مات الرئيس... عاش الرئيس!

بقلم: ناصر السهلي*

هل تريد أن تعرف من هو الرئيس الفلسطيني القادم؟
بسيطة... المسألة لا تحتاج إلى نبوءات ولا مشعوذين ولا منجمين ولا قراءة الكف أو فتح المندل ولا قراءة الفنجان... وهي لا تحتاج الى ذلك الجهد الكبير ولا الارهاق والضغط النفسي والتوتر العصبي من الآن حتى ظهور النتيجة... وهي أبسط من أن تنتظر الطوابير الطويلة، أو الزحمة الفوضوية، لممارسة الديمقراطية... وأسهل كثيرا من معرفة ما ستحتويه صناديق الاقتراع!

لقد مات الرئيس، ولا إعتراض على حكم الخالق، أو دفنوه حيا...فصرنا شهودا على عودة حشود من كانوا في حكم "الزعلانين" والمستنكفين عن العمل الوطني ليأخذوا أماكنهم في الصفوف الأولى للأخذ "بالخاطر"... نجوم كانت قد أفُلت ثم عادت تشع لمعانا ... من أين هذا اللمعان؟

الكل "يبيض" على الكل... والكل يضرب "صواريخا" نضالية في التاريخ المجهول... وهناك في الزاوية تركن فلسطين ليس لها إلا سواعد  أبنائها...

التلميع.. قصة أخرى معروفة في تفاصيل حياة الشعوب... وليس أية شعوب.. فقط الشعوب التي تشكل عقبة كأداء لا تعجب من يحمل مشروعا آخرا لهذه الشعوب... والتلميع درجات... لن أتحدث إلا عن واحدة منها فهي التي ستعرفنا بالرئيس القادم... وعاش الرئيس...

أيها السادة، ما من شك بأن الكثير من العرب يحسدوننا على ديمقراطيتنا في إختيار رئيسنا بـ"سلاسة"... رئيسنا الذي يجيد كل أنواع النضال الشفوي... من الإعتذار حتى "المايو"... نعم أقصد لباس السباحة... فأبو اللطف ضاعت تصريحاته عن قصة من يعتذر لمن.. حين إرتدى رئيسنا "المفدى" قبعته ليعتذر باسم الشعب الفلسطيني... أما عماذا إعتذر؟ فهو ما لا ندريه نحن الذين باسمنا جرى الاعتذار... رحمة الله عليك يا فيصل الحسيني...  

لقد شُتمنا ولُعن شهدائنا وسنسفيل أجدادنا من على منابر وصحف هؤلاء الذين إعتذر لهم... وطُرد مئات الآلاف ممن ساهموا في إعمار "إمارة الاعتذار" ثم لم يجد رئيسنا إلا أن يعتذر... بإسمنا... وهي أيها السادة "بروفة" للعرض القادم في مسرحية الاعتذار والتعري... والتي سنشهد فصولها القادمة حين يتوج الرئيس ملكا علينا!

أمازلتم لم تكتشفوا من هو رئيسنا القادم؟
هو من الطراز الذي يُحب الديمقراطية كثيرا... ولأنه هكذا فقد قامت الدنيا ولم تقعد لأن هناك من تجرأ على الترشح لمنافسته من داخل "حركته" التي حيرتنا في خياراتها... وهو من الطراز الذي تجري مباركته من قبل السياسة الدولية وتحديدا الأمريكية... لأنه "فهمان" و"مسالم"... ولأنه يعرف كيف يغتصب "نحن" لتنسحب علينا... وهو من النوع الذي ترضى عنه "العربان" وترحب به أشد ترحيب لينضم إلى معبدها حيث واشنطن قبلتها...

رئيسنا أيها السادة ليس مثل المرشحين الباقيين الذين تجري إهانتهم على الحواجز ويتم إعتقالهم وهم في طريقهم للترويج لبرامجهم الانتخابية... هو أيضا من يمتلك كل وسائل الاعلام... وكل الكنز وشيكات الصرف... وهو الذي يحمل له أحدهم قبعته والثاني "موبايله" والثالث (بالجمع لأنهم كثر)  يتملقون كما فعلوها مع الرئيس الراحل...

وحتى نكتشف أكثر من هو رئيسنا القادم فما رأيكم لو أننا بحثنا قليلا عن قصة "المايوهات"؟

هو لا يختلف كثيرا عن الرهط العربي الآخر في إستماتته لأن يبدو مسالما جدا مع الآخر.. وإعتبار أي فعل مقاوم ضربا من ضروب "العنف والارهاب.... والعسكرة"... وعلى طريقة إدارة الخد لتلقي المزيد من اللطم والضرب مطلوب إيجاد شعب ليكون هذا الرئيس رئيسا عليه... فهذا الشعب الذي يهدم الاحتلال بيوته كمشة كمشة... يجب أن لا يزعل بل عليه أن يفسح المجال أمام الجرافات الامريكية العملاقة ليقدم لها مزيد من البيوت... وإذا قتل أطفال صغار في المدرسة أو في الطريق إلى المدرسة, فمن المؤكد أن الجنود يجب أن يتركوا "لضميرهم"  فربما يصحو هذا "الضمير" ويكتشف عندها الجنود أنهم كانوا "يستخدمون قوة غير متناسبة مع التهديد"... وإذا كانت عصابات المرتزقة الروس المستقدمين من الشيشان تتنكر بلباس عربي لتقوم بإعدام أخيك أو أبيك... فاتركهم لأن أمريكا ما تزال تقول بأن "شارون رجل سلام" و"لاسرائيل الحق في الدفاع عن النفس"... أما إذا أردت تتساءل عن آلاف المعتقلين والمعتقلات فلا يحق لك أن تشغل بال السيد الرئيس أو أن "تخربط" أجندته... فهؤلاء يستحقون عقابا على "ما إقترفته أيديهم" حين لم يعرفوا درس إدارة الخد....

دعني سريعا أذكرك، قبل أن تسمح لنفسك السؤال عن حق العودة، بأن المسألة محلولة... ففي جنيف وجدوا لنا الحل القائم على  القول المأثور لفيلسوف الواقعية العربية "إندفس مطرح ما إنت وإحلم قد ما فيك تحلم"... وعن القدس أخبرك بأن السيد ما زال يردد منذ كان يحلم بالرئاسة "إنا على العهد باقون... العهد هو العهد...يا بيلين"!!

السيادة والحدود ليست من المسائل المعقدة فأيضا وفق القول المأثور للعبقرية العربية "ضع راسك بين هالروس" ففي عصر تحول العالم إلى قرية صغيرة في زمن العولمة تنتهي السيادة وتنتفي الحاجة الى الحدود... وعليه فإن "اليد التي لا تقدر عليها بوسها وإدعي عليها بالكسر" هي المخرج إذا سولت لك نفسك السؤال عن جدار الفصل العنصري... ألم تسمع بـ"الكرم" الاسرائيلي... يا رجل سبقوا الطائي... فهم سيزيلوا بعض المستعمرات ويجمعوها في كتل معينة ... وعليك أن تكون فرحا جدا...

رئيس"نا" القادم أيها السادة... لا يكره شيئا في حياته كما يكره السلاح... وأي سلاح... هو يكره السلاح الفردي الذي يحمله الفلسطينييون المقاومون... يعني الكلاشنكوف  صار منظره مقزز و"موضة قديمة" وكذلك العبوات الناسفة المصنعة محليا... مقارنة بسلاح "جيش الدفاع" ... بصراحة، الرجل معه حق حين يتحدث عن الفلتان الامني ويجب علينا الاعتراف بذلك... لكن هذا الحق يُراد به باطل... فالشطارة والتذاكي في إختراع المسميات للوصول إلى الهدف المُعلن في إنهاء الانتفاضة التي لم تعجب الرئيس منذ البداية سمتان يتميز بهما سيادة الرئيس...

فهو صاحب نظرية "الدولة منزوعة السلاح" ودولة يمكن لشرطتها "لبس المايوهات"... وعليه ربما سنشهد بعد نجاح العملية "الديمقراطية" فصولا جديدة من مسرحية "التعرية" التي يتم الاعداد لها بشكل ممتاز بمشاركة "كومبارس" متمدن ومتحول إلى براعة التمثيل بعد إصدار البيت الابيض وتل ابيب لشهادات الخبرة والرضى عن الادوار التي لعبها ويلعبها هذا الكومبارس...

تبقى مشكلة صغيرة لهذا الرئيس المفدى... ترى من سيساعده على إيجاد الشعب الذي يناسب مقاسه...ومن أين سيستوردون له هذ الشعب؟

وقبل أن تُسدل الستارة، بعد أن تكتشفوا الرئيس وبعد فرز الاصوات، يقف أحدهم لينادي بصوت متفائل:

مات الرئيس... مات الرئيس... عاش الشعب... عاش الشعب... !         

* كاتب فلسطيني يقيم في الدانمارك.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع