قراءة متأنية لوثيقة الاسرى
بعيداً عن التوظيف الإعلامي |
إبراهيم
ماضي
ليست هذه هي المرة الاولى التي اطلع فيها على وثيقة تخرج من وراء القضبان
، فتجربتي الطويلة مع الاسر والتي امتدت لاكثر من عشر سنوات جعلتني اطلع
على العديد من هذه الوثائق ، واشارك في صياغة الكثير منها سابقاً
ولاحقاً.
وعندما وقعت عيني على النص الكامل لهذه الوثيقة الوطنية وبحكم معرفتي
القريبة من هذا الحصن الذي خرجت منه هذه الوثيقة، وهو"سجن هدريم" اذ كنت
من الفوج الاول من الاسرى الذين افتتحوا هذا السجن، وعشت فيه اكثر من
ثلاث سنوات .
ولتنشيط الذاكرة حول هذا السجن فهو صاحب المبادرة في الاضراب المفتوح عن
الطعام .الذي حصل عام 2000 وهو قائده ورائده.
اقول ليس غريباً ان يخرج من هذا الحصن الجهاد النضالي مثل هذه المبادرات
الرائدة ،ولمن لا يعرفون طبيعة السجون، فإنني اؤكد على ان الديموقراطية
واجواء الحوار التي تسود اوساط المعتقلين سواء من امكانية الجلوس المشترك
لفترات جيدة ،وتواصل الجلسات بشكل يومي لا تتوفر في اجواء الحرية .
وبعد هذا التقديم العاجل احب ان اعالج بعض القضايا الرئيسة التي وردت في
وثيقة الاسرىوخاصة بعد ان اصبحت اساساً للحوار الوطني ، والبعض اعتبرها
بوصلة هذا الحوار وضابطة .
ان أولى النقاط الرئيسية التي حوتها هذه الوثيقة بالاضافة الى الشعارات
والمبادىء الوطنية العامة، التي لا يختلف عليها احد ، هي استنادها الى
حوار القاهرة وما نتج عنه من اعلان وطني ناقش وعالج أهم نقاط الخلاف
القائمة بين الفصائل الوطنية الفلسطينية .
هذه الاشارة الواضحة الى اعلان القاهرة والمطالبة
يالاسراع في تنفيذ وانجاز ماتم الاتفاق عليه ، توجه رسالة لوم وعتاب الى
من كان خلف التلكؤ وعدم استمرار هذا الحوار وتواصل مناقشة بنوده وتوالي
اجتماع لجنته،الذي كان يجب ان يتم بعد شهرين من بدءهذا الحوار ـ اي ان
هذا الحوار تأخر عن موعده سنة ،الامر الذي ادخل الساحة الفلسطينية في
حالة من الارباك والفوضى القائمة، فلو ان هذا الحوار تواصل وتوالى واستمر
المتحاورن في تطبيق ما يتم الاتفاق عليه كما حصل مع الانتخابات المحليةو
التشريعية رغم تأخرها لما وصل حالنا الى ما نحن فيه.
اما ثاني هذه النقاط فهو توسيع دائرة صناع القرار في
الشعب الفلسطيني ،توسيعاً حزبياً واقليمياً، لتشمل كافة شرائح المجتمع
الفلسطيني وفي كافة اماكن تواجده، الامر الذي لم يكن متحققاً سابقاً وتعد
الموافقة على هذه الوثيقة هي اعلان انهاء لحالة حكم الاحزاب والفصائل"حزب
اوفصيل" للشعب سواءً كانوا من خارج الوطن ايام ما كان هناك خارج او داخل
الوطن ايام ما
اصبح هناك
داخل هذا اولاً.
واما ثانياً فهو انهاء الحصارالقرار في الاحزاب والحركات
الوطنية وامتداد الى مؤسسات المجتمع المدني(خيرية ,شعبية,اهلية)و
الالتفات الى الاسرى كجزء حي وحيوي وناشط في الجسد الفلسطيني .
واما ثالث هذه النقاط المهمة فهي عدم وجود اجماع على كل
بنود الوثيقة عند الاسرى انفسهم وهذا لم يلغ صدور مثل هذه الوثيقة
فقاعدتهم
" كانت" ما لا يدرك كله لا يترك جله"لذا لم تكن ملحوظة
الجهاد الاسلامي يتحفظ على المفاوضات" لتلغي صدورهذه الوثيقة، ولا نعتبر
ذلك خطيئة بحقهم, المهم ان نبقي الاجتماع على ما يتم الاتفاق عليه
وتنفيذه سيد الموقف.
واما رابعاً ملحوظاتي على هذه الوثيقة هو دقة التعاطي مع
المصطلحات ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية فعندما تعرضوا ل"م.ت.ف" ذكروا
عبارة (لتكريس حقيقة تمثيل م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد لشعبنا ثم تشكيل مجلس
وطني جديد.وغير ذلك من الاشارات لحفظ الاحترام لاراء جميع الاطراف وهو
أمر يغيب عن كثير من يتعرضون لنفس الموضوع خارج السجن .
وعندما تعرضوا للمقاومة قالوا" بمختلف الوسائل "حتى
يفتحوا الطريق امام كل الوسائل ,وعندما ذكروا مناطق 1967 "قالوا تركيز
المقاومة" ولم يقولوا "حصرها" فتحاً للباب ايضاً لاية خيارات ,وعندما
تعرضوا للشرعية الدولية حصروا منها ما هو منصف لشعبنا بعبارة واضحة ان
هذه الوثيقة تدل على نضج ووعي من كتبوها.
|