هل كانت قمة شرم الشيخ..قمة إنهاء المقاومة؟؟

بقلم : يوسف شرقاوي

yosef_sharqawi@hotmail.com

اصبح منتجع شرم المكان المفضل للنظام المصري لممارسة دور ( العراب ) و تقديم التنازلات لصالح أعداء الأمة و أصبح ذلك المنتجع المنصة الملائمة لوقوف جوقة من لهم رغبة و مصلحة في انهاء مقاومة الشعب الفلسطيني و الأمة العربية.

فمؤتمر شرم الشيخ برعاية مصر يعتبر مداهمة من القيادة المصرية للقيادة الفلسطينية لإستدعائها الى شرم الشيخ خدمة و إنقاذا لشارون. لأن القيادة المصرية أصبحت تفاوض أمريكا و إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين.

فبعد الضغط الأمريكي و الأوروبي لفرض الإملاءات على الطرف الفلسطيني. دخلت مصر مباشرة لفرض إملاءاتها و بإيحاء من امريكا لممارسة الضغوط المباشرة لإجبار القيادة الفلسطينية على قبول مشروع شارون الهادف الى تصفية القضية الفلسطينية بموافقة قيادة السلطة لإختزال القضية الفلسطينية و تحويلها الى قضية أمنية إستجابة الى المنطق الصهيوأميركي الذي لا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني.

الدور المصري في هذه المعادلة يزداد وضوحا نتيجة التنسيق الكامل مع امريكا و إسرائيل و بعد رحيل القائد ياسر عرفات لوضع آلية لتصفية الإنتفاضة و المقاومة بداً من قطاع غزة.

مصر الشقيقة التي ضحت بمئات الآلاف من خيرة أبنائها لأجل القضية الفلسطينية و دفاعاً عن أرض الكنانة بات دورها تمهيد الأرض أمام شارون من أجل تصفية مقاومة الشعب الفلسطيني و التي عجز عن تصفيتها رغم كل ما يملكه من قوة.

و من سخريات القدر أن دور النظام المصري على القضية الفلسطينية و على المصالح الحقيقية للشعب المصري يتم تغليفه بعبارات مضللة من طراز مساعدة السلطة الفلسطينية على ضبط الوضع الأمني و رفع كفائة قوات الأمن الفلسطينية لا لكي تدافع عن الوطن و إنما لكي تلاحق أبطال المقاومة و الإنتفاضة و زجهم في السجون و المعتقلات.

فأمريكا و إسرائيل راضيتان تماما لوجود طرف عربي ينتزع تنازلات بالقوة من الطرف الفلسطيني لصالح إسرائيل لأن أمريكا تريد الهروب و التنصل من التزاماتها في حال ضغطت هي على الفلسطينيين فما دام هنالك طرف عربي قادر على تحقيق المطلب الأمريكي نيابة عنه لصالح إسرائيل فهي ستكتفي بدور المراقب و ستتدخل عند اللزوم و عند رغبتها في ذلك و هذا ما أعلنته رايس أمام الرئيس عباس في رام اللة.

كذلك أمريكا و إسرائيل تريدان أن يأتي الفلسطينيين مطوٌعين عربياً مما يسهل الزامهم في تقديم تنازلات لإسرائيل حتى أن إسرائيل راضية تماماً عن موقف النظام المصري لأن دور النظام المصري جاد في إنتزاع تنازل من الطرف الفلسطيني لصالح "إسرائيل". كذلك أمريكا تريد من مصر إقناع و الزام الطرف الفلسطيني بدور أمني و شن حرب حقيقية بلا هوادة , ضد قوى المقاومة لتحقيق الأمن, لأن الأمن من منظور امريكي و إسرائيلي هو أساس السلام.

فوزير المخابرات العامة المصرية و مسؤول الملف الفلسطيني في القيادة المصرية عمر سليمان إستدعى قادة قوى المقاومة الفلسطينية الى القاهرة كل على حدة لإنتزاع هدنة منهم لصالح إسرائيل علماً بأنه كانت هنالك اجتماعات مستمرة بين كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني و بين رئيس السلطة محمود عباس و كذلك بين تلك القوى و رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع لترتيب هدنة مع الطرف الإسرائيلي و هناك على صعيد آخر إجتماعات إسرائيلية فلسطينية شبه يومية من أجل ترتيب عقد قمة بين شارون و رئيس السلطة الفلسطينية إلا أن التدخل المصري يريد متابعة سير المفاوضات اولاً بأول لأنه يريد أن يسدي خدمة لشارون لأن شارون هو الوحيد القادر على الضغط على حليفه بوش من أجل تخفيف الضغوط الأمريكية عن القاهرة بمطالبتها بإصلاحات سياسية و إدارية.

فالقيادة المصرية و شارون هما الرابحان من هذا المؤتمر دون الإلتفات الى معاناة الشعب الفلسطيني مما يثبت أن تدخل القيادة المصرية في الشأن الداخلي الفلسطيني كان لصالح النظام المصري من ناحية و إنقاذاً لشارون و للسياسة الأمريكية في المنطقة من ناحية أخرى.

شارون ذهب الى مؤتمر شرم الشيخ و هو موعود بأن المؤتمر سيكون مؤتمر إنهاء المقاومة و الإنتفاضة بعد أن ضمن أن محمود عباس يملك في جيبه موافقة فلسطينية على هدنة مع الطرف الإسرائيلي ليفوز بدعم أوسع إقليمي و دولي.

و لقد قفز محمود عباس في المجهول بدون مظلة عندما يقدم تنازلات لشارون بإعلانه إنتهاء المقاومة و الإنتفاضة و يحقق لشارون ما عجز عن تحقيقه بالنار و بالدمار طيلة خمس سنوات . و لكن تلك التنازلات لن تشبع نهم شارون.

و الموقف الأمريكي الجديد تمثل بإستجابته للرغبة الإسرائيلية بعدم تشكيل لجنة ثلاثية أمريكية, إسرائيلية, فلسطينية لإدارة الأزمات, و إكتفت بتعيين منسقاً أمنياً لمتابعة إصلاح إجهزة الأمن الفلسطينية و مراقبة الحدود على الأرض و ضبط الأمن لصالح إسرائيل دون الإلتفات لأمن الفلسطينين قد يطور دور هذا المندوب ليصبح مندوبا سامياً يقوم بدور القائد الفعلي لأجهزة الأمن الفلسطينية مستقبلاً. علماً بأن لجهاز CIA الأمريكي مندوبين لدى وزارة المالية الفلسطينية لمراقبة و تدقيق الصرف المالي.

و أخيراً و ليس آخراً واهم من ظن أن الفلسطينيون إن سلكوا طريقاً آخر غير طريق المقاومة لإنهاء الإحتلال فإنهم سيحصلون على بعض حقوقهم و إنه بإنهاء المقاومة و الإنتفاضة سينتهي الإحتلال و أن التنازلات و مفاوضة العدو الى ما لا نهاية و مقاومة المقاومة سيأتي بالأفضل على الشعب الفلسطيني. و سيثبت التاريخ أن الأطراف التي إجتمعت في شرم الشيخ لم يرق لها أن ترى قيادة فلسطينية صامدة لا تهزها الرياح العاتية كقيادة الشهيد عرفات رغم المآخذ الكبيرة و الكثيرة عليه لأنها تريد قيادة فلسطينية تهتز بدون ريح.

المطلوب من قوى المقاومة موقفاً واضحا و صريح لكل من إجتمعوا في شرم الشيخ برفض نتائج المؤتمر جملةً و تفصيلاً لأنه يشكل خدمة مجانية لشارون على أمل أن يتوسط هذا الفاشي لدى حليفه بوش من أجل تخفيف الضغط عن النظام المصري بإخراجه من دائرة الدول التي يجب أن يشملها ( إصلاح ) الشرق الأوسط الكبير و رضى و مباركة أمريكا لولاية جديدة لحسني مبارك و ضمان الولاية من بعده لنجله جمال و يجب رفضها بشدة لأنها تهدف بالمعنى السياسي الواضح الى مساعدة شارون على إعادة إحياء الحلول الإنتقالية طويلة الأمد على قاعدة مفاوضات عبثية تستمر لفترات طويلة من دون أن تؤدي سوى الى سلخ غزة عن الضفة و إحياء فكرة الحكم الذاتي الإداري و الخدماتي الليكودية في الضفة الغربية لكي تكون هي الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع