شهاب الدين…… وأخوه
29 تموز 2004
بقلم: توفيق الحاج *
***
صراع الحيتان الذي يشهده الشارع الفلسطيني .. عزز قناعتي أن القيادة
الفلسطينية "أحادية الجانب" لم ولن ترتقي إلى مستوى الوعي المطلوب لمواجهة
التحديات المطروحة رغم كثرة التبويس والأحضان والتصريحات ، وما جرى من فوضى
وتمزق يتم بعلم و إرادة أطراف خارجية لها مصلحة أساسية ومباشرة>
***
الفوضى والفساد.. ليسا حكرا على حوت دون آخر ..والصراع بين "زيد" و "عمر"
لا يستند على أن أحدهما هو الأفضل بل ان كلا منهما أسوأ من بديله..!! وهذا
السوء ينعكس إجباريا على شعب مطحون بين حجري رحى الاحتلال ومافيا السلطة.
***
"زيد" المحاصر ..يتشبث بشرعية متآكلة وببقايا حاشية متكرشة متعفنة ..متسلحا
بخبرة طويلة في عبور الأزمات والجلوس على حافة الخطر آملا أن يخرج من موقعة
العقوق رافعا سبابتيه.. ويا جبل ما يهزك ريح !!
و"عمر" الفتى المدلل الذي رفعه زيد وعلمه الصنعة ونفخ فيه يتشبث بطموحه
ومواهبه الشابة ومساندة داخلية وخارجية باتجاه تغيير الديكورات والتمائم
القديمة وبالتالي حل القضية بليبرالية الممكن..!!
الاثنان.. نسيا في غمرة الصراع أن هناك 3000 فلسطيني ينظرون على معبر رفح
في ظروف "مصرية" غاية في السوء .. كأس الشاي بـ5جنيه ولا مكان للنوم أو
الصلاة أو قضاء الحاجة ..الصليب الأحمر يتدخل لإنقاذ عائلات انقطعت بها
السبل، وأخوة النضال يحررون غزة من بعضهم البعض..!! ونسي الاثنان أيضا ما
يجري في بيت حانون من حصار وقتل وتدمير مبرمج للبنية الخضراء منذ شهر، وفي
الأمرين ما يكفي لاعادة ضخ الدم في الوجوه الجليدية الصدئة..!!
***
مماليك حركة فتح باتوا ينقسمون بين الأمير "زيد" بك الكبير و الأمير "عمر"
بك الصغير أما الأغلبية الصامتة فهي تشعر بالقرف والاشمئزاز من مشاهدة نسخة
جديدة من فيلم فلسطيني بإنتاج مصري وسيناريو أمريكي وإخراج إسرائيلي ..!!
وحالها يقول كما قال المثل الشهير: " شهاب الدين….. من أخيه"
رغم قدرة الاثنين على تجنيد بضع مئات مقابل كيس طحين أو عشرين دولار في
مظاهرات تلفزيونية مع العلم أن سيل الأوراق الخضراء بدأ ينهمر على بعض
الاتباع والأعوان من كلا الطرفين للتحرك والتجييش..
وإسرائيل بدورها أخلت حاجز أبو هولي مؤقتا لمساعدة المتحركين وصب المزيد من
الزيت على النار
***
لسنا في حاجة إلى درهم ذكاء لمعرفة من المستفيد من هذا "الفاينال السياسي"
،فإسرائيل تشير بإصبعها الأوسط للعالم ساخرة عبر أعلامها، وتقول: هؤلاء هم
الفلسطينيون الذين يريدون التخلص من احتلالنا لم يصلوا إلى سن الرشد بعد
ويتصارعون على سراب غزة أولا ودولة كرتونية ولو في "عسقولة "..!!
***
إن الخروج من هذا الوضع الكارثي يتطلب مبادرة تؤدي إلى حركة شعبية عارمة
ترفض صراع المماليك وتدعو إلى قيادة وطنية حقيقية من كل ألوان الطيف
السياسي الفلسطيني تستطيع أن تكنس قمامة الفساد والمفسدين إلى الأبد
وترحمنا من "كرازاي" و "ياور" جديدين…
* كاتب وشاعر فلسطيني
|