الفلسطيني ثروة عظمى يتم هدرها فمتى ننتبه لها ؟

بقلم أ / نور حسن محمد أبو عاصي

لماذا غاب الإحساس عند الكثير منا بالانتماء ؟

لماذا غاب الإحساس بإنسانية الإنسان ؟

لماذا غاب الشعور بعذابات أمهاتنا ومرضانا وعجائزنا ؟

لماذا غاب الشعور بدموع أطفالنا ؟   .

بحثت كثيرا ونظرت متفحصا في أحوالنا إلى ما آلت إليه من تدهور إلى حد المعاناة التي لا رحمة فيها  ولا شعور ولا إحساس بمجريات القدر على هذه الأرض الطيبة الطاهرة  وتأملت جليا في مسالك عديدة ومتشعبة تتعلق في الطب والتعليم والهندسة والتجارة والصناعة والعمل والمعاملات والسياسة والعسكرية والجهد النضالي  وغير ذلك كثير فبدأت أولا بما أثر في نفسي تأثيرا جما وهو المريض الذي يعاني بصمت معاناة شديدة قاسية بدون أية رحمة أو وازع من ضمير لأولئك الذين شاء لهم القدر أن يتربعوا على عرش الصحة الفلسطينية !!! ولطالما تمنيت أن أجد طبيبا يتابع مرضاه من أجل أن تدخل الفرحة على قلب الطبيب قبل المريض بفعل نجاحه في المداومة والإشراف على مرضاه  شعور ينم عن إحساس عظيم بإنسانية الإنسان وتقدير قيمته !!! وإحساس بالنجاح في أداء الواجب على أكمل وجه !!! .

في كل يوم يزداد المريض الفلسطيني آلاما فوق آلامه لتزداد معاناته وهمومه التي حلت وتحل به  على كل الأصعدة  ومن كل حدب وصوب .

يذهب المريض للعلاج في العيادة الحكومية أو المستوصف فيكتب له المريض التحاليل اللازمة حسب تصوره وعند الذهاب لعمل تلك التحاليل تبدأ رحلة العذاب :

اليوم تخرج نتيجة التحليل الأول وغدا نتيجة التحليل الثاني وبعد غد الثالث والرايع بعد أسبوع أو أكثروأحيانا ماكنة فحص التحاليل عاطلة عن العمل وفي كل يوم يحمل المريض نفسه ويذهب ليقف  صفا طويلا على الدور منتظرا نتيجة الفحص  هذا ما يحدث بالضبط وقد حدث معي فعلا ولا مجال لإنكار أو نفي الحقيقة  .

بعض الفحوصات لا يمكن إجراءها في المستوصف بسبب عدم وجود مختبر وبعضها الآخر في مستوصف أو عيادة الرمال وباقي التحاليل في مستشفى الشفاء وعلى  المريض أن يذهب إلى كل تلك المستوصفات والعيادات والمستشفيات فيزداد المريض إرهاقا فوق إرهاق وعذابا فوق عذاب وهو يتنقل بين تلك الأمكنة باحثا ومنتظرا ومراجعا وسائلا  حتى إذا ما جمع كل نتائج تحاليلة وفحوصاته عاد إلى طبيبه المعالج فلم يجده !!!

يبحث المريض المسكين عن طبيبه فإذا به قد أنهى عمله تاركا مكتبه قبل الظهر ليشرب القهوة أو يطق حنكا مع زملائه  أو يجده في إجازة  أو مسافرا أو منقولا بدون متابعة ولا مراقبة ولا محاسبة من أحد وهكذا ........ 

يذهب المريض إلى طبيب آخر لعله يجد ضالته السحرية الضائعة !!! فيرفض ذلك الطبيب التعامل مع هذا المريض الذي أنهكه الإعياء والتعب تحت حجة يرددها الأطباء دائما في المستشفيات الحكومية فقط  : يجب على الطبيب الذي كتب لك الفحوصات والتحاليل هو الذي ينبغي فقط أن يعالجك !!!

الطبيب إذن غير موجود فما العمل ؟ يذهب المريض إلى الإدارة فيحولونه على مكتب الأطباء لعله يجد من يسعفه  ويخرجه من هذه الدوامة  وعند مكتب الأطباء ينتظر طويلا فالمكتب لا يوجد به أحد وعلى المريض أن ينتظر طويلا أو قصيرا حتي تنقذه الفوضى أو يذهب إلى دكاكين العيادات الخاصة .

انتظر المريض بجوار مكتب الأطباء حتى الواحدة بعد الظهر ولم يأت أي طبيب واحد  وجاء في اليوم الثاني وانتظر طويلا حتى جاء أربعة من الأطباء بعد الظهر  . دخل المريض على الأطباء في مكتبهم العاجي  وكأنه يتسول مستجديا يئن من وطأة المرض  وهنا الطامة الكبرى حيث رفض الأطباء أن ينظروا إليه رفضوا علاجه رفضوا النظر إلى الأشعة والتحاليل والفحوصات وطلبوا منه أن يذهب إلى الطبيب الأول الذي كتب له التحاليل  بل الأعجب من ذلك وأخطر أنهم يتعاملون مع المريض تعاملا فوقيا استكباريا وكأنهم عندما أقسموا قسم المهنة  قد جمعوا بين الحدثين الأصغر والأكبر  !!!

انتظر المريض قرابة شهر وبعيدا عن المبالغة والتضخيم  حتى حضر سيادة الطبيب المتميز الموهوب ليمارس مهنته في المستشفى  كالعادة فكتب لذلك المريض الذي أشقاه أبناء وطنه وأتعبه أبناء دينه وجلدته تذكرتي صرف علاج أو روشيتتين : الأولى يتم صرفها من العيادة التي جاء منها أولا أي على المريض أن يذهب لعيادته التي حولته إلى المستشفى كي يصرف العلاج  والثانية يشتريها من الخارج ( على نفقته طبعا ومن قوت أبنائه )  ولكن للأسف لا يوجد علاج لقد انتهى العلاج من صيدلية المستوصف أو المستشفى على حظ ذلك المريض الفقير  لتتوج رحلة عذابه وانتظاره وتنقله هنا وهناك بكلمة : الدواء غير موجود !!!!!!!!!!!!

يذهب المريض لشراء العلاج على نفقته الخاصة ولم تتقدم صحته ولم يتحقق له الشفاء فذهب إلى دكان طبيب أخصائي آخر جديد ليظهر مهاراته وذكائه من جديد على المريض الغلبان قائلا له  اترك كل العلاج السابق والق به على القمامة . من الذي أعطاك هذا الدواء ؟ هذا الدواء ليس لك .... و اعمل فحوصات جديدة هنا عندي جزء منها والباقي تعمله عند فلان .......!!!!! ؟؟؟؟

ويخضع المريض للكورس الأول ثم للثاني ثم يأتي ميعاد الكورس الثالث وقد عزز الطبيب الموهوب عند مريضه قناعة أن المريض ليس حقل تجارب عند أحد من الأطباء !!!

ولكن كما يقول المثل ( الغرقان بيمسك بحبال من الهواء ) يذهب المريض إلى طبيب ثاني وثالث ورابع ويطلب منه أحد الأطباء إعادة فحص جزء من الخلايا لمعرفة نوع المرض  فنتيجة فحص الخلايا في السابق غير واضحة !!!  مات المريض بعد أن دفع آلاف الشواكل على غير فائدة ترتجى فمن المسئول عن ذلك كله ؟ من الذي يتحمل مسئولية هذا الفشل الذريع في انقاذ حياته  ؟  ومن الذى يتحمل مسئولية عذاب المريض وهو يتنقل بين مكان لآخر ويعامل وكأنه متسولا  ؟ إن هذا هو الواقع الحقيقي لأمننا الصحي  وعن أمننا الغذائي حدث ولا حرج  فمن يتقي الله فينا أيها الناس ؟ الانسان الفلسطيني ثروة عظمى متى ننتبه لها ؟  وهل سيأتي اليوم الذي سنتقرب فيه إلى الوطن باجتثاث تلك الفئات اللا مبالية متى ومتى وألف متى ؟؟؟

إن ما كتبته هنا ليس افتراء على أحد ولا من نسج الخيال ولكنها الحقيقة بعينها .

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع