أين العقلاء ليقولوا كلمتهم...؟!

إضاءة في الوضع السياسي الفلسطيني المأزوم...!!

الدكتور المهندس أحمد محيسن ـ ألمانيا

لقد وجب علينا الآن أن نعترف بأن حياة شعبنا أصبحت لا تطاق.. وهي مليئة بالأزمات والأمراض المستعصية واختلال المفاهيم والقيم والرؤى.. في ظل غياب أو تغييب سيادة القانون.. وغياب من يقوم بالدور الذي وجد من اجل القيام به.. ولم يعد من الممكن السكوت على ما يجري من استهزاء بأرواح الأبرياء من أبناء شعبنا بهذه البساطة ودون تحمل مسؤولية ولا حسيب ولا رقيب..!!

هل نستطيع صناعة ما تصبوا إليه الأمة من إصلاح ـ وقد طال انتظارها ـ نهجا جديدا واعدا بممارسة تصحيح أمورنا وتصويبها.. ونمارس تجديدا وتصحيحا مفصليا سليما في مؤسساتنا في الداخل والخارج.. ونتخلص بذلك من استبعاد الرأي الآخر وإقصاءه ومحاصرته... ونحن نصر على رؤية الأمور فقط بنظرة أحادية ومن زاوية واحدة....؟!

لماذا آلت الأمور إلى ما آلت إليه من تدهور ومرض سياسي وصلنا إليه... يكاد أن يكون مستعصيا...؟!

فهل عملنا على إصلاح مؤسساتنا ومددناها بغذاء ودم جديد يساند ما هو قائم.. وينسجم مع جهازه العصبي.. حتى نبقي على التواصل والتوافق بين الأجيال.. والاستفادة من الخبرات وتواترها.. حتى لا نفقد البوصلة ونغرق في مغطس التراجع والانكسار والتخلف والجمود والفساد بكل أنواعه...؟!

ونحن نتفق .. على أن الإصلاح والتجديد والتغير لا يمكن أن يكون بالفوضى وبالبلطجة وبالتزلم وشراء الذمم وبيع للضمائر وضخ دماء جديدة فاسدة في الشرايين.. وبهذا يكون تغيرا للأسوأ... بل يكون الإصلاح عادة بمعالجة الفساد واستئصاله من جذوره.. بداية بمنع تدخل الأجهزة في شؤون المواطن الخاصة والسياسية.

فعلينا أن نراجع أنفسنا ونجرد الحسابات كلها في ظل هذه العتمة والسواد الذي نعيش... لنجيب على أسئلة أصبحت ملحة وضرورية بجدية وبمسؤولية.. ولا ننسى ماضينا ونحن نقيم واقعنا وننظر لمستقبلنا... فهل يمكن أن يكون المجرم القاتل مناضلا ومجاهدا...؟!

إن من يعتقد أن الاحتلال يريد وقفا لإطلاق النار ويريد الانتهاء من الفساد والفوضى.. فهو واهم..!! فالاحتلال لا يريد إقامة دولة فلسطينية مستقلة..  بل على العكس تماما.. يريدون إعادة الأمور في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل احتلال القطاع في العام 1967.. ويبقي سيطرته وحصاره على كل القطاع وخاصة التحكم بمصير المعابر الحدودية.. ويكون الأمن في القطاع أيضا من الشؤون المصرية.. ليبقي على إضعافنا كفلسطينيين ويخلق فتنة جديدة.

إن صمود أبناء الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة أمام قوات الاحتلال.. هي التي أجبرتهم على إيجاد حل من طرف واحد بالانسحاب دون تنسيق..  ونعد هذا هروبا من القطاع.. لأن الاحتلال قد استنزف في قطاع غزة.. ولم يعد قادرا على الاستمرار في البقاء فيه.. ووجد بذلك الفرار فرصة يمكن بها إيجاد أجواء الفتنة وتغذيتها.

إن النظام السياسي الفلسطيني مأزوم.. لغياب الخطة السياسية واللجوء فقط للتعامل مع ما تفرزه أدوات الاحتلال من فرض واقع.. يتم التعامل معه دون أن نستطيع فرض تغيير هذا الواقع أو استغلال الإمكانيات الاعلاميه لفضحه عالميا...!!

ووضع نظامنا السياسي مأزوما.. لعدم قدرة المعارضة الوطنية المتشرذمة والمشتتة أن تأخذ دورها وتعمل على الأقل على تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بما فيهم السلطة... والتي تتصرف على أنها هي الممثل الشرعي والوصي على منظمة التحرير الفلسطينية...!!

 وكذلك مأزوما.. بحكم العلاقة التي هي على صفيح ساخن مابين الفصائل الفلسطينية الإسلامية وأجهزة السلطة.. التي أدت إلى ازدياد تفاقم الأزمة بين الجهتين..  والله نسأل أن يبقى الدم الفلسطيني مصانا ومحرما على الفلسطيني.. وتقلع جذور الفتنة.. ويقول العقلاء كلمتهم.. وبذلك نفوت الفرص على المتربصين... !!

وكذلك مأزوما..  لوجود الأزمة بل لوجود هذا النزيف والتناحر الداخلي الذي يمس حركة فتح في شرايينها...  ولا نريد هنا أن نقفز عنه.. وقد استشرى ذلك في مؤسسات الحركة.. وما تمر به حركة فتح من معاناة وأمراض.. أدى إلى فقدان البوصلة التي تحدد المسار الصحيح للحركة.. وقد ألقى بظلاله على الوضع الفلسطيني العام.. لأن حركة فتح كانت وما زالت هي أم أمهات الشعب الفلسطيني.. بتاريخها ودورها وحجمها وتصدرها مراحل النضال وتحملها المسؤولية.. رغم من يعمل على تملصها وتخليصها من هذه المسؤولية.. مما أدى إلى خلق أزمات إضافية..زادت الوضع الفلسطيني السياسي المتشابك تأزما.. على الرغم من أن الحركة لا زالت حركة تحرر وطني.. وعدونا ما زال يقبع على أرضنا وينتهك حرماتنا.

وكذلك مأزوما.. لأن هناك أيضا أزمة فساد واضحة تعيشها السلطة.. تغذت من اتفاقات اوسلو.. حيث أدت اتفاقيات أوسلو إلى ظهور طبقة أثرياء من السلطة.. لامتلاكها واحتكارها وكالات واعتمادات وتصدير واستيراد وعلاقات وبزنس رايح وبزنس جاي.. دون ضوابط أو التزام بالقانون ودون محاسبة.. ومعظم أبناء شعبنا يركض وراء رغيف الخبز.. دون أن يحصل عليه.. ومعظمه عاطل عن العمل.. وهذا ما زاد من نسبة البطالة بين صفوف أبناء شعبنا.. وزاد من تفاقم الأزمات وزاد من سخط المواطن الفلسطيني على ما هو قائم.

وكذلك مأزوما.. لتحكم الأجهزة الأمنية في مؤسسات السلطة..  فعندما تحكم الأجهزة الأمنية في أي سلطة أو نظام ما... تكون النتيجة الحتمية لذلك هي تعدد السلطات والمرجعيات واستشراء الفساد والفوضى والفلتان الأمني وانتشار الأمراض الاجتماعية وسيادة محكومية العقلية العائلية والقبلية والعشائرية.. وسوء الإدارة وهنا لائحة السلبيات تطول نترفع عن تعدادها...!

وكذلك مأزوما.. لوجود أسئلة كثيرة بقية بدون إجابة منها على سبيل المثال:

لقد استشهد قائد الثورة وزعيمها في ظروف غامضة.. وشكلت لجنة تحقيق من السلطة بمتابعة ملف وملابسات استشهاده.. ولم نسمع بعد ذلك نتائج أي متابعة ونحن نتحدث عن الأخ الشهيد أبو عمار.. !

إلى متى سنبقى نشهد تنافس الأجهزة.. بكل ما ينجم عن ذلك من معضلات.. وكل منهم يعمل على شاكلته وما يحلو له.. دون ضوابط واحترام لسيادة القانون... ؟!

متى سنشهد محاسبة الذين ارتكبوا الفظائع والجرائم بحق العباد جهارا نهارا..؟!

متى نضع الفاسدين على مقعد المحاسبة..ونكبح جماحهم.. ونطبق بحقهم قاعدة من أين لك هذا وهم كثيرون...؟!

أين أصبحت قضية الأسرى والمعتقلين... ؟!

لماذا نشاهد أهلنا تتقطع بهم الأوصال على معبر رفح وقد رحل الاحتلال عن قطاع غزة دون اقتحام القضية في كل المحافل الدولية وإحراج الاحتلال...؟!

لقد سمعنا الأخ الرئيس أبو مازن يتحدث كثيرا عن التصحيح والمحاسبة والمكاشفة وسيادة القانون.. فقد سمعنا طحنا ولم نرى طحينا... فهل هو محاصر بحصار يختلف عن حصار الرئيس الشهيد الأخ أبو عمار...؟!

أين منظمة التحرير الفلسطينية مما يجري.. وأين مؤسساتها التي خرجت من بين صفوفها خيرة قيادات هذا الشعب المناضل من كل الفصائل الوطنية والإسلامية ونحن نراها بدون تفعيل..  وقد غيبت.. ومن هو المسؤول عن هذا الوضع القائم... ؟!

أسئلة تطرح في الشارع الفلسطيني دون أن تجد إجابة شافية...!!

هل حضرنا أنفسنا لما هو آت على أهلنا في مخيمات الشتات في لبنان.. ونحن نراهم يوضعون تحت المجهر.. ومحاولات الانقضاض عليهم يحضر لها على قدم وساق...؟!

وماذا عن جالياتنا الفلسطينية واللاجئون الفلسطينيون في شتى أنحاء المعمورة..؟! ومحاولة البعض بتسميتهم مغتربين وليسوا لاجئين مهجرين.. ويريدون إلحاقهم بملف المغتربين في وزارة الشؤون الخارجية للسلطة.. ونجد من يحاول العبث في ثوابت حق العودة المقدس للذين أخرجوا من ديارهم بسطو مسلح وتحت نيران الاحتلال.. على شاكلة كيفيتاس وبانوراما.. ويريدون بذلك القفز عن وحدانية التمثيل للشعب الفلسطيني.. واغتصاب منظمة التحرير الفلسطينية بطريقة ساذجة لم تنطلي على شعبنا العظيم...؟!

إن شعبنا الفلسطيني يستحق الحكم بطريقة أكثر ديمقراطية وشفافية ونزاهة وتجديدا لدم القيادة السياسية.

فلم يعد مقبولا على سبيل المثال.. عدم الحكمة في الأداء في العديد من مواقع الحركة.. حتى تصل إلى مشاهدة التناقضات والمماحكات والتناحر داخل اللجنة المركزية للحركة.. وهم بأنفسهم يعلنون عنها ولم تعد محجوبة على الملأ.. وكذلك أيضا في السلطة ودوائرها.. إلى أن وصلت بنا الأمور إلى ما وصلت إليه من مشاهدة لائحتين مختلفتين من مصدرين متنفذين بخصوص موضوع التنقلات في السفارات الفلسطينية في العالم.. واحدة من الأخ رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية الأخ فاروق القدومي وأمين سر حركة فتح ورئيسها... والأخرى من السلطة الفلسطينية.. وهذه فقط نقطة من أمور كثيرة تدعونا للتوقف عندها.. وأدت إلى إرباك البيت الفتحاوي في الداخل والخارج.. وشوهت الصورة للحركة.. وما الاتهامات المتبادلة والمناوشات الكلامية بين زعامات الحركة.. وهي في الغالب ما تكون صراع من أجل المصالح الذاتية الضيقة إلا خير دليل على وجود الألم في الجسم الفتحاوي.

والله يستر مما هو آت في المؤتمر السادس للحركة في حال انعقاده وما سوف يتمخض عنه.. ونحن نأمل من خلال انعقاده إعادة ترتيب الوضع الداخلي وضبط القرار التنظيمي والسياسي داخل الحركة.

إن الوضع المأزوم في حركتنا الرائدة فتح.. يعود بمجمله لتحمل الحركة أوزار السلطة بكل ما فيها من أوزار وكثيرا من عدم الاتزان..  وهي كما نعلم بأنها مشروع فتحاوي بامتياز.. وعلى العكس تماما فلو كان أداء السلطة كما كان منتظرا ومرسوما لها من الحركة.. لزاد هذا الأداء الحركة قوة وزاد التفاف الجماهير حولها.. ولزاد احترام الأمة لحركتنا.. ولما برزت قوى منافسة للحركة بهذه السرعة وبهذا الزخم.. وأخذت دور الحركة في ميادين كثيرة...أهمها الميدان الاجتماعي الذي يؤدي إلى الالتصاق بالناس ويلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم.. ويعد ذلك من الإنجازات السياسية التي بقيت حركة فتح طيلة الانتفاضة الأولى وهي تتصدره.. وبقيت هي العنوان الأول من حيث ملامسة احتياجات الناس وتلبية متطلباتهم بغض النظر عن الانتماء ألفصائلي للمواطن الفلسطيني.. وهذا هو الطريق القيم الذي أدى إلى تطور الحركة النوعي وقاد الساحة الفلسطينية... حيث لم يعد مقبولا اقتصار تلبية الخدمات بشتى تسمياتها لأبناء المتنفذين من زعامات السلطة وأجهزتها.. وانتشرت المحسوبية والواسطة والرشوة وغير ذلك.. حيث انصرف الكثيرون من زعامات السلطة لجمع الغنائم بعد دخولهم الوطن ضمن اتفاقيات أوسلو... وتركوا الحركة في المقام الأخير.. وأصبح الولاء للجهاز والوزارة والراتب والزيادة السنوية والامتيازات الأخرى أهم عند الكثيرين من الولاء للحركة.. مما أدى إلى ازدياد التذمر والاستياء من أغلبية أبناء وكوادر الحركة في البيت الحركي.. والذين ما زالوا صامتون لأنهم أوفياء للحركة.. على أمل أن تصحو الضمائر وترجع إلى صوابها وجادتها..  وتقع على الأغلبية الصامتة في حركة فتح اليوم أكثر من أي وقت مضى.. مسؤولية النهوض والتعمير والإصلاح والترميم بالبيت الفتحاوي.. ووضع حد للتناحر والتصارع والتعصب والتمسك بالقضايا الهامشية.. ووضع الأمور في نصابها الصحيح في البيت الفتحاوي الواحد الموحد.. ولملمت التشتت والتشرذم الذي تعيشه الحركة.. ليعود البناء شامخا وتعود عافيته له متحررا من قيود فرضت عليه.. ولكي نتخلص من عبادة الأشخاص.. والتزاحم على المنصب والموقع.. من أجل بقاء الكرسي والمحافظة على بقاءه.. ونتخلص أيضا من الجمود والتقوقع الفكري وتغييب المبادرات وتسفيه الرأي الآخر.. والأخذ باقتراحات وبمبادرات الكادر الفتحاوي في كل أماكن تواجده والتي تؤثر في تطوير المسيرة الحركية وتثريها كما هي وكما كانت.. حيث أن الكادر البشري هو المورد الرئيسي من أجل ديمومة التطور الحركي.. وعلى الأغلبية الصامتة من أبناء الحركة الوقوف بوجه الفاسدين المتنفذين والمستفيدين من بقاء الوضع القائم على ما هو عليه.. ويعرقلون التطور والتقدم في مسيرة الحركة.

فقد غيبت المؤتمرات الحركية الفاعلة النزيه.. وهي رافد بشري مهم للحركة... والتي من خلالها عادة تستطيع الحركة قراءة ما يدور حولها من معطيات وتطورات.. حتى تتمكن من وضع الخطط وبلورة التصورات والاستراتيجيات التي هي محور تطور الحركة في كل المجالات مما أدى هذا التغييب بالتأثير السلبي على هيبة الحركة وأدائها وسمعتها.

ولكننا ندرك أيضا ونحن موقنون بأن حركة فتح بتاريخها النضالي خاضت من التجارب ما يكفي.. وبقيت رائدة النضال ونموذج مقاوم ثوري لا يستطيع أن يزاود عليه أحد.. وهذا ما يعطينا الأمل.. ولا نستطيع اختصار التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني فقط في العشر سنوات الأخيرة.. ونعي أيضا أن حركة فتح تستطيع النهوض ثانية... مستفيدة من تعلم الدروس التي أدت إلى التراجع والإخفاق والترهل.

إن الخروج من الأزمة السياسية الفلسطينية التي نعيشها.. يكمن في مشاركة جميع القوى والشخصيات الوطنية والإسلامية الفلسطينية في قيادة واحدة في وحدة وطنية شاملة عريضة تتسع للجميع من أصحاب الكفاءات والقدرات وأصحاب الضمائر الحية.. ضمن البرنامج السياسي المتوافق عليه وطنياً وسياسيا واجتماعيا.. بما في ذلك المحافظة على أسلحة المقاومة.. وهذه خطوة غدت ضرورة تاريخية ومطلب جماهيري وثوري أصبح ملحا.. حيث يتم إفراز حكومة مؤقتة من هذه القيادة.. لتتعامل مع الواقع المأزوم.. وتحضر بجدية للانتخابات التشريعية بطرق ديمقراطية حقيقية.. ولكي توضع كل القوى أمام مسؤولياتها.. وسوف تكون جزء من الخارطة السياسية.. ويجب أن تدافع على ما يتفق عليه.. وتلتزم بكل القوانين والشرائع وثوابت الإجماع الوطني.. وسيادة القانون الذي يجب أن ينسحب على رئيس السلطة مثلما ينسحب على آخر مواطن فلسطيني ولد حديثا.. وننتهي من الحلول الترقيعية.. وبهذا نستطيع كبح جماح الكوارث القادمة ونحافظ على وحدتنا وقضيتنا.

حيث لم تكتمل بعد الفرحة بجلاء الغزاة عن قطاع غزة..  وشاهدنا ما شاهدناه من أحداث مؤسفة أثناء مهرجانات القوى واستعراضات سلاح المقاومة ورجالها وما تلى ذلك من اشتباكات كان شعبنا دوما يدعو الله بان لا نعيش لحظة واحدة من لحظاتها.. لأنها فتنة لعينة وبغيضة.. أدخلت الرعب والإحباط إلى قلوب ونفوس أبناء شعبنا الذي لم يبخل يوما واحدا في العطاء.

فقد كنا ندرك بأن هروب الاحتلال من قطاع غزة لم يكن مكتملا.. حيث أنه ما زال موجودا ويسيطر على نقاط العبور الحدودية والسماء والماء.. وما زالت دباباته تحاصر كل شبر من حدوده.. وتستطيع الانقضاض عليه كيف ومتى شاءت.

إن ما حصل من أحداث مؤسفة كان مجرد تنفيس لما هو موجود من احتقان في النفوس قد تراكم مع الزمن بين الأخوة من الجهتين.. وقد حذر الكثيرون من الحريصين على وحدة الصف من الوصول لهذه المرحلة وخطورتها... إننا نخاف حربا أهلية وصدامات دموية بين رفقاء الدرب ويغذيها الاحتلال.. تكون نتيجتها الانقسام داخل الصف الفلسطيني والتشرذم.. وخلق واقع لا يجعلنا من بعده قادرين على مواجهة الاحتلال..!!

فلا يوجد من هو معصوم عن الخطأ.. ولا يستطيعون الأخوة في حماس أن يدعوا أنهم دائما على صواب.. وأن رؤيتهم هي التي يجب أن تحترم ويصغى لها فقط.. بعيدا عن الدخول في تفصيلات كثيرة حول الاستعراضات المسلحة وإطلاق العيارات النارية بصورة عشوائية.. من كل القوى وبدون استثناء وما نجم عنها من أذى.. فنحن لم نصل بعد مرحلة استعراض سلاح المقاومة الذي وجد من أجل أن يستخدم في النضال لدحر الاحتلال والدفاع عن الوطن.. والحفاظ عليه ضرورة حتمية..  ونحن لسنا مع إلغاء الآخر وإقصائه بل مع التعددية السياسية والمشاركة في صناعة القرار السياسي والاجتماعي.. والعمل الجاد بمسؤولية من كل الجهات على إقرار التهدئة ووقف التحريض والنبش في أمور انتهت وانقضت.

ففد نلمس في فترة ما بعد هروب الاحتلال من القطاع بعض الارتباك في قراءة حماس للمرحلة.. وهذا لا يعد مأخذا على الأخوة في حماس.. بقدر ما نريد قوله بأن لا مناص لنا من التوافق... وعلى رأس القوى حركة فتح وحركة حماس وبقية القوى الفلسطينية حتى لو كان التوافق على الحد الأدنى..  فإذا بقيت الأجواء مسممة.. والتحريض من الجهتين مستمرا..  فسنجد أنفسنا أمام صراع بين الأخوة.. لا يعلم عقباه إلا الله وحده.

فالمطلوب هو تعزيز الجبهة الداخلية وحمايتها والعمل بجدية من كل الجهات من أجل تحقيق ذلك.. وعدم الاحتكام إلى السلاح في حل قضايانا ولا على أي حال من الأحوال.. بل نحتكم للحوار والمنطق والعقلانية.. والعقلاء من أبناء شعبنا كثيرون.. وعلى حركتي فتح وحماس أن تتحمل مسؤولياتها تجاه الأهل والقضية.. فمخاوفنا مشروعة من نتائج الاحتكام للسلاح والمواجهة الدموية... فهذا لا يليق بتضحيات شعبنا.. وليس هذا ما يسدد لتضحيات شعبنا وبهذه الطريقة وعبر فوهات البنادق.

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع