أهلية ابو مازن أم صلاحياته ........برب السماء
الكاتب والصحفي صالح النعامي
2006-04-08
في تبرير سعيه لتجريد الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة اسماعيل هنية من
صلاحياتها، يدعي الرئيس محمود عباس أن القانون الأساسي الفلسطيني هو الذي
يخوله اتخاذ هذه الخطوات. .... حسناً، لكن ما غاب عن " سيادة الرئيس "،
أن االرؤساء عادة ما يتشبثون بحقهم بالتمتع بصلاحياتهم من أجل القيام
بواجباتهم الدستورية، ولكي يفوا بما وعدوا جمهور ناخبيهم، وليس من أجل
توظيف هذه الصلاحيات في المناكفات الداخلية، والتساوق مع مخططات اعداء
الشعب الذين ساءهم أن تسفر الانتخابات التشريعية الفلسطينية ما أسفرت عنه
من نتائج......... فهل حقاً قام " ابو مازن " بواجباته الدستورية، وهل
وفُى بما جاء في برنامجه الانتخابي الذي على أساسه حاز ثقة الناخبين
الفلسطينيين. أن أداء ابو مازن منذ أن تولى منصب الرئاسة وحتى الآن هو
قصة فشل كبيرة ومريعة بكل المقاييس..........لقد وعد أبو مازن الشعب
الفلسطيني في برنامجه الانتخابي عشية الانتخابات الرئاسية بوضع حد
للفلتان الأمني وفوضى السلاح....... لكننا فوجئنا أن الفلتان والفوضى
تفاقم بعد توليه الرئاسة بشكل لم يسبق له مثيل، ليس هذا فحسب، بل كان من
المنفلتين من لم يتورع عن اطلاق الرصاص على منزل " الرئيس "
ومكتبه......... فإذا كان أبو مازن يدعي أن القانون الأساسي يمنح صلاحية
الاشراف على الأجهزة الأمنية، فلماذا لم يستخدم صلاحياته هذه، لوضع حد
لحالة الفوضى والفلتان.....لقد تحولنا في عهد ابو مازن الى اضحوكة أمام
العالم عندما كانت تتوالى عمليات اختطاف، الدبلوماسيين الى جانب الرعايا
الأجانب تحت سمع وبصر " القائد العام للقوات المسلحة ".........هل يحق
لأبو مازن الاصرار على تعيين قادة الأجهزة الأمنية الآن وهو لم يتحرك
لمعاقبة ضباط كبار والكثير من منتسبي الأجهزة الأمنية الذين أعلنوا
التمرد ورفضوا تنفيذ الأوامر وقاموا بالمشاركة الفعلية في تخريب
الممتلكات العامة للسلطة.......لماذا لم يقم ابو مازن بمعاقبة هؤلاء
الضباط، أو على الأقل طردهم من الخدمة مستغلاً صلاحياته " الدستورية
".......... لقد وعد ابو مازن بمحاربة الفساد والمحسوبية، لكننا وجدنا
الفساد يعربد، ولم يقم ابو مازن بمحاسبة " حيتان " الفساد والافساد الذين
فاق جرم فسادهم الخيانة العظمى، وتحديداً مسؤولي السلطة الذين شاركوا في
بناء جدار الفصل العنصري....... لقد ركل ابو مازن القانون برجله عندما
رفض تنفيذ قرار المحكمة العليا الفلسطينية، أكبر مرجعية قضائية القاضي
بالافراج فوراً عن المناضل احمد سعدات امين عام الجبهة الشعبية
الفلسطينية، وأبقاه في السجن حتى قامت إسرائيل باختطافه........ أن الحد
الأدنى من الشعور بالمسؤولية كان يفرض على ابو مازن الاستقالة والانصراف
الى بيته في أعقاب تقصيره الفاضح هذا. للأسف الشديد فأن ادعاء الرئيس ابو
مازن الزعامة ليس حقيقياً، والجميع يرى أن الكثير من كبار مسؤولي السلطة
وقادة حركة " فتح " لا يلقون له بالاً ويمارسون عليه الضغوط
الكبيرة............ وحتى قبل توليه الرئاسة، فأن ابومازن يتحمل
المسؤولية عن كل مساوئ اتفاقيات " اوسلو . في احدى الدردشات التي كانت لي
مع المناضل مروان البرغوثي في العام 1998، قال لي أنه بعد أن اطلع على
الصيغة قبل الختامية لاتفاقية أوسلو شعر بالفزع بسبب خلو هذه الاتفاقية
من تعهد اسرائيلي بإزالة المستوطنات أو وقف بنائها على الأقل، الى جانب
غياب أي تعهد اسرائيل بالافراج عن الأسرى. وأضاف أنه دخل مكتب ابو مازن
في تونس ليسمعه احتجاجه على هاتين الخطيئتين، فما كان من ابو مازن إلا أن
طمأنه بالقول " أن مسيرة التسوية ستفرض على اسرائيل بشكل تلقائي ازالة
المستوطنات والإفراج عن الاسرى ". وها نحن بعد اثني عشر عاماً على ذاك
التوقيع المشؤوم نجد أن عدد المستوطنات وعدد الأسرى قد تضاعف عدة مرات.
وابو مازن بوصفه مهندس هذا الاتفاق التعيس الذي حول قضيتنا من قضية شعب
محتل يطالب باستعادة ارضه وحقوقه الى قضية متنازع عليها، يتحمل جزءاً
هاماً من المسؤولية.......... من هنا فأن الذي يتوجب على الجميع أن
يناقشه هو أهلية ابو مازن كرئيس وكقائد وليست صلاحياته.......وواضح ان
الرجل – ومع كل أسف – لا يملك ما يؤهله ليكون رئيساً أو قائداً.
|