بقلم : سالم أحمد
غانم
24/10/2005
لا ينكر أحد على وزير الداخلية جهده المخلص في سبيل إزالة مظاهر العسكرة
من الشارع الفلسطيني و احتواء الفلتان الأمني و الفوضى من الشارع.
و لا ينكر أحد على معالي الوزير بعض الأفكار الجديدة و القديمة التي
يطرحها بين الفينة و الأخرى و التي قد يكون سبقه إليها كثيرون و منها دمج
الناشطين في بعض التنظيمات الفلسطينية في الأجهزة الأمنية...
و لكن ما ننكره على السيد الوزير هو أن يقتصر الأمر و لو في المرحلة
الحالية على أنه منصب على تنظيم "كتائب شهداء الأقصى بمسمياته المختلفة
دون الأذرع العسكرية للتنظيمات الأخرى. و هذا يبدو معه و كأن الأمر هو
"حك جلدك بظفرك" و مادام جهاز الأمن هو الذي يدفع الثمن و الخزينة العامة
هي التي تتحمل فلن يعترض أحد. المشكلة هي مشكلة حركة فتح و عليها أن
تحلها وفق مواردها المتاحة و ليس على حساب المؤسسة الأمنية و الخزينة
العامة التي من المفروض و لو نظرياً ألا تكون "ضيعة تشرين" لمعالي السيد
الوزير أو غيره.
نحن نعلم أن السيد الوزير و بسبب الطبيعة الحساسة لمهمته الأمنية لا يحق
له أن يقبل بأن يصبح لاعباً رئيساً في اللعبة السياسية فتأتي قراراته و
أعماله و كأنها تصب في خانة تنظيم بعينه دون الآخرين الذي على ما يبدو لا
هم شركاء في الدم و لا شركاء في القرار و كأنهم ليسوا شركاء في هذا الوطن
الصغير و الفقير.
و الأمر يأخذ أبعاداً كبيراً طالما أننا نستعد لخوض معركة الانتخابات
التشريعية و البلدية في مراحلها الرابعة و الخامسة حيث عمدت حركة فتح إلى
الاستعانة بكوادر مدنية من دوائر و وزارات رسمية لتدعيم موقفها و تحسين
صورتها استعداداً على ما يبدو للانتخابات. و ها هي اليوم تخطو في نفس
الاتجاه و بدأت تطفو إلى السطح قرارات تعيين لأعداد كبيرة من الموظفين هي
أصلاً متخمة بالعمالة التي تشكل بطانة مقنعة أصبحت عبء لا يطاق على وزارة
المالية حصل عليها قياديون متنفذون في الحركة من أصحاب الصلاحية في مواقع
السلطة.
و مع كل هذه الممارسات غير المناسبة في تداول الموارد القليلة المتبقية
لنا و هدر المصداقية القليلة في رصيدنا أمام طوابير المؤهلين و الخريجين
و العاطلين عن العمل و أمام ذويهم من المنتظرين انتصارا لحقوقهم المؤجلة
و إنصافاً للمظلومين و المهمشين من الذي امتلكوا العلم و الخبرة و حقوق
المواطنة و عجزوا عن التسلح بالقوة كما يفهمها كثيرون.
و الأخطر في الأمر أنه يمثل تهاوناً في حقوق من نوع آخر و ظلماً للمؤسسة
الأمنية التي تحتل موقعاً أساسيا. فمع إيماننا بمكانة هذه التنظيمات
المقاومة و اعترافنا بدورها في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني و تكريس حقوقه
إلا أن هذه التنظيمات تعرضت بشهادة الجميع بما فيهم وزارة الداخلية
لاختراقات من جهات محسوبة و مشبوهة كانت هي السبب الرئيسي في تصدرها
لقائمة المخالفين للقانون على الساحة.
و الخوف كل الخوف أن يتسرب من لهم ملفات جنائية من قتل و اختطاف و ملفات
حق عام أو المشتبه فيهم من المحسوبين على الفصائل المقاومة إلى الأجهزة
الأمنية دون أن يساقوا إلى العدالة النزيهة و الشفافة فيظهر الأمر على
أنه مكافأة للفلتان و الفوضى و تصبح الأجهزة الأمنية في موقف لا تحسد
عليه...
|