مسرح العرائس الفلسطيني..! |
شاكر الجوهري
كاتب ومحلل سياسي - الأردن
10/13/2006
مسرح عرائس..! إلى هذا يريد البعض أن يحول الساحة السياسية الفلسطينية..
في مسرح العرائس، تكون الدمى عديمة الإرادة، وتتحرك وفقا لأوامر وتعليمات ورغبات ماسك الخيط. وهذه بدعة قديمة سبقت اختراع الريموت كونترول..!
الساحة الفلسطينية ربما تتجاوز الريموت إلى حالة من التلباثي بالغ التطور.. وهو يقوم على تلقائية عجيبة.. غريبة في التبعية. إذ ما إن يفكر أحد في البيت الأسود بشيء، أو بفكرة مؤذية ومدمرة للشعب الفلسطيني وقضيته، حتى تبدأ العروسة الفلسطينية بالدعوة لتبني هذه الفكرة والعمل على الترويج لها..!
وثيقة الوفاق الوطني.. الوثيقة التي اقترحها خمسة من أصل عشرة آلاف أسير فلسطيني، وتم التهديد بإجراء استفتاء شعبي لفرضها على كل الفلسطينيين رغم سحب اثنين من الخمسة لتوقيعيهما عليها، وبعد أن أقرتها جميع الفصائل، حفاظا على الوحدة الوطنية.. هذه الوثيقة التي أعطيت صفة مقدسة، تم التخلي عنها دون أن يرف جفن المتخلي، فور أن أومأت "كوندي" بأنها غير كافية.. وأصبح المطلوب محددات للبرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية.. الذي وقع عليه رئيس السلطة، ورئيس وزراء السلطة، وحين عاد رئيس الوزراء لاقتراح إلغاء البند الثامن من هذا الإتفاق، وتعديل البند الرابع، وافق فخامة الرئيس على إلغاء البند الثامن لأنه يعفيه من تشكيل لجنة للمفاوضات، ويجعله (الإلغاء) ينفرد بالقرار التفاوضي دون مشاورة أحد.. لكنه، ومنذ تلك اللحظة، وحتى الآن، يقيم الدنيا ويرفض أن يقعدها لأن هنية يطالب بتعديل البند الرابع من ذات الإتفاق.
والتعديل المطلوب لا يغير شيئا من المعنى، بل هو يوسعه ويجعله أكثر شمولا. البند ينص على أن تساعد الحكومة رئيس السلطة في وضع خطة تحرك للحل السياسي تقوم على قاعدة المبادرة العربية، وما يقترحه هنية هو أن تقوم هذه الخطة على قاعدة الشرعية العربية.. والشرعية العربية تشمل المبادرة العربية وغيرها من القرارات العربية. لكن رئيس السلطة يصر على "المبادرة العربية" وحدها من بين كل قرارات الشرعية العربية..! لماذا..؟ الله ليس وحده يعلم.. ذلك أن جورج بوش، و"كوندي" أيضا يعلمان.. وكذلك ايهود اولمرت..!
وها نحن قد علمنا أن بوش وكوندي واولمرت يرفضون محددات البرنامج السياسي لحكومة الوحدة الوطنية الذي يواصل عباس الإصرار عليه، وأنهم باتوا يطالبون باتفاق مختلف حول ست نقاط، بدلا من المحددات الثمان..!
الأكثر غرابة من كل ما سبق هو أن هذه التنازلات مطلوبة من حركة "حماس"، ليس مقابل استئناف عملية التسوية السياسية، ولا مقابل الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني، أو الإنسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو بدء التفاوض على هذه الأراضي.. لا. إنه مطلوب فقط مقابل الموافقة على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بما يتيح لحركة "حماس" الإحتفاظ لنفسها بعدد من الوزراء مقابل التخلي عن معظم وأهم الوزارات، ومنها الوزارات السيادية..!
"فتح" اعترفت بوجود إسرائيل مقابل اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير، و"حماس" تطالبها "فتح" الآن أن تعترف بإسرائيل مقابل موافقة أميركا وإسرائيل على احتفاظها بعدة وزارات..!
وماذا عن الأرض المحتلة..؟
محرك العرائس أخرس!!!
|