي نيتهم الصيد ، واخذوا معهم ادوات الشواء،
وصحناً من السلطه ، وطال بحثهم عن غزالً او ارنبً او طير ، ولكن بدون
جدوى، واخيراً انهكهم الجوع ،ويئسوا من الصبد ، فلجأوا الى صحن السلطه
ليسدوا رمق جوعهم ، وتصارعوا عليه وانكب على الأرض ، وضاع تحت اقدامهم ،
وظلوا بجوعهم ، ورجعوا الى البيت كل من طريق، مختلفين متفرقين
ومتخاصمين.
قفز الى مخيلتي هذا المشهد أمس وبالتحديد يوم الجمعه 21نيسان 2006 بعد ان
شاهدت المناظره بين الاستاذين ياسر عبد ربه ومحمد نزال في برنامج حصاد
اليوم بالجزيره. فكما قالت وسائل الاعلام " اشعلها مشعل" ونفخ فيها نزال
وعبد ربه واوقدوها، ونشروا
الغسيل الفلسطيني على وسائل الاعلام ، فتحيه الى المناضلين
الثلاثه.
وبدأ الاخوة الثلاثه يشوون اللحم الفلسطيني ، على النار المشتعله ، وذلك
لعدم توفر اللحم الحلال ، فأخذوا يشوون لحم البشر من بني جلدتهم. ما
هكذا يناقش الخلاف العائلي يا اخوه، ولا هكذا يحل الاشكال في بيت العائله
الواحده ،واذا اتبع هذا النهج في اي بيت ، سوف ينظر النلس الى هذا البيت
على انه يفتقد الالفه والمحبه والرحمه والمصالح المشتركه لهذه الاسره ،
وسوف تفقد هذه الاسره تعاطف جيرانها من العشيره والديار الكبرى في هذا
العالم ، والى تخليهم عن دعمها ومساعدتها وبالتالي يسهل مهمة اعدائها.
تلك الاسره التي تتسم بالعقوق والفوضى والافتقار الى المجادلة الحسنه ،
والنتيجه ان تتفرق هذه الاسره وتنقسم خلاياها انقسامات سرطانيه ستودي بها
ان استمرت على هذا
الحال.
ان تجربة النضال الفلسطيني تجربة طويله ومريره، وقد جربت فيها كل
الأساليب في معالجة الاختلافات، واثبتت هذه الاساليب انها لا تخدم
المصالح الوطنيه المشتركه والعليا ، التي هي امانة في اعناق المسؤولين
وارباب الاسر. على ماذا تتنازعون يا اخوه ، انكم تتنازعون على سُلطة هشه
ومفرغة من محتويات القوة والاستقلال ، حالكم كحال الاخوة الثلاثه كما ورد
في مقدمة المقال.
جربنا الخطب الحماسيه والجريئه في الخمسينيات ووصلت الى حد القطيعة بين
الاخوه ، وجربنا الجدل العقيم ، وكانت نتائجه عوامل اعاقة واجهاضٍ للنضال
والانجازات وعقوقاً للشهداء ، كالحمل
الكاذب.
فلتذهب السلطة في داهيه ، وكان الجوع للاخوة الثلاثه في مقدمة المقال
افضل اليهم من صحن السلطه ، وكانت نتيجة صراعهم ضياع السلطه وبقاء الجوع
ونشوب الخلاف والعداء بينهم. وانعكس سلباً على
اسرتهم.
هذه المواقف الملتهبه ، يجب ان تعالج بمضادات الالتهاب ، وليس بمسببات
الالتهاب كصب الزيت على النار. والحمى تعالج بالماء البارد وليس بالماء
الساخن.
ارحموا هذا الشعب الذي اوكل اليكم معالجة قضاياه اليوميه والمعيشيه
والاقتصاديه وقضايا المصير والاستقلال والمستقبل وكونوا اهلاً لهذه
المسؤوليه.
انظروا الى القضايا من منظور المصلحه العليا للوطن والشعب ، وابتعدوا عن
منظور المصلحه الحركيه والذاتيه الضيقه ، وابتعدوا عن التجاذبات الدوليه
والاقليميه التي تبحث عن مصالحها الوطنيه الخارجيه على حساب هموم شعبنا
وجراحاته.
فمهما كانت برامجكم متباينه فمن المنطق والحكمه والعقل ان تكون تقاطعاتها
اكثر من مفارقاتها ان كانت المصلحه الوطنيه هي ميزانكم كما يدعي اي طرفٍ
منكم.
لقد اصبتمونا بالاحباط واليأس ، والقلق والأرق ، اضافة الى مشاكل
الاحتلال من حصارٍ وتجويع ، وقتلٍ وارهاب.
فان كنتم لا تستطيعون لم التباين والاختلاف ، واذابة الجليد المتراكم
بينكم ، فتنحوا جميعاً ، واتركوا الامر للشعب ، فهو قادرٌ على تدبير
اموره بنفسه لانه قادرٌ على التضحية والانجاب ، وعلى الخروج من المأزق
الذي وضعتموه انتم فيه.
فكما جاءت الرئاسة بالانتخابات ، جاءت الحكومة كذلك ، فيجب على كلا
الطرفين ان يلتقوا عند مركز دائرة المصالح العامه ، ولا يفترقوا على الام
هذا الشعب وتعميق جراحاته وبالنتيجة تحقيق حلم العدو
وأهدافه.
بالمحصله ، فاننا لا نريد رئاسة وحكومة لسلطة هشة وواهنة عن رسم خطوط
احتكامٍ للقانون والدستور ، واحترمٍ للشرعيه. هنالك ثورة واحده لاي بلد
لا ثورتان ، وسلطة واحده محكومه لدستور واحد لا دستورين ، وحكومة واحدة
لا حكومتان ، سيما في بلد لم ينل استقلاله فعليا على الارض التي يعيش
عليها ، ولا هو قارة تقسم الى فيدراليات.
ولا تجعلوا الاحتلال رخيصاً على المحتلين ، في ظل رئاسة وحكومة متباينتين
في الاستراتيجية لا في التكتيك ، والعدو يجني ارباحاً على الارض ونحن
نجني الخسائر والفرقه. فالحل ان تجلسوا وتتفقوا على حكومة وحدة وطنبه
متوافقة مع الرئاسه على اطرٍ متفق عليها. او تحلوا هذه السلطه ليتحمل
الاحتلال مسؤولياته تجاه المحتلين ، ليكون الاحتلال مكلفا عليه بدلاً
من ان نتحول الى لجانٍ للتسول وجمع التبرعات على اعتاب اللئام. وعساه ان
يعطي نتائج افضل من سلطةٍ على هذا الحال.
هداكم الله الى الخروج من هذا النفق
|