عبد الرحيم نصار

كاتب وشاعر فلسطيني

                                         11/21/2003      

البانوراما الفلسطينية القذرة.. وطريق الخلاص!

 

الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مأزق صعب، فهو يواجه الإهمال والتجاهل من الإدارة الأمريكية، ويواجه الحصار والتهديد من حكومة الليكود المتطرفة، ويواجه الانتهازيين في السلطة الفلسطينية، ومع ذلك يكابر ويردد بمناسبة وبغير مناسبة: "يا جبل ما يهزك ريح".!

فالإدارة الأمريكية الحالية.. المنقادة لرغبات شارون.. تصر على عدم التعامل مع عرفات لأسباب عديدة منها: إرضاء شيوخ الكويت الحاقدين عليه حتى الآن بسبب موقفه المؤيد (ولو بالكلام) للنظام العراقي لدى غزوه الكويت عام 1990م، علمـًا بأنهم بأمر من أمريكا وإسرائيل صفحوا عن الأردن لموقفه المشابه، ويستعدون لاستقبال الملك عبد الله الثاني، مع أن والده الحسين أيد الغزو وظل يدعم نظام صدام ويفتح حدود بلاده مع العراق للتخفيض من الحصار الذي فرض على هذا النظام، فهل لدى الكويت تفسير منطقي لهذا اللغز الغامض الغريب؟ طبعـًا شيوخ الكويت الميامين لا يستطيعون تفسير اللغز الغريب والموقف المتناقض، فهل يستطيع الدكتور الفيلسوف أحمد (الرِبْعي) الحارس الأمين لهؤلاء الشيوخ الأماجد تفسير هذا اللغز نيابة عنهم؟!

والإدارة الأمريكية الحالية المجرمة وعلى رأسها الطفل المعوق الأجوف بوش، والقبيحان (كولن باول وكونداليزا رايس) اللذين من المفروض أن يشاهدا فيلم (الجذور) خمسـًا وعشرين ساعة في اليوم ليخجلا من نفسيهما ويعرف أصلهما وما فعلته أمريكا بآبائهما وأجدادهما، كل هؤلاء وغيرهم من المجرمين الحاقدين على الفلسطينيين من أجل عيون اليهود الصهاينة، يريدون عزل عرفات الرئيس المنتخب، عن قيادة الشعب الفلسطيني، وتجريده من كل صلاحياته ومسؤولياته، عقابـًا له لأنه كما يزعمون أفشل مفاوضات كامب ديفيد- مع أنهم كجمهوريين كانوا مغتبطين جدًا لفشل تلك المفاوضات نكاية بكلينتون رئيس الحزب الديموقراطي آنذاك-، وعقابـًا له لأنه لم يقم بواجبه المطلوب منه وهو القضاء على الانتفاضة وسحق قادة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وكتائب الأقصى ولم يقم بإيقاف العمليات الفدائية الاستشهادية (التي يسمونها الانتحارية والإرهابية).. ولم يقم بتحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع الإسرائيلي، وترى الإدارة الأمريكية وحكومة الليكود أن إزاحة عرفات أمر ضروري لتـنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني الرامي إلى طرد الفلسطينيين وتصفية وإنهاء المقاومة من خلال إحلال بدلاء وعملاء ينفذون ما يطلب منهم بسهولة.

ومن أجل تـنفيذ ذلك المخطط الرهيب المسمى بخارطة الطريق التي لم يفهمها التافهون حتى الآن على أنها خارطة الطريق إلى إقامة إسرائيل الكبرى والسيطرة الصهيونية على منطقة الشرق الأوسخ بالكامل، حاولت الإدارة الأمريكية وإسرائيل إيجاد منصب رئيس وزراء ووزير داخلية عميلين للقضاء على المقاومة وتجريدها من السلاح القليل الذي تمتلكه، وأجبرت عرفات بالضغط والتهديد على الموافقة على إيجاد رئيس للوزراء وهو محمود عباس (أبو مازن) الإيراني الأصل البهائي المذهب (واسمه الحقيقي محمود عباس شاه زاده)، الذي حاول الاستعانة بمحمد دحلان كرئيس لجهاز الأمن الوقائي لقتل رموز المقاومة في حركة حماس والجهاد الإسلامي والقضاء على الانتفاضة لصالح إسرائيل، ولكن عرفات وجماعته من القطط السمان في فتح كانوا لأبي مازن وأبي فادي (محمد دحلان) بالمرصاد حيث وصف عرفات أبا مازن بأنه (قرضاي) فلسطين، وكشف بواسطة الوسائل الإعلامية الموالية له عمالة أبي مازن في محادثات شرم الشيخ وأمر بنشر خطابه الخياني في مؤتمر العقبة، ومن ناحية أخرى عين المجرم الطبل جبريل الرجوب رئيسـًا لجهاز الأمن الوقائي بدلا من المجرم الخائن محمد دحلان الذي يطمح أن يكون بديلا لعرفات في يوم من الأيام، والسؤال هو: ما هي مؤهلات دحلان والرجوب؟ سامح الله عرفات، أليس كثيرًا على الواحد منهما أن يرعى سخلتين؟!

وبعد أن فشل أبو مازن في التفاهم مع عرفات وتـنفيذ ما تريده أمريكا وإسرائيل، استقال وسقط وسقطت حكومته الفاسدة، ثم جاءت أمريكا بـ(أبو علاء) أحمد قريع وهو من جماعة عرفات ومن قططه السمان ليحل محل محمود عباس (أبو مازن) كرئيس للوزراء، وفشل الرجل واستقال ظاهريـًا، وتلك شنشنة أخزم، ثم عاد وقال أنه تلقى أمرًا شفويـًا من عرفات بتشكيل وزارة طوارئ ثم موسعة ولكنه لم يتسلم تكليفـًا خطيـًا.. وقال ردًا على أحد الصحفيين: إنه سيقبل بتشكيل الوزارة وإنه يعتبر ذلك (خدمة علم).. ولا تـزال المهازل تترى فقد تخلى قريع عن رئاسة المجلس التشريعي وعين بدلا منه رفيق النتشة وزير التجريف الزراعي سابقـًا، ومن أبي مازن إلى أبي علاء إلى أبي فادي إلى النتشة إلى هاني الحسن.. يا قلبي لا تحزن، أرأيتم أسخف وأعجب ممن يقودون الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة القذرة؟! وهل يمكن لعاقل أو حتى طفل فلسطيني أن يأمل خيرًا من هؤلاء الفاسدين والخشب المسندة؟!، إن الشعب الفلسطيني لا يطيق النظر إلى وجوههم البشعة المقرفة.

كنا نصمت دائمـًا على تخبط عرفات وهذه الجوقة التي احتضنها ورباها على الانتهازية والفساد والولاء له، لكنه الآن يعض أصابع الندم لأن معظمهم يريدون أكله بلا ملح في وقت ضعفه وهرمه وعجزه عن دفع المبالغ الطائلة لهم لكسب ولائهم، ولأن أمريكا أو إسرائيل ستدفع لهم أكثر وقد تهيئ لهم المناصب التي يطمعون فيها، كنا نصمت ونسكت عن الفساد والتجاوزات وعن المؤامرات التي تحاك في الظلام ضد القضية الفلسطينية، وكنا نقول إننا إذا بصقنا إلى فوق فإن البصقة ستسقط على لحانا، وإننا سنفضح أنفسنا أمام الشعوب العربية التي طالما أعجبت بالشرفاء والمناضلين والمقاومين من الشعب الفلسطيني، والآن ما الذي يجعلنا ككتاب ومثقفين نصمت بعد أن بانت عورتـنا الشبيهة بعورة القرد؟! وإلى متى سنظل نجامل وننافق وندجل على أنفسنا؟ إلى متى سنظل مسخرة أمام الأمم والشعوب؟

ماذا حققنا بعد الضياع والشتات والذل والتشريد على مدى أربعين عامـًا؟ لماذا لا نتخلص من الجبن والعمى والطرش والخرس ونقول حقيقة ما وصلنا إليه وما نحن فيه من بلاء ويأس وإحباط؟ ولماذا لا نطلب بل ونعمل على كنس هؤلاء الذين لعبوا بنا وبمصالحنا أربعين عامـًا؟ هل انحصرت قضيتـنا المقدسة ببقاء عرفات محاصرًا في غرفة ونصف في مقاطعة رام الله؟ لماذا لا يجتمع الفلسطينيون المخلصون في الداخل والخارج ولو في كوريا الشمالية أو فيتـنام الشمالية أو في المريخ ليقرروا مستقبل أطفالنا ومستقبل فلسطين؟ وهل سنظل ننتظر أبا فلان وأبا علان وأبا بطيخ لكي يفعلوا شيئـًا، هؤلاء كلهم لا يستحون ولا يخجلون وقد جلبوا لنا الخزي والعار، هؤلاء التافهون يجب كنسهم لأن أي طفل فلسطيني يقاوم ويستشهد، وكل شابة أو امرأة استشهادية، وكل شاب مناضل وشهيد، نعله أشرف من وجوههم، كفانا ذلا ولهاثـًا وراء هؤلاء الذين تربوا وتضخموا على الفساد والوسخ والخيانة، والنذالة.

شيء أخير نود أن نقوله لياسر عرفات وهو أنه إذا أراد أن يحتفظ ببعض نضاله وبعض أمجاده وكرامته إن بقي له شيء من الكرامة بين قططه الخونة والعملاء الذين غذاهم وعلم أبناءهم في الجامعات وأغدق عليهم الأموال ليبنوا القصور والفلل وليركبوا السيارات الفارهة ويتمردوا عليه، فإن أقل شيء ليفعله هو أن يستقيل فورًا ويحفظ ماء وجهه، ويعطي الفرصة للمناضلين والمقاومين الشباب الشرفاء، ليسجل له التاريخ هذه الخطوة الجريئة.

ماذا تـنتظر يا أبا عمار؟.. هل تـنتظر أن يحميك أبو ردينة أم تـنتظر أن يصيدك شارون (صيدة الفأر في الطحين) ويضعك في قفص ويفرّج عليك خلق الله أو يرسلك إلى جوانـتانامو؟ (إنفذ بجلدك) يا أبا عمار وخل الدرعا ترعى، ولا تخش من قيام حرب أهلية؟.. مع أن قيام حرب أهلية أشرف وأرحم من بقاء الشعب الفلسطيني في هذه الفوضى وهذا الضياع والذل، وخير مما يقوم به شارون من قتل واغتيال وهدم المنازل وتجريف الأرض.

لتقم الحرب الأهلية، وتأكد أن الشعب الفلسطيني الذي ذاق كل هذا العذاب، سوف يقضي في النهاية على الخونة والعملاء والفاسدين وسوف يثأر لك منهم فقد غدروك وأهانوك وأذلوك وسوف يسلمونك لإسرائيل كاللوزة المقشرة!! وأنت بلا شك تعرفهم وتعرف قذارتهم أكثر من أي شخص آخر، افعلها يا أبا عمار قبل فوات الوقت، استقل وسجل اسمك في أنصع صفحات التاريخ، افعلها ولا تترك هؤلاء التافهين يقررون مصير الأقصى ومصير أطفالنا، افعلها فإن هؤلاء العملاء والخونة والفاسدين سوف يفرون كالفئران المذعورة، وسيأتي بدلا منهم رجال مخلصون شرفاء، افعلها فورًا فقد أصبحنا (ملطشة) لكل من هب ودب، وأصبحنا فرجة للعالم، افعلها يا سيدي قبل أن تسقط ولا تجد من يقرأ على روحك الفاتحة.. افعلها فإنك لن تعيش إلى الأبد.. ولن تستطيع أن توّرث (آل القدوة) الحكم في فلسطين فهم غارقون أيضـًا في المفاسد مثل هذه (الثلة التافهة الفاسدة) المحيطة بك والتي سينتقم منها الشعب الفلسطيني ويدفنها في مزبلة التاريخ، فمكانها الطبيعي هناك فعلا.

لقد انتشر وانتفح المئات من ماركة (أبو) حتى أصبحوا كالغش على القش، فهذا يريد أن يحجز وكالة المرسيدس والآخر وكالة تايوتا والآخر يريد وكالة البيبسي أو الكوكاكولا أو مطاعم الهامبورجر والكنتاكي والهرفي.. والبعض منهم يريد وكالة الفياجرا وليس غريبـًا أن يطالب غيرهم بتراخيص لبيوت الدعارة والبغاء.. لقد فاحت روائحهم النتـنة ولم تعد تخفى على أحد.

وبعد كل ذلك يخرج علينا قريع وشعث ونبيل عمرو وياسر عبد ربه وغيرهم وغيرهم من التافهين ليثرثروا على شاشات الفضائيات عن خارطة الطريق وعن الدولة الفلسطينية المرتقبة، وليضحكوا على ذقوننا دون خجل أو حياء، تفووووه!!

أبا عمار.. رجاء!! اترك للشعب الفلسطيني هؤلاء الخونة والدجالين والانتهازيين والأنذال.. ولا تأسف عليهم.. فالنعال بانـتظارهم إن لم يعودوا عن غيهم وخيانـتهم، بل إن أطفال الشعب الفلسطيني الذين يواجهون المجنزرات الإسرائيلية بالحجارة سيدوسون على رؤوسهم وأنوفهم قريبـًا.. قريبـًا جدًا.. وبالتحديد بعد سقوط الأهبل بوش.. وانسحاب (العلوج) حسب تعبير الصحاف.. من العراق!!.. ومن يعش ير

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع