تحية إلى ألوية الناصر

 

البروفيسور عبد الستار قاسم

نحن لا نعلم بالضبط من قام بالعمل ضد مسؤول الاستخبارات، والإشاعات حول الموضوع كثيرة. هناك من يصدق بيان ألوية الناصر صلاح الدين ويعتقد أنه حقيقي وأن العمل كان دفاعا عن حقوق الناس ومصالحهم؛ وهناك من لا يصدق ويعتقد أن المسألة عبارة عن صراع داخل السلطة، أو تنافس بين مراكز القوى في السلطة الفلسطينية.

بغض النظر، إذا كانت المسألة متعلقة بصراع داخل السلطة والتنافس، فأقول لهم: لا وفقكم الله، وآمل أن تستمر صراعاتكم ومنافساتكم حتى تصفوا بعضكم بعضا فيرتاح شعبنا منكم ومن فسادكم. أنتم متعاونون مع إسرائيل وأمريكا وتتآمرون على أمن شعبنا، وقتلتم عددا من المناضلين المجاهدين، وتعاونتم مع العدو في قتل عدد آخر؛ وأنتم نشرتم في الأرض الفساد وانتهكتم الحرمات والممتكات، فلتحل عليكم اللعنة وليدب الفساد في صفوفكم. أنتم عصابة من اللصوص وقطاع الطرق، ولا أعتقد أن أحدا من شعبنا يأسف عليكم.

أما إن كانت الألوية هي فعلا التي قامت بالعمل، فأقول لهم أن الفاسدين لم يتركوا للإصلاح منفذا، وأن السلطة الفلسطينية تصر على غيها وتصميمها على الاستمرار في تمزيق الأنسجة الأخلاقية والاجتماعية والثقافية لشعبنا الفلسطيني. لا أحد في الشارع الفلسطيني يريد إراقة الدماء، لكن هناك من يصل في النهاية إلى نتيجة مفادها أن التخلص من بعض رؤوس الفساد أخف فتنة من الفتنة التي ينشرها فساد السلطة وأركانها. أي أن المسألة في النهاية تتعلق بالتخلص من فاسدين عسى في ذلك ما يخفف من المأساة التي يعيشها شعبنا. الفساد هو الفتنة الأعظم، وكل من يهادنه أو يجد له المبررات فإنه جزء منه.

الشعب الفلسطيني يدفع ثمن سكوته على الفساد ومهادنة الفصائل الفلسطينية له. كنا نظن أن الفساد عبارة عن أمر عابر وأن رئيس السلطة سيتخذ الخطوات المناسبة من أجل القضاء عليه. تبين أن هذا عبارة عن وهم، وأن رئيس السلطة إما جزء من طاقم الفساد أو رهينة لديه ولا يقوى على اتخاذ قرارات. استفحل الفساد حتى حلت الفوضى في الشارع الفلسطيني، ومزقت الناس ونشرت البغضاء والكراهية، وأضعفتنا جميعا في مواجهة العدوان الصهيوني الذي لا ينقطع.

من شاء أن يكون قويا في معركة البناء وفي معركة المواجهة ضد الاحتلال، لا بد أن يبني جبهة داخلية صلبة، أما مع الفساد فالمآل هو الخوف والتراجع والتمزق والخيبة.

سلمت كل الأيادي والكلمات التي تقف بوجه الفساد دفاعا عن دماء الشهداء وصرخات الأسرى وأنات الأرامل ودموع اليتامى. والنصر في النهاية لشعبنا الصامد المؤمن بربه الوفي لقضيته.

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع