هل تصلح منظمة التحرير إطاراً للوحدة الوطنية؟

 . إبراهيم علوش

كاتب ومحلل سياسي - رئيس تحرير التجديد العربي

www.arabrenewal.com

  1/5/2005

كم من جريمة سياسية ارتكبت باسم الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية! فعند كل مفصل محوري في مسيرة العمل الوطني، كانت الشرائح الفلسطينية الباحثة عن دور في المشروع الأمريكي-الصهيوني تلعب ورقة «الحفاظ على الوحدة الوطنية» لتلجم القوى والشخصيات المناهضة للتسوية، ولتعزلها عن قاعدتها الجماهيرية بتهمة «شق الصفوف». فبقي تيار التسوية بذلك «الممثل الشرعي والوحيد» حتى وهو يقدم أكبر التنازلات المبدئية، أو تمكن بالحد الأدنى من فرض جدول أعماله مرجعيةً للحوار الفلسطيني-الفلسطيني حتى وهو يرفض الحوار ويمارس الإملاء والاحتواء.

وقد وقع كثيرون، داخل فتح وخارجها، ضحيةً لابتزاز «الوحدة الوطنية» حيث كانت الساحة بأمس الحاجة لفرز الألوان، لا لخلطها، وحين كانت المرحلة تتطلب من تيار المقاومة والتحرير، بشخصياته وفصائله المختلفة، الإمساك بزمام المبادرة ميدانياً وسياسياً، لا التسليم بالقيادة لتيار التسوية والتصفية.

وقد وقع الأخوة الأعزاء مجاهدو كتائب الأقصى والعودة مؤخراً بفخ وحدوي آخر، عندما سلموا بالقيادة للتيار الصهيوني في فتح، كما كان يسميه هاني الحسن، حفاظاً على «وحدة التنظيم»!

كذلك وقع الرفاق الأعزاء في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بفخ وحدوي آخر بموافقتهم على الانتخابات في ظل الاحتلال، فانقلبوا بذلك على قرارٍ مبدئيٍ بالمقاطعة قبلها بأيام لم يكن قد جفّ حبره بعد. وألقوا بثقلهم فجأةً خلف مرشحٍ، يتمسك علناً بترهات «النضال السلمي» و«حل الدولتين»، كأبي مازن، ولا يختلف عنه إلا بارتباطه بالمشروعٍ «الشرق أوسطي» من زاوية الاتحاد الأوروبي ومنظمات التمويل الأجنبي، أي زاوية العولمة، بينما يرتبط أبو مازن بالبعد التنفيذي للمشروع الأمريكي-الصهيوني هنا والآن. فالبرغوثي قد يأتي دوره لاحقاً.

على أية حال، ربما جاءت الخطوة التراجعية من الجبهة الشعبية، بعد زيارة البرغوثي القصيرة جداً إلى دمشق، في منزلة ما بين الحفاظ على «وحدة الساحة الفلسطينية» و«وحدة اليسار»، خاصةً بعد فشل الشعبية والديموقراطية وحزب الشعب بالإجماع على مرشح «يساري» واحد يحظى بفرصة حقيقية للنجاح في انتخابات سلطة ربع الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال!!..

وكانت الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية قد وافقت على الاعتراف بحق دولة العدو بالوجود، وبتبني «الأساليب السلمية» لحل «النزاع»، في المجلس الوطني التاسع عشر المنعقد بالجزائر في 12- 15 تشرين ثان/ نوفمبر 1988، الذي أقر «وثيقة الاستقلال» على هذا الأساس، حفاظاً على «الوحدة الوطنية» بالطبع!

وفي دمشق، مرة أخرى، عجزت الفصائل العشرة المجتمعة في مخيم اليرموك في 1 كانون أول/ ديسمبر 2004 عن الاتفاق على موقف موحد بصدد انتخابات سلطة ربع الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وبصدد اللقاء مع أبي مازن القادم إلى دمشق، فظلت بذلك في مدار جدول أعمال تيار التسوية والتصفية حتى وهي تعارضه، وظلت فاقدة للمبادرة السياسية حتى وهي تقدم الكثير الكثير في الميدان.

فحيث كان يمكن أن تكون الوحدة وطنية فعلاً، لم تبذل الفصائل العشرة ما يكفي من الجهود الوحدوية. فبقي إطارها الشكلي هكذا أسيراً لردود الفعل البلاغية القاصرة، والتقى أبو مازن مع بعضها فرادى، حيث كان عرفات نفسه يرفض لقاءه أو التحدث معه حتى ما قبل وفاته بقليل، فانتصرت العقلية الفصائلية بذلك لمصلحة الوحدة غير الوطنية، لكل فصيل على حدة، مع تيار التسوية والتصفية.

ولتكون الوحدة وطنية فعلاً، لا بد لها من شرطين: 1) أن تقوم على أساس برنامج وطني، أي برنامج التحرير والمقاومة والعودة، 2) أن تكون لها قيادة وطنية. فليس من المعقول أن نطلق صفة «وطنية» على أية وحدة كيفما اتفق، أو أن تكون الوحدة مع المتعهدين الأمنيين والسياسيين للمشروع الأمريكي-الصهيوني «وحدة وطنية»...

واليوم، يطلب كثيرون من حماس والجهاد أن تنضما إلى منظمة التحرير الفلسطينية، من جديد، حفاظاً على «الوحدة الوطنية الفلسطينية». ولكن حماس والجهاد سترتكبان جريمة سياسية إذا وافقتا على الانضمام لمنظمة التحرير، التي يرئسها أبو مازن حالياً، بدون الإصرار على شطب القرارات الملزمة للمجالس الوطنية من الثاني عشر في القاهرة عام 1974 الذي أقر مشروع النقاط العشر وانحراف «الحل المرحلي»، إلى جلسته في غزة في 14/12/ 1998 التي شطّب فيها الميثاق الوطني الفلسطيني.

فمنظمة التحرير ليست إطاراً صالحاً للوحدة الوطنية إلا على أساس الميثاق الوطني الفلسطيني غير المعدل، وتحت قيادة تيار المقاومة

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع