وقع الفأس بالرأس!

 

سوسن البرغوتي:1/10/2005

إن تقديم أجساد عارية لاختيار ملكة جمال فلسطين التي ما زالت تعاني من قهر الاحتلال، والفقر والحاجة، وتودّع في كل يوم الشهداء تباعاً، وتواسي الأيتام والأرامل والبيوت المطحونة، تعتبر ظاهرة على طريق التطويع والتطبيع، وكثير من الإباحية وخلع ستار الحشمة، وقبل ذلك كله التطبيع المجاني لخلع الحياء من أخلاق فتياتنا، وتدريبهن على التعري بلا وجل ولا خجل.

فهل ستفتخر السلطة "الوطنية" الفلسطينية بتشغيل بنات فلسطين على درب التعرية الجسدية في فنادق المرتزقين من الفلسطينيين..؟

وهل سنرى لاحقا فتياتنا يقدّمن "خدمات سياحية" في كازينو أريحا.؟ وهل بهذا نتخلّص من معضلة عدم توفر الوظائف.!؟

على ما يبدو أن زمن الذكورة ولى ومضى، وهناك من رجالاتنا من يستورد صفات كثيرة من الغرب الحضاري، فلا غيرة ولا يحزنون. إنما تقاطع مصالح مادية باتت سائدة في عالم اليوم..!

بل وتقبّل التفاعل مع المجتمع "الإسرائيلي" الذي عُرف بإباحيته على أنه من علامات السلام القادم على أجنحة الاستسلام.

سقى الله أيام التخلف، يوم كنّا نفخر برجالنا "النشامى.!" أما في ظل قبول القفز فوق وتحت الخطوط الحمراء، فيبدو الأمر من منظور المطبّعين، تطورا وتقدماً وتحضّراً.

إذا كان تحرر المرأة العربية سيفقدها أجمل ما تميزت به وهو الحياء، وتسعى إلى تقليد إحداهن في أمريكا التي تعرّت احتجاجاً ورفضاً للحروب الظالمة التي تشنّها أمريكا على فقراء العالم، وذلك بأن تتعرى فتياتنا الفلسطينيات في محافل الجاسوسية ويسمى بالتحضر والمدنية، فالأجدر بنا أن نرفض بشدّة تحلّل وتفسخ القيم الأخلاقية للمرأة العربية.

ظاهرة الانحلال الأخلاقي توّجتها قنوات فضائية عربية في مسعاها إلى تسويق النجوم الهابطة علينا من فضاءات عربية، تيمّنا  بالغرب لجني الربح السريع.
 ونرى الأسرة ممثلة بالأب والأم والأخوة يشجعون ابنتهم وهي بعمر الزهور على الاستمرار بعرض المفاتن وإثارة الغرائز، بغض النظر عن العواقب التي ستجعل من هذه التصرفات عادية للانخراط في مجالس تجر المرأة بطريقة ما إلى سوق نخاسة.عندما تصبح الإباحية في الملبس والحركات البهلوانية والتسابق على تقديم كل ما هو هابط منحلّ، نجد أن الذكورة تخلت عن صفات ترقى إلى مستوى الرجولة.
 فهل يتساوى الذكور الذين يقدمون بناتهم قرابين للعولمة المنحطة، والرجال الذين يقدمون أرواحهم وعائلتهم فداء للشرف..؟

 لم يعد تبادل الكلمات النابية على مسرح الفنون بتنوع أمكنتها وأوقاتها من المحرمات، إنما كلما تصاعد مستوى الجنون واختفت الأخلاق، ثبت الفساد وشاعت الفوضى الاجتماعية. وانهيار ثقافتنا التراثية لا بد أن يحقق نصرا علينا باقتلاع جذورنا، وهزيمة لنا لنصبح عراة حفاة على حساب الرجولة العربية.
 تركنا الأسس الصحيحة لتطوير مجتمعاتنا، وتشبثنا بالقشور.
 وبدا الذكر العربي مفلسا لا يقدم ولا يؤخر حتى في قيادة عائلته.
 رحم الله الأخلاقيات في زمن العولمة، وتعويم سلّة الذكورة على حساب فضائل الرجال في سوق المال.

 
قد يحسب البعض أنها ثرثرة أو تهجم على الذكور الذين يصفقون ويقهقهون بمحافل المجون، لكنها الحقيقة العارية عندما يفقد الحبيب والأب والأخ مصداقيته الأخلاقية، ويصبح ربّ البيت بالدف ضارباً.
 وعندما يصر المنتشي بريشه الذي لم يعد له سواه، فيقف مهزوما أمام مغريات المادة، يتخلى عن سلاحه الحقيقي ليستبدله بسيف خشبي لا حول له ولا قوة، ويقدم مما يخصّه ويعنيه جسداً تعبث به الأيادي القذرة ليحقق كسباً رخيصاً آنياً من وراء ذلك.

تباً لكم..

ألا تخافون أن تصيب سهام الجنون بناتكم وأعراضكم.؟ فتصبحوا على ما اقترفتم بتساهلكم وتهاونكم نادمين..؟

التطبيع الأخلاقي ليس أقل خطرا من التطبيع التجاري والسياسي، بل هو المقتل لأهم مؤسسة اجتماعية في بلادنا.

 لقد اختلط الحابل بالنابل، وأصبحت النسبية هي معيار الأخلاق والجمال، والسبب هو التهاون والانصياع وراء قشور التقليد الأعمى لرذائلهم، أما بما يخصّ مراكز أبحاثهم ومؤسساتهم التي تعمل على تطوير مجتمعاتهم ونتاجاتهم، فليست حكومتنا معنية بها، بل وتحاربها، وما يصرف على بث متعمد للانحلال يفوق ميزانية مؤسسات تدعو إلى البناء.

 تلك هي سياسة حكومات منحلّة لامتصاص نقمة الشعوب، فالانحلال الخلقي سيصيب المجتمع بمقتل عصبه الحيوي، ويصيبه بداء الانحراف، ويصعب على المنحرفين رؤية صائبة أو تخطيط سليم للتصدي لمن ينشدون النيل من سيادة واستقلال أوطانهم.
 فلماذا نلوم شبابنا ونحن من نقدم لهم جرعات قاتلة في ظل "فلتان" اجتماعي متعمد..؟
 وكيف ستقطع حكوماتنا دابر الجريمة، عندما تسهّل السبل لانحراف أجيالنا الصاعدة..؟

 

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع