اسرائيل للسلطة: قولي ما تشائين، وانا اعمل ما أشاء

بقلم: حمدي فراج*

لليوم الثاني عشر على التوالي تمعن اسرائيل في ارتكاب مجزرتها شمالي غزة، وتمعن السلطة الوطنية ومعها منظمة التحرير في الشجب والاستنكار.

في الماضي غير السحيق، أي قبل أن تنعم علينا أمريكا بالسلطة الوطنية الفلسطينية، كانت اسرائيل ترتكب مجازرها في لمح البصر، وتحت جنح ليلة ما فيها قمر، كما يقول الفلاحون، وما أن ينبلج الصبح، حتى تكون القوة الجزارة، قد لملمت عدة الجزارة وانسحبت. حتى شارون ومعه آل جعجع وآل الجميل، فانهم ارتكبوا مجزرتهم بحق مخيمي صبرا وشاتيلا في غضون ليلة ظلماء من ليالي أيلول الداكنة. أما اليوم فانهم يمعنون في القتل والهدم والقصف، في ليلة ايلولية فلا ينتهوا حتى بعد ان يكاد تشرين ان يتناصف.

قد يقول متفذلك من أقطاب السلطة غير الحاكمة، والذي لم يبق له دور الا التفذلك، والشجب والاستنكار طبعا: ما يضير اهالي جباليا ومعها بيت حانون وبيت لاهيا ان يصبروا بعض الوقت، فالوطن كله يتعرض للمجازر، وهذا يذكرني بالراحل عاهل المغرب، رئيس لجنة القدس، حين قال: لقد صبر الفلسطينيون سنوات طويلة، فما يضيرهم ان يصبروا ستة أشهر أخرى كي ينالوا حقوقهم.

المجزرة الاسرائيلية المستمرة منذ ثلاثة عشر يوما، هي مستمرة منذ ثلاثة عشر يوما واربعة أعوام (عمر هذه الانتفاضة) وسبعة وثلاثين عاما (هي عمر الاحتلال) وست وخمسين عاما (هي عمر دولة اسرائيل في فلسطين). هذا هو بالضبط عمر مجزرة اسرائيل في مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون ورفح وجنين ونابلس وخانيونس والخليل والقدس ونحالين وقبية والدوايمه ودير ياسين وكفر قاسم وعين الحلوة وصبرا وشاتيلا وتل الزعتر .... الخ، وبالطبع فان المتفذلك اياه لا يستطيع قراءتها هكذا، لأن مصالحه تدخل على الخط، ولذا تراه ينادي بوقف قصف سديروت بالقسامات، ثم تراه في أحسن تجلياته الثورية والوطنية ـ كونه في سلطه وطنية ـ والتحررية ـ كونه في منظمة تحريرـ  يشجب ويستنكر.

وحين لا يروق له هذا المنطق، ويتكشف عجزه، يقول: وما ذا نستطيع أن نفعل أكثر من ذلك؟ وما هو الشيء الذي بامكاننا أن نفعله، ولم نفعله؟

حقا انه ليس في ايديكم انتم كسلطة تقول عن نفسها وطنية ، ومنظمة تقول عن نفسها انها للتحرير، شيئا تفعله غير الشجب والاستنكار، ولهذا، شبهها الشهيد ناجي العلي قبل حوالي عشرين سنة، (رسما) بامرأة اسمها منظومة و تبدو حاملا، تذهب لمراجعة طبيب الحوامل، ليقول لها انت يا  منظومة  منفوخة، وهذا ليس حملا بل رياح.

ان الشعار الذي الصق برئيس المنظمة المنظومة: "انتم قولوا ما تشاؤون، وأنا افعل ما أشاء" أصبح سبحان مغير الأحوال لا ينطبق الا عليه وعلى شارون، الذي  لسان حاله يفيد: انا افعل ما أشاء، وانتم قولوا ما تشاؤون.

 

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم

 (أمين)

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع