لماذا
مطلوب من السلطة ورموزها تقديم مليون اعتذار للشعب الفلسطيني......
فهمي خميس شراب
محاضر في جامعة الأقصى.
غزة/ خان يونس
Fahmy1976@yahoo.com
عندما سئل مو نتسكيو :
ما هي أسباب تفوق أوروبا؟ ما هي عوامل عجز الثقافات أو الحضارات أو
الأديان الأخرى؟
كان جواب مونتسكيو
واضحاً: سرّ تقدم الغرب هو الاعتدال في الحكم وسرّ توقف وتأخر الشرق هو
الاستبداد. أما الأسباب الأخرى الكثيرة فهي توابع ونتائج. وقد عرف
الغرب عدة مفاهيم في زمن هذا المفكر الغربي الفرنسي كافرازات لما شهدته
فرنسا من ثورة ضد النظام الإقطاعي المستبد ونتيجة لما ساد من تعصب
ديني..
إذن, التعصب والتمسك في
مقاليد الحكم والتنازع والتنافس الغير شريف على كراسي التشريعي أو
غيرها لن يحقق الأهداف ولن يحقق الاستقرار طالما أن الهدف من الوصول
للسلطة غير نبيل وفقط يخدم مصالح شخصية محدودة.. وطالما نحن بصدد
مناقشة القضايا التي تخدم وطننا الغالي فلسطين وما تشهده المرحلة
الحالية من تنافس شديد بين الأحزاب والحركات فمن الملاحظ جدا أن هناك
من الصف القديم أو من رجالات اسلو والتي استمرت طويلا وتقلدت مناصب
وصالت وجالت في أروقة السلطة الفلسطينية تريد أن تبقى على مقاعد
التشريعي " وتمدد رجليها" رغم أن الناس بشتى اختلافهم وبشتى طبقاتهم
التي ينتمون لها قد لفظهم كما يلفظ البحر السمك وقد شبع من مواويلهم
وقد مل من سماع اسطواناتهم المشروخة.. حيث أنهم اثبتوا فشلهم أمام
المطالب الفلسطينية العادلة والتي توفر سبل الحياة الكريمة للشعب
الفلسطيني, ومنها تصاعد نسبة البطالة وعدم حل مشكلة الخريجين والتي
أصبحت قضية كبيرة لا تقل خطورة عن الجدار الفاصل أو اللاجئين وأيضا عدم
التصدي لثقافة الفساد المتفشية في جسد المجتمع الناشئ..
إن الخطر يتجلى في
استمرار الرغبة في الجلوس على مقعد الحكم بغض النظر عن مفهوم خدمة
المجتمع فهناك الكثير من الوزراء قد أصبحوا لا يسمعون لأدنى مشاكل
مجتمعهم ولا يأبهون بشكاوى واستغاثات الفئات المحرومة التي بات أقصى
أمانيهم الحصول على كابونة أو بطالة أو غيرها من المظاهر التي لا يتسم
بها أي مجتمع سليم ونقي... وقد عرفت من احد الأشخاص المقربين انه شخصيا
كلم احد الوزراء على أساس انه قد وعده بوظيفة منذ فترة طويلة فكان رد
الوزير كالتالي : " أنتا تعرف أن الظروف غير مناسبة ونحن في فترة
انتخابات وعلى العموم تعال معي في الحملة وسوف أعطيك بعض النقود" فيا
للكرم ويا للمروءة التي أبداها معاليه.. فعندما تحرك الإحساس في قلب
ذلك الوزير أراد أن يستغل ذلك الشاب الخريج ويسخره في حملته الانتخابية
من اجل كمشة شواكل؟؟ إن العقلية التي يتمتع بها وزرائنا هي عقلية
براجماتية نفعية وصولية انتهازية بحتة...
إن الطريقة التي تجري
على أساسها الانتخابات غير سليمة وغير صحية حيث يدخل معيار المال
ومعيار ما هو المقابل وما هي حصتي.. وليس كما هو الحال في دول أخرى ما
هو البرنامج أو ما هو تاريخ الشخصية المراد ترشيحها وسجلها.. وكما ويجب
أن نقر بان الوضع الآن بما تشهده الساحة الفلسطينية من فوضى سلاح ومن
عمليات خطف الأجانب ومن ظواهر سرقة السيارات ومسلسل القتل المستمر هو
نتيجة وليس سبب.. كيف؟ هو نتيجة للاستهتار والتسيب الذي وسم رموز
السلطة وقادتها ونتيجة للعقلية النفعية لبعض الشخصيات المتسلقة
والمنتفعة على حساب الشعب والتي تخدم فقط من يخدمها ويكون لها معول هدم
لأعدائها عند الحاجة أي عندما يكون هناك خطر يمس شخصها الكريم...
البعض من حركة فتح والذين أساءوا للحركة كثيرا ولم يخدموا أبنائها يجب
أن يذهبوا من غير رجعة لان فكرهم مريض ويريدون أن يشحذوا همم أفراد
حركة فتح من خلال موال إن " حماس العدو الخطير" قادم يجب أن تحذروه ..
ولم يعتبر أن الحركة هي جزء من الجسد الفلسطيني الذي قدم الكثير وكان
على قدم وساق في الصف الوطني وفي نفس الخندق.. إن أسلوب الدكاكين الذي
يتبعه البعض من المرشحين يكشف الغطاء عن حقيقة الواقع المر والأليم
الذي عشناه و نعيشه حيث إن هذا المفهوم ينسحب بشكل تلقائي على عدة
مناحي في حياتنا وعلى شكل ونمط حياتنا وحتى على كلامنا وطريقة تفكيرنا
الشيء الذي يشكل في النهاية فكر ومعتقد وهو معتقد فاسد وفكر ضحل...
وهذا الذي أوصلنا لمرحلة العشوائية والضبابية والفوضى والتجرؤ حتى في
النهاية على رموز السلطة والتعامل معها بالمثل.. لماذا يجب على السلطة
الفلسطينية تقديم مليون اعتذار لشعبها ؟؟ لكثير من الأسباب أهمها أنها
في المناسبة التي من شانها أن ترسي قواعد الاستقرار وتحقق أهداف عديدة
منها إنهاء القهر الوظيفي وإنهاء حالات الانفلات الأمني انشغلت الفئة
المعنية بسن قوانين تصب جلها في مصلحتها الشخصية من تامين معاشات ومن
صرف رواتب خيالية ونثريات وترقيات الخ.... لقد انشغلت هذه الفئة بنفسها
دون الأخذ بعين الاعتبار ما سوف يؤول عليه شعبها ودون النظر إلي مطالب
شعبها الذي خرج لتوه من معركة مع عدو شرس لا يرحم, فكان لتلك الفترة
استحقاقات وحسابات أخرى....
وكما وان هناك رغبة عامة
لدى المجتمع بضرورة تدخل الأجهزة الأمنية بكل ثقلها والياتها من اجل
تطويق الأزمات الداخلية من تناحر عائلي اخذ شكل الحروب العربية-
العربية مثل داحس والغبراء وتذكرنا بمسلسل الزير سالم الذي رفع منذ
البدء في المعركة شعار "لا تصالح" وصية أخيه الملك كليب وهو يلفظ
أنفاسه الأخيرة...
لن ينصلح حالنا إلا
عندما نطبق ابسط المبادئ التي تمخضت عنها الثورات منذ قرون من مبدأ
التداول على السلطة ومبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ المساواة والإخوة
والحرية.. إن الدولة بشكلها ومفاعيلها هي أداة ووسيلة وليس هدف..
فلماذا نجعلها هدف نحاول الوصول إليه كما ونقاتل من اجله و البقاء
فيه؟؟
|