طبخة الاغتيال وعزومة السلاح
وجيه عمر مطر/
نحف ـ 1948
رغم التأكيد على نفي علاقة لجان المقاومة الشعبية بمقتل المدعو موسى
عرفات، إلا أن المحاولات الدءوبة من قبل السلطة وأزلامها تصر على إلصاقها
بلجان المقاومة الشعبية أو بأطراف من المقاومة المسلحة، وذلك لغرض في نفس
السلطة.
هذا الغرض بات واضحا الآن أكثر من ذي قبل رغم وضوحه منذ البداية، إذ أن
الاختيار والتوقيت وطريقة الاغتيال تؤكد على البعد السياسي الذي رافقه من
التخطيط الى التنفيذ.
المتابعة الدقيقة لتصريحات أطراف السلطة وعلى رأسها السيد عباس كانت كلها
تدلل على أن في الأفق طبخة يتم إعدادها بكل تأن واتقان شديدين والعزومة على
هذه الطبخة سيكون أهل السلاح المقاوم أساسا وان كان على رأس المائدة من
يجلس من العصابات والسراق والمليشيات التي وصل تعدادها في غزة وحدها الى ما
لا يقل عن 22 عصابة.
الطبخة = التخلص من رموز ومراكز قوى تتيح للسلطة التفرد وتسوية كل الأمور
حسب المخطط المرسوم والعزومة على المائدة هم أهل السلاح، ومن هناك ومن على
هذه المائدة يبدأ التفاوض بغض النظر تطول أم تقصر وبغض النظر من الذي سيكون
الضحية الثانية لتسريع وتائر العمل السلطوي وترتيب البيت الفلسطيني بما
يتوافق مع التوجهات الأمريكية والصهيونية.
موسم حصاد السلاح سيبدأ بهذه الشظايا التي لا علاقة لها بالمقاومة المسلحة
بقدر ما تعود ملكية أكثرها الى أطراف أمنية متعددة الأوجه والو لاءات
وسلطوية في بعض الأحيان، وهي في مجملها عمل حق يراد به الباطل، حيث لا أحد
مع انتشار مثل هذه العصابات ولكن من الذي سهل لها امتلاك القدرات التسليحية
الى المعلومات الى الحماية في أكثر الأحايين؟؟
إن اختيار موسى عرفات انما يجيء على خلفية تاريخ هذا الشخص وممارساته
وسلوكياته السيئة الصيت والسمعة من القتل والتعذيب للمناضلين الى حالات
الاغتصاب الى السرقات الى كل ما هو مشين ومهين في السلوك الوطني
والاجتماعي، مما أصبح يشكل عبئا على السلطة كما غيره من الرموز التي تم
صناعتها منذ فترة طويلة وكلها كانت تحت حماية ياسر عرفات، رغم المحالات
المتكررة من البعض في محاولة إبعاد هذه الطغم الفاسدة إلا أنها تحولت بفعل
الحماية القصدية الى مراكز قوى تغولت حتى أضحت عبئا على صانعيها وحماتها،
وهم في بنية السلطة أكثر مما تحتمل مثل هذه السلطة الهزيلة التي تحاول بعد
أن تسرطن جسمها أن تعافيه بالمهدئات أكثر من القيام بعمليات جراحية
استئصاليه كونها سلطة لا تحسن سوى التعامل سوى مع المكونات الملوثة للبيئة
الاجتماعية وهو ما يعاني منه شعبنا الفلسطيني رغم كل عذاباته من العدو
الصهيوني طيلة قرن من الزمن، ليجيء هؤلاء الفساد والسراق والسماسرة ليزيدوا
من عذاباته عذابات أكثر مهانة وتنكيلا.
فهو اختيار لرجل منبوذ على المستوى الوطني والاجتماعي للتخلص منه من جهة
وكمحاولة لتجميل وجه السلطة بالتخلص منه عبر الآخرين كونهم أعجز من أن
يفعلوا ذلك كإقصائه ومحاكمته على جرائمه، فيأتي اغتياله على يد جماعة
مسلحة ، أو على يد طالبي الثأر منه شخصيا وهم كثر والفرحة الآن تملأ قلوب
هؤلاء الثأريين، أو على يد عصابة قتلته واختطاف ابنه ومرافقيه لطلب فدية
إذا أمكن، وكلها سيناريوهات مطروحة في البازار الأمني العصابي وليس الأمن
الوطني. لخلق مبرر تعد له السلطة لغرض في نفسها أو في الحقيقة لتنفيذ
متطلبات منها وبخاصة بعد انسحاب شارون الصوري من بعض غزة.
أو كما ذكرت لجان المقاومة بأن من يقف وراء الاغتيال المدعو محمد دحلان عبر
سمير المشهراوي اللذين استغلا بعض أعضاء لجان المقاومة لتنفيذ الاغتيال
الذي تم تحت نظر بعض رجال الأمن والشرطة دون أي حركة من أحد. وهو الأمر
الذي يضع ألف علامة سؤال ، ويجيء ليؤكد رؤيتنا لفعل الاغتيال وأبعاده.
يجيء الاغتيال لشخصية بوزن موسى عرفات وهو وزن من نوع مختلف عن الوزن
السياسي لشخصية سياسية أو وطنية، ولكنه وزن لمركز من مراكز القوى التي
ترعرعت في ظل عرفات حتى تورمت، يجيء هذا الاغتيال ليؤكد على ما يلي :
1
/ سيطرح هذا الاغتيال مسألة السلاح بعامة، وانه لا يجوز أن يبقى السلاح بيد
افراد أو جماعات وبخاصة الذي يمتلكه أفراد وجماعات وعصابات وهو السلاح غير
المرخص، وتحديدا ممن ليس لهم علاقة بالسلطة أو بجهات أمنية.
2
/ ضبط إيقاع السلاح وحامليه بما لا يتعارض مع سياسات السلطة وتفاهماتها مع
العدو الصهيوني.
3
/ سيطرح موضوعة سلاح المقاومة في مرحلة لاحقة تحت شعار لا سلاح غير سلاح
السلطة ، وهو الشعار الذي يذكرنا بشعار الملك حسين حين طرح شعار لا سلطة
لغيره، عندما طرحت المقاومة شعار (( لا سلطة فوق سلطة المقاومة )) مستغلا
ذلك لتنفيذ مؤامرة أيلول الأسود لصالح العدو الصهيوني التي أنهى بموجبها
على وجود المقاومة الفلسطينية في أهم جبهة من جبهات المواجهة مع العدو
الصهيوني، وقد وافقته قيادة فتح المتنفذة آنذاك، وقد صرح بذلك صلاح خلف من
على شاشة التلفزيون بتسليم السلاح ومغادرة عمان عندما اعتقلته سلطات النظام
الأردني، وكان إن انسحبت المقاومة الى الشمال وتم حصارها هناك وتصفينها
واستشهد القائد أبو علي أياد بعد الخذلان الذي مارسته قيادة فتح معه ومع من
رابط الى جانبه في مواجهات دامية وبطولية ضد قوات الملك حسين وما زلنا نحفظ
الشعار التاريخي الذي قاله قبل استشهاده بساعات ردا على برقيات زملائه من
القيادة (( نموت واقفين ولن نركع )).
4
/ إن اغتيال موسى عرفات سيفتح الباب أمام اغتيالات وتصفيات قد لا نعرف
حدودها واستطالتها، وكله بهدف الإلحاح على مصادرة ولملمة سلاح المقاومة.
5
/ إن السلطة الفلسطينية معنية بشكل مباشر أكثر من أي وقت مضى على إنهاء
وجود المقاومة المسلحة وبخاصة بعد اتفاقات جانبية قد تمت ما بين أطراف من
السلطة وبين قيادات من حكومة العدو الصهيوني وأمريكا.
6
/ السلطة الفلسطينية أمام دفع فواتير مستعجلة وملحة لإرضاء الجانب
الصهيوني والجانب الأمريكي وليس اقلها تفكيك بنية المقاومة التي عجز عنها
العدو الصهيوني طيلة السنوات الماضية ورغم كل همجية شارون وعصاباته
وعملائه.
7
/ ومن هذه الاشتراطات أو الفواتير التي لا بد للسلطة من دفعها والاستجابة
لها كي تبقى سلطة لها نفوذها على (( البشر الفلسطيني )) رغم كل التهويلات
والتهويشات التي تلوح بها من المعابر الى الحدود الى الميناء والمطار
والربط ما بين غزة والضفة .. الخ، هناك بعض المسائل وهي في منتهى الأهمية
للفلسطينيين، ومنها:
أ
/ مسالة أو قضية اللاجئين الفلسطينيين وهي مسألة شائكة وخطيرة وتزداد نسبة
الخطورة على هذه القضية كلما اقتربت منها السلطة، ولهذه القضية جانب أخر من
الحوار الذي لا بد من إعطائه الأهمية.
ب
/ التحول في قضية اللاجئين من كونها قضية لاجئين الى مغتربين، واعتبار كل
من في الخارج ليسو سوى مغتربين يحملون جواز السلطة أو جنسيات ثنائية، على
غرار الاغتراب اللبناني أو السوري.
ت
/ اعتماد سياسة ضبط السلاح تحت شعار (( الفلتان الأمني وفوضى السلاح )).
ث
/ إضعاف المقاومة وبالتوازي تقوية السلطة من خلال مجموعة من الإجراءات، مثل
تحسين وجه السلطة واداءاتها على المستويين الاجتماعي والمعيشي.
وعليه فان هذا الاغتيال إنما يأتي في سياق تفعيل سياسة التواطؤ المتساوقة
مع نتائج إعادة الانتشار من غزة داخل المناطق المحتلة لعام 1967 ، وما
القادم إلا بعض مما سنرى من تفاعلات الاتفاقات غير المعلنة ما بين السلطة
وبين سلطات الاحتلال.
اذن الطبخة هي الاغتيال أو مجموعة من الاغتيالات، والعزومة الاساسية على
هذه الطبخة هو سلاح المقاومة، مع الترتيبات الأخرى بالتخلص من ارث عرفات
الثقيل على السلطة ( العباسية ) كمراكز القوى وعتاق ( فتح ). |