رائحة كريهة لتأجيل الانتخابات

بقلم: حمدي فراج  *

نشتم بوضوح رائحة تأجيل انتخابات المجلس التشريعي التي كان مزمعا اجراءها في تموز القادم، ليس لأن الطقس سيكون حارا جدا، وفق المثل الشعبي "في تموز، يغلي الماء في الكوز" على اعتبار ان رئيس مجلس الوزراء كان قد اعلن عن سابقته في العام الماضي وأجل انتخابات بلديات بسبب حلول رمضان ، كان وقتها اعلان موعد لآجراء انتخابات تشريعية من سابع المستحيلات، وكان المشجب موجودا، وهو الاحتلال، الذي يقطع الاوصال ويحول الوطن الى اوطان وكانتونات الى آخر هذه الاسطوانه.

تأجيل انتخابات التشريعي لن يكون هذه المرة بسبب الطقس ولا بسبب مشجب الاحتلال، الذي ما يزال فعليا جاثما على صدر الارض والشعب، ولن يستطيع  أحد الادعاء بذلك، على اعتبار اننا اجرينا الانتخابات الأهم، وخرجنا بوجه مشرق امام العالم، وحظينا باحترام الصديق وخوف العدو، والعدو هنا ليس فقط الاحتلال، بل الانظمة الشقيقة عدوة شعوبها وعدوة الحياة وعدوة التفتح والانطلاق والتغيير والديمقراطية وحقوق الناس بما في ذلك المرأة.

تأجيل الانتخابات سيأتي على لسان لجنة الانتخابات المركزية التي سيكون منطقها انها تحتاج لثلاثة اشهر بعد اقرار قانون الانتخابات الجديد او المجدد، وعمليا بالكاد يفصلنا عن الموعد المزمع تلك المدة المطلوبة. لكن هل هي اللجنة التي ستأجل، ام التشريعي؟ وحين نقول التشريعي فاننا نقصد كتلة فتح التي تشكل عموده الفقري، وما دمنا في سياق اعضاء فتح في التشريعي، فان هؤلاء اليوم اكثر من اي وقت مضى ابعد ما يكون عن التشريعي ليس فقط انهم ابعدوا عن الوزارات التي كانوا يتسلمونها، بل ايضا لأنهم أمضوا مثلي ونصف المدة المفترضة كتشريعيين، والصفة السائدة التي تجمعهم اليوم هي التغيب عن الاجتماعات .

لكن السبب الحقيقي وراء العزم على تأجيل الانتخابات، هي حركة فتح برمتها، وفي كافة مستويات مسؤوليها، ابتداء باللجنة المركزية ومرورا بالمجلس الثوري، وانتهاء بالحركية العليا والأقاليم، باختصار الحالة المتردية لهذه الحركة والتي وصلت حد تقديم الاستقالات بالمئات سواء في الضفة او في غزة، هذه الاستقالات التي كانت بحد ذاتها نتيجة لسبب يتعلق بفساد كبار المسؤولين فيها وفي السلطة.

انتخابات التشريعي المزمعة، يفترض ان تسبق محاولات الاصلاح التي ينشدها انعقاد المؤتمر العام في آب، الأمر الذي يعني بالنسبة للمناضلين في هذه الحركة، وما أكثرهم، عدم تغيير الكثير في من سيمثلهم وفق التشكيل القديم.

اما النقطة الأخيرة، فهي ارتفاع أسهم حركة حماس التي تستعرض قوتها هذه الأيام بتحشيد عشرات الآلاف من اعضائها وانصارها في مناسباتها، وهو الأمر التي باتت فتح تعجز عن القيام بمثله، بما في ذلك اربعينية رئيسها الراحل. 

لو كنت فتحاويا، لآثرت تأجيل الانتخابات التشريعية، لكن هذا سيكون بمثابة: داوني بالتي كانت هي الداء، او وفق المأثور الشعبي: كالمستجير من الرمضاء بالنار، واذا كانت الحركة مرشحة لأن تحصد 30% من اصوات الناخبين في تموز، فانها ستحصد الفتات في الانتخابات المؤجلة.
 

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع