مجلس الوزراء الفلسطيني بين الإجراءات التأديبية لموظفي
الحكومة ووعد بلفور"
بقلم : صفية النجار
فور تعميم المؤسسة التي أعمل فيها (وهي مؤسسة حكومية ) لقرار مجلس الوزراء
رقم 4499 والذي تدعو فيه رئاسة مجلس الوزراء قيادات المؤسسات الحكومية
(يعني الوزراء ) لأن يتخذوا الإجراءات التأديبية اللازمة بحق الموظفين
الحكوميين الذين ينشرون مقالات تنتقد السلطة أو تسئ إليها ....... أقول فور
وصول هذا القرار إلى يدي قمت بالاتصال بعدد من السادة أعضاء المجلس
التشريعي وكذلك بعض الصحافيين وعلى رأسهم الأخ عدلي صادق وفوجئت أن جميع من
اتصلت بهم لم يكن لديهم علم بهذا القرار إلا أنهم جميعاً أبدوا امتعاضهم
واستهجانهم للقرار الذي يثير عدة تساؤلات سوف أضعها بين أيادي كل من يهمه
الأمر.
أولاً: هل الموظف الحكومي مواطن غير كامل المواطنة وبناءً عليه لا يحق له
انتقاد أداء حكومته.
ثانياً: هل يجوز لمجلس الوزراء أن يمنح أعضاءه (الوزراء) حصانه ربانية
يكونون بموجبها فوق القانون والمساءلة والنقد البناء والتوجيه؟
ثالثاً : هل يجوز لمجلس الوزراء تهديد الموظفين الحكوميين من الإعلاميين
والكتاب في وظيفتهم استناداً إلى مغالطة فادحة مفادها أن هنالك من يمن
علينا برواتبنا التي نتقاضاها من السلطة وأن لهذه الرواتب استحقاقات في
مقدمتها السكوت عن تجاوزات المتنفذين وعلى رأسهم الوزراء وتوابعهم؟
رابعاً : استناداً إلى ثالثاً وترتيباً عليه ... يصبح من هذا المنطلق
وبالرغم من كونهم منتخبين من قبل الشعب يصبح أعضاء المجلس التشريعي
الموقرين وهم الأعلى درجةً بين أبناء الشعب من حيث الرواتب والامتيازات هم
آخر من يحق له انتقاد أداء السلطة أو رموزها ... أم أن رواتب أعضاء المجلس
التشريعي ليست من الحكومة ... بصرف النظر عن كونهم نواباً للشعب وليسوا
موظفين لدى الحكومة؟
خامساً: ليقل لي أحد من أجدر من موظف الحكومة المطلع على بواطن الأمور وحال
المؤسسات عن قرب باعتباره جزءاً منها ... ويلامس يومياً ايجابياتها
وسلبياتها من أجدر من موظفي الحكومة بانتقادها وتقييم أداءها الإداري
والمالي؟ يغالط البعض إما عن جهل أو عن سوء قصد فيفاجئك قائلاً : (كيف يا
زلمة تنتقد السلطة اللي بتعطيك راتب؟؟).
ولهؤلاء أقول وبالفم الملآن نحن لا نتقاضى رواتبنا من جيوب المتنفذين في
السلطة ونحن والوزراء نتقاضى رواتبنا من ذات المصدر ... والوزراء بكل ما
منحتهم السلطة من جاه وهيئة سياسية واجتماعية وامتيازات مالية وإدارية
وتنفيذية يحتفظون بجلّها حتى بعد خروجهم من الوزارات ومدى الحياة بصفتهم
(وزراء سابقين) أقول هؤلاء هم الأولى بالمحاسبة عندما يتجاوزون ويكيلون
بمكيالين ويمنعون ويمنحون ويتصرف غالبيتهم وكأن الوزارة التي هم على رأسها
هي ملك خاص أو أبعدية أو إقطاعية ورثوها عن آباءهم ....
فإذا ما تجاوز هؤلاء وافتروا وتعاملنا معهم بكل الطرق الممكنة والمتاحة
وعبر التسلسل الإداري القائم وعبر القنوات الشرعية المقرة.... ومارسنا معهم
كل الأساليب الديمقراطية الملتزمة في التعبير والانتقاد والشكوى .. بما
فيها رفع المظالم للمجلس التشريعي نفسه .... ثم في النهاية يصرون على
تجاوزهم ويمعنون في غيهم ويمنحون مالا يملكون لمن لا يستحقون كما فعل
المرحوم بلفور ... فما العمل؟؟
سؤال أوجهه لرئيس مجلس الوزراء..عندما يحدث ذلك ... كيف لا نكتب؟ ولمن
نحتكم إن لم يكن للشعب؟ ..
ومن يملك أن يمنعنا من الكتابة ؟؟؟
لا زلت أردد ما قاله رئيس تحرير صحيفة دنيا الوطن الغلبان عبدالله عيسى "
إن سدت في وجهنا كل الصحف والنوافذ فسنكتب على الجدران"....
ولا أحد يملك أن يفرض علينا قراراً بالصمت ... وسط بحر هائج من الفساد
النموذجي الممنهج وغير المسبوق ، ومن يعترض على هذا الكلام عليه أن يملك
الشجاعة لفتح ملفات وزارات السلطة الفلسطينية واحداً تلو الآخر وفي محاكمات
علنية .
وإنني أدعو المجلس التشريعي لتبني قرار بتشكيل محكمة ثورية لمحاسبة كل من
أساء استخدام السلطة وتسبب في الأذى النفسي والأدبي والمادي لكل مواطن في
هذا الشعب العظيم وذلك رداً على قرار مجلس الوزراء الداعي ( لاتخاذ
الإجراءات التأديبية بحق موظفي الحكومة الذين ينشرون مقالات تحرض وتسئ إلى
السلطة الوطنية الفلسطينية) هكذا بالنص كما ورد في القرار الصادر عن رئيس
ديوان رئيس الوزراء .
وأخيراً فإن التأديب يحتاجه من يفعل العيب لا من يكتشفه ... ويكشفه.
|