محمد تاج الدين

أديب وشاعر مصري

mtaj@alhaqaeq.net

 

السلاح الشرعي... والمايوه الشرعي

إنتابتني نوبة من الضحك الهستيري عندما أعلن أبو مازن البيان رقم واحد بعد توليه رئاسة الحكومة الفلسطينية متضمنا ضرورة نزع كافة أسلحة أبناء الشعب الفلسطيني والإبقاء فقط على "السلاح الشرعي".

ولم تكن نوبة الضحك هذه تقليلا من قدر الرجل (لا سمح الله) فالرجل يتولى تاريخه الناصع في مقاومة الاحتلال مهمة الرد لدحض أية محاولة للتقليل من شأنه (حاشا لله) أو شأن أحد سادتنا وكبراءنا، فالرجل وإن كانت مدة ولايته لم تتجاوز أياما معدودة، حفر لنفسه على مدار السنوات الماضية موقعا في نفوس المخلصين، حتى صار رمزا من رموز المقاومة وأصبح الأمر عسيرا علينا أن نتجرأ ونرفع إصبعا واحدا كما يفعل التلميذ المهذب في حضرة الأستاذ، ونستأذنه في سؤال صغير، ونسأل الله أن يتسع صدره لسماع هذا السؤال ولا يتصرف معنا كما كان يتصرف أستاذ النحو والصرف الذي كان يمطرنا بوابل من الشتائم قبل إلقاء السؤال الصغير على سيادته، ثم يمطرنا بوابل آخر من الشتائم والجمل التشاؤمية حول مستقبلنا المظلم وحياتنا البائسة خاتما ذلك العزف المنفرد بكلمة تقليدية مازلت أذكرها "قابلوني لو فلحتم".

سؤالي يا سيدي، واغفر لي جرأتي في مجرد التفكير في توجيه السؤال وسأشكر لك سعة صدرك على استماعك لسؤالي، ما هو تعريف "السلاح الشرعي" في خطتك أو خطة حكومتك أو في خريطة الطريق، وقبل أن تغضب يا سيدي على سؤالي وعلى المقدمة التي قدمتها عندما انتابتني نوبة الضحك الهستيري فإنني سأقول لك عن سبب الضحك، لإيماني التام بأن "الضحك من غير سبب قلة أدب"، فهناك يا سيدي سبب ولكن أرجو أن تسامحني إذا تجاوزت قدري الضئيل وذكرته لأنني وجدته مبررا للضحك ولم أجد مبررا سواه.

لقد ضحكت يا أبو مازن لأنني تذكرت عند سماع حديثك ولا مؤاخذة ولا مؤاخذة ولا مؤاخذة مرة ثالثة "المايوه الشرعي"، والفارق ليس كبيرا، فالمايوه الشرعي تم ابتكاره لستر عورة راغبي الاستجمام (بالجيم أو الحاء) على الشواطئ من الرجال، أما النساء فهن خارج حسابات الشرعية، أما السلاح الشرعي فهو الذي يحمي فقط عورات الوطن ورجال الوطن دون أن يأخذ في حسابه النساء والأطفال والأرض والعرض.

إن مفهوم "شرعي" يعني الاستناد والنسبة إلى "شرع" ما، فهل الشرع المقصود هو "الشرع الإسلامي" باعتبار أغلبية السكان من المسلمين، أم "الشرع الفلسطيني" المستند لقوانين النظام المدني الفلسطيني أم "الشرع الدولي" الذي يحرم احتلال أراضي الغير وطرد أهلها ويحرم التوغل في أراضي دولة قامت وفق قرارات الأمم المتحدة ويحرم ترويع الأطفال والنساء باستخدام الجرافات لهدم البيوت على ساكنيها وباستخدام الدبابات وطائرات الأباتشي.

قل يا سيدي أي شرع تستند إليه، إذا كان المقصود جمع الأسلحة من أيدي المواطنين الفلسطينيين لأنها تهدد سلامة الأباتشي والجرافات وترك السلاح الشخصي للشرطة الفلسطينية فقط، فنحن موافقون على جمع الأسلحة شريطة أن تضمن الحكومة والشرطة سلامة المواطن الفلسطيني من الدهس والركل واللطم الذي نراه يوميا على وسائل الإعلام.

أما إذا كنت قد بدأت مسيرة النجاح وستواصل نزع أسلحة إسرائيل أيضا فلا بأس، ولعلك تنجح بالمرة في نزع سلاح إسرائيل النووي فتضمن لنا خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ونحن بدورنا نضمن لك نجاحا لم يحققه قبلك إلا صلاح الدين الأيوبي ومدرس النحو والصرف المشار إليه آنفا.

إن العصا التي يحملها راعي الغنم تظل شرعية طالما ظلت تهش على الغنم وتكسر رأس الذئب، ولكنها قد تفلق رأس راع آخر دخل المرعى بدون إذن فتكون "غير شرعية"، وكذلك الأمر بالنسبة للأحجار في أيدي الصغار، فهل ستقوم حكومتك بجمع هذه الأحجار من أيدي الصغار، فالحجر الصغير الذي يصيب الجندي الإسرائيلي يعتبر "غير شرعي" وفق المفهوم الذي طرحته لأنه وسيلة اعتداء على جندي برئ، فهل ستقوم الحكومة الفلسطينية مشكورة بجمع الأحجار من أيدي الصغار؟ وهل هناك أحجار مسموح حملها وأخرى ممنوعة؟ فهناك طبعا فارق كبير بين استخدام الأحجار التي يلقيها الحجاج في المناسك لرجم إبليس اللعين والتي لا تتجاوز في حجمها حبة الفول، وبين الأحجار التي يستخدمها الأطفال لرجم إبليس الإسرائيلي "اللعين أيضا".

لذا أرى أن يتم تصنيف الأحجار وفقا لتصنيف الأعيرة النارية طبقا لحجم المقذوف ومداه فيكون هناك حجر عيار 9 مم وحجر عيار 7 مم وحجارة أخرى خارج التصنيف.

بصراحة البداية غير مشجعة لنا، وأخشى أن تكون النهاية غير مشجعة لك.

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع