وقد أسمعت إذ ناديتَ حيا.. ولكن لا حياء
ولا استحياء في وجوه هؤلاء
فهمي خميس شراب
محاضر في جامعة الأقصى/
غزة- خان يونس
الكثير كان يتوقع مني أن أتابع قضية فشل الانتخابات التمهيدية لحركة فتح
أو البرايمرز وما تمخض من مظاهر غير حضارية من إشعال النيران في مقرات
ودوائر الانتخابات وإطلاق النار وغيره .. وهنا حقيقة أريد أن انوه لها
وهي حقيقة اكشفها لجميع القراء وهي أنني أحب أن اكتب بقلب منشرح وليس
منقبض إلى درجة الاختناق.. وأضع مقترحاتي بعين متفائلة ومتوسمة الخير
الكثير في القائمين على إنجاح مشروع ما أو فكرة ما.. لا أريد هنا أن أركز
حديثي عن الانتخابات إذ أن الانتخابات سواء في حركة فتح أو غيرها أو
التشريعية أو الرئاسية هي عبارة عن ظاهرة أو عملية تتكرر وستتكرر حيث
أنها الآلية التي سنها الدستور واقرها النظام من اجل تكريس مبدأ التداول
على السلطة .. غير أنني ما زلت ألاحظ بأننا في المجتمع نضع العربة أمام
الحصان ونريد منه أن يسير بأقصى سرعته وهذا بالطبع مستحيل ..
أي أن هناك عيون متنفذة في السلطة لا تريد ظهور شخصيات جديدة فاعلة في
المجتمع ولا تريد من الشعب أن يصوت لهم .. يريدون أن يبقوا في السلطة رغم
سواد صورتهم وافتضاح أمرهم .. إنهم يحاربون باسم الديمقراطية أسس
ومرتكزات الديمقراطية وخاصة مفهوم التداول على السلطة وهو أساس استمرار
النظام والسلطة المنتخبة من قبل المجتمع.. أو مثلا الفصل بين السلطات
الثلاثة وأيضا التدخل من خلال السطوة والنفوذ في السلطة الرابعة أي
الإعلام من خلال التليفزيون أو الوسائل الأخرى من اجل التأثير على
المواطنين وعلى توجهاتهم.. إنهم فاسدون مفسدون يريدون محاربة الفساد !!!!
ومن خلال جلوسي مع العامة والخاصة عرفت بأن كثيرا من المرشحين للانتخابات
هدفهم الأول كان زيادة الراتب والمميزات والامتيازات فقط حيث هناك تنافس
عائلي داخل الأسرة الواحدة على ذلك معتبرا انه ابن عائلة كبيرة في البلد
أو لديه من الممتلكات الكثير وليس مثلا لديه قدرة على العطاء والتقديم
للمجتمع وتقديم مشاريع تخدم مصلحة البلد..
ومن هذا المنبر . أن أوجه نداء لجميع الوزراء الفلسطينيين بان يتركوا
مناصبهم إذا وجدوا بأنهم غير أكفاء ووجدوا بأنهم اضعف من أن يقفوا في وجه
الموجة العالية والعاتية كي يعطوا الفرصة أمام طاقم جديد قد يكون ذو
كفاءة وقد يكون احرص على المصلحة الوطنية .. فانا أمنيتي تتلخص فعلا في
أن أرى مثل ما رأيت في دول أخرى بان الوزير يأخذ معاشه بعد مروره بالسن
القانوني للتقاعد أو نهاية للخدمة ليمارس حياته الطبيعية وقد يشتغل
محاضر في الجامعة أو أستاذ أو حتى سواق .. لماذا يصر من يصبح وزير بان
يبقى وزير حتى آخر نفس ؟ ويجعل من أولاده مسئولين بالقوة ويوظف حتى
زوجته برتبة عقيد ؟؟ ولماذا يعطي أبناءه الحق بالتعلم في الخارج ويمنحهم
شيك مفتوح ليصرفوا بمئات آلاف الدولارات على حساب المنظمة أو السلطة؟؟
هل يبقى الوزير وزير إلى الأبد لعدم وجود وجوه جديدة وقيادات متعلمة
يستطيعون إمساك دفة القيادة ؟؟ إن هذا استهتار بالشعب وقدراته ومتعلميه
ومثقفيه وكفاءاته.. واستخفاف بأبسط القواعد الإنسانية التي من شانها
الارتقاء بالمجتمع نحو العلياء ..
على كل حال.. حتى لا ينصب حديثنا عن فقط الانتخابات .. فان هناك ما هو
أحق في الأولوية وهو كبح جماح القتال العائلي وضرورة تدخل قوات الشرطة
بالتعاون مع الأجهزة الأخرى وعدم بقائها مكتوفة اليدين مكسوفة الخدين..
وخاصة أن أفراد الأجهزة الأمنية قد نالوا جميع مطالبهم وحتى أن الجندي
أو الشرطي أو العسكري الذي لا يحمل أي شهادة قد تفوق من ناحية الراتب على
الكادر المدني مثل الأستاذ ومحاضر الجامعة والذي يحمل شهادة وله عائلة
كبيرة ...
إن عدم تدخل الأجهزة سوف يعطي الضوء الأخضر لكل عائلة لتكوين جيش صغير
يدافع عنها من أفرادها وهذا حقها إن لم تتدخل الأجهزة في كل المشاكل (
الطوش) العائلية دون الخوف من سطوة عائلة ما..
على العموم, ومنذ فقط شهر أو أكثر بقليل, فقد حضرت اجتماع ضم وزير
الإعلام ونائب رئيس الوزراء دكتور نبيل شعت, في ديوان آل شراب في خان
يونس وبالتالي أردت بعد فتح الباب للنقاش أن أشارك بعدة أسئلة ومنها كيف
سوف نعالج قضية انتشار السلاح بين أيدي أفراد الشعب والتي تسببت في ظاهرة
الفلتان الأمني والاجتماعي والأخلاقي؟ ألا يجب على الأجهزة الأمنية أن
تتدخل بكل ثقلها ومهاراتها في لم الأسلحة من بين أيدي الأفراد؟ فكان رد
معالي الوزير صريح جدا ومفاجئ في نفس الوقت, بان عدد الأسلحة بين أيدي
الشعب أكثر من عددها ضمن أجهزة السلطة.. وبغض النظر عن مدى قوة العبارة
أو الرد إلا أنني اعتبر رده هروب إلى الأمام وقفز من فوق جداران المنطق
وانه يقر الوضع على ما هو.. ومن الملاحظ أن جزء كبير من الأسلحة
الموجودة بين أيدي الشعب هي أسلحة الأجهزة والتي تستعمل أثناء وجودها
كعهدة بين أيدي الضباط وأفراد الجهاز.. وهذا خطا كبير يجب تجنبه لعدم
إتاحة الفرصة لتسليح الأفراد أثناء حياتهم العادية الطبيعية لذلك مطلوب
أكثر حزم وأكثر إصرار على تطبيق اللوائح ضمن الأجهزة الأمنية أولاً.. ومن
ضمن الأسئلة التي طرحتها على معالي الوزير بان لماذا اجتمعتم وقررتم
زيادة الرواتب وزيادة الامتيازات وصرف سيارات جديدة تكلفة السيارة
الواحدة 90 ألف دولار لأعضاء البرلمان بسرعة وبقراءات سريعة دون إضاعة أي
وقت بينما ليست سياستكم البرلمانية هكذا أمام الفئات الأخرى والتي
اعتبرها وتعتبرونها انتم أكرم منكم جميعا واشرف منكم جميعا أيضا وهي
فئات اسر الشهداء العريضة والأسرى والمعتقلين والجرحى والمتضررين من
الانتفاضة المباركة ؟؟
لا اذكر الإجابة بالضبط غير أن الحضور اعتبر انه لم يسمع أي إجابة..
لا ادري إلى متى سيبقى الحال على ما هو من انفلات وفوضى وعبث رغم وجود
مطالبة شعبية عارمة بتدخل الأجهزة في الحياة الاجتماعية لتقليص مثل هذه
المظاهر والقضاء عليها؟؟
لا ادري هل مثل هذه المظاهر تصب في مصلحة البعض؟ أي أن هناك أفراد تستفيد
من مظاهر الفوضى والفلتان وتكريس ثقافة الفساد... أخشى ما أخشاه أن تأتي
إجابة على هذه التساؤلات بأنه ( لعلو خير) مثلما كانت إجابة رئيس الحكومة
اويحي في نقاش دار بالبرلمان الجزائري قبل عدة سنوات عندما سؤل: بان هناك
أصابع اتهام تشير لتورط الحكومة في المجازر التي تحدث في الجزائر فأجاب
بالنفي وبان الحكومة بعيدة كل البعد عن هذه التهمة وقال في النهاية بان
المجازر ومظاهر القتل بالعشرات قد تكون خير ( لعله خير) و(عسى أن تكرهوا
شيئا وهو خير لكم) فأي خير يا اويحي في المجازر ؟؟ وأي خير يا أجهزتنا
الأمنية في مظاهر الفلتان والانحطاط الأخلاقي والاجتماعي وأي خير في
استمرار الفساد برموزه المكشوفة الوجوه ؟؟ |