ملايين .. ملايين

بقلم: حمدي فراج*

لا أعرف اين قرأت، ان السلطة تطالب ورثة هشام مكي، وزير الاعلام الفعلي في السلطة، بمبلغ 22 مليون دولار، وكلية ابو جهاد بمبلغ خمسة ملايين دولار، ومتورطي الاسمنت باثني عشر مليون دولار، وارملة الرئيس بمبلغ غير متفق عليه، ومحمد سلام وآخرين، بمن فيهم الفارين الى الأردن والراحلين مع عائلاتهم الى مصر، رغم انهم من العائدين.

وعلى كل حال، فالبضرورة ان يكون حجم هذه الملايين بالمئات ان لم يكن بالآلاف، فلقد كان الحجم  وفق تقرير الرقابة القديم واليتيم ـ قبل الانتفاضة ـ  ما يزيد على مئتين وثلاثين مليون دولار، حين لم يكن هناك فساد، ولم يكن فائعا ومستشريا كما هو عليه ابان الانتفاضة، او بالأدق بعد انتهاء الانتفاضة التي استغرقت خمس سنوات من التضحيات الجسام التي قدمها الشعب، هي نفسها الخمس سنوات من اللهف اليومي التي  مارستها قيادة الشعب، ووفق حسابات الحساب لا الجبر، فان حجم الملايين الملهوفة سيتجاوز أضعاف أضعاف ما كان عليه الحال عندما كان عمر السلطة اربع سنوات، اليوم عمرها مثلين ونصف.

بالمناسبة، الفساد والاختلاس لم يكن مقصورا على ما بعد اوسلو ومجيء القيادة التاريخية الى الجغرافيا البائسة المتمثلة بغزة واريحا، ـ كيف قيادة تاريخية تقبل بجغرافية بائسة ـ  فملايين جويد الغصين الستة في الذاكرة، كما الرد الثوري: فلان سرق يا رئيس، (هذا سرق وشبع، ولا داعي لاستبداله بآخر يبدأ السرقة من جديد)، ومزارع الموز في الصومال ومؤسسة صامد، وعشرات الأمثلة الأخرى.

بالمناسبة الفساد لا يقتصر على اختلاس الكاش وتحويله الى بنوك الخارج، فهناك ما يمكن ان نسميه الفساد العيني لا النقدي، يتمثل في سؤال: هل هناك عقيد فما فوق في السلطة لا يمتلك اليوم منزلا أشبه ما يكون بفيللا في موقع مميز مع عدة دونمات من الأرض وفارهة خصوصية امامه؟ هناك كما يشاع الف عقيد وعميد ولواء ومارشال، وهناك لربما مثلهم من الوكلاء المساعدين والمدراء العامين، اسألوهم من أين لكم هذا، ولا بأس ان تبقوا الموضوع طي الكتمان، كما مع الاربعة من كبار المسؤولين الذين قيل ان ملفاتهم حولت للنائب العام، وكما يقول الرئيس الجديد، فانه لا يجوز الكشف عن اسمائهم قبل ان تتم ادانتهم، رغم انه من حق شعبك عليك يا ابا مازن ان تقول له من هم هؤلاء الذين حولت ملفاتهم للنائب العام، وهذا الشعب يعرف التفريق بين تحويل ملف والتحقيق وبين الادانة . ترى لو تم تحويل ملف شخص مثلي الى النائب العام، هل كنتم تبقون القضية طي الكتمان؟

انكم في اروقة السلطة وكأنكم مسكونون بالخوف، الخوف مم لا اعرف بالضبط، ولكن حتى أعضاء التشريعي الذين يفترض ان يكونوا ممثلين لهذا الشعب، قد اصبحوا يمثلون السلطة، وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من قضها وفسادها، عرفوا وصمتوا، او عرفوا ولم يستطيعوا استدعاء فاسد واحد، بمعنى عرفوا وعجزوا، فكانوا عاجزين في أحسن الأحوال.

لفت نظري أحد المدرسين الاشارة الى اضرابهم، بأن فاسد واحد كفيل ان يحل مشكلتهم كلهم بالمبلغ الذي اختلسه..

* كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع