نفذوا قرار الشعب
بقلم: حمدي فراج* 2006/2/1
اشارات عديدة غير مريحة
اعقبت الاعلان عن فرز النتائج وفوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية،
ابرزها ما
ورد على لسان وزير الداخلية نصر يوسف التي اعقبت تصريحات لمدير الشرطة
علاء حسني،
وكلاهما يؤكدان ـ تصريحا لا تلميحا ـ ان المؤسسة الأمنية لن يتم تسليمها
للكتلة
الفائزة، وذكرا أكثر من سبب اقرب للذرائع والتبرير منها للأسباب، ومن
ضمنها ان
المؤسسة الأمنية تخضع للرئيس مباشرة، وفي هذا خلط واضح وادعاء لا يصمد
طويلا على
ارض الواقع، فلقد خاضت فتح نضالا عنيدا من اجل اخراج الأجهزة من عهدة
الرئيس
لتصبح تحت امرة وزير الداخلية، الذي كان يومها الأخ محمد دحلان، والذي
بدوره يخضع
لرئيس الوزراء، شأنه في ذلك شأن بقية الوزراء، وكان الأخ محمود عباس من
بين ابرز
من خاضوا ذاك الخضم والمعمان، الا اذا كان يهدف لاخراجها من يد عرفات
لتصبح في
يده.
النقطة الأخرى التي اثيرت حول ذرائع عدم التسليم، حيادية هذه
المؤسسة، التي لم تكن في يوم من الايام محايدة، فهي فتحاوية من الرأس حتى
أخمص
القدم، وفي هذا ما لا يضير، ولكن ادعاء الحيادية شيء مثير للسخرية اكثر
من اي شيء
آخر. فما معنى انتخابات لطالما ان المؤسسة الأمنية بما في ذلك الجيش
والشرطة
والمخابرات والأمن الوقائي وبقية الأجهزة الأخرى لا تنتقل فيها
الصلاحيات؟ هل هذا
ما يحدث في دول العالم ؟ استثنوا من ذلك الدول العربية التي لا يحدث فيها
انتخابات
اصلا
.
المؤسسة الأمنية غير محايدة، تماما كما انه نصر يوسف غير محايد، ولا علاء
حسني، ولا اي فلسطيني يتبوأ موقعا حساسا في اي من مواقع المؤسسة
الأمنية، ولقد خاض العديد من هؤلاء المسؤولين الانتخابات على ملاك حركة
"فتح" مثل
جبريل الرجوب ومحمد دحلان وزهير مناصرة، وثلاثتهم كانوا مسؤولي الأمن
الوقائي،
وكذا امين الهندي الذي كان مسؤول المخابرات. والأمثلة على ذلك عديدة
.
و
المؤسسة الأمنية عوضا عن ذلك، شابها ما شابها من اعمال الفساد والافساد،
وكذلك ما
عرف في الآونة الأخيرة بالانفلات الأمني، الذي وصل ان يقوم افراد من
الشرطة وبالزي
الرسمي ان يقتحموا مقرات حكومية كالتشريعي في غزة للمرة الثالثة خلال
الأيام
القليلة التي اعقبت فرز نتائج الانتخابات
.
ومهما يكن من شيء، وعلى فرض
ان ما يقوله يوسف وحسني، صحيحا، او يحمل جانبا من الصحة، فان بامكان
الفائزين
تعديل ما يقولاه، فهم من يمثل الشعب ومن ينطق باسمه، لا وزير داخلية او
موظف في
ادارة الشرطة. خيطوا بغير هذه المسلّة، ونفذوا قرار الشعب واستحقاقاته،
فما
كانت مثل تلك النتيجة المدوية في الصناديق الا لمثل هذا التعامي عن هذا
الشعب
العظيم والنظر اليه على انه غير موجود، وفي أحسن الأحوال غير مهم،
"اطعموه
فيسكت". وسكت حتى انفجر
..
* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|