لقاءات عرفات – دحلان .. مصالحة أم
احتواء
فلسطين المحتلة – السبيل
يرى خبراء و مراقبون في
اللقاءات التي عقدها رئيس السلطة الفلسطينية "ياسر عرفات" و"محمد دحلان"
وزير الأمن
الداخلي السابق، أنها تأتي في سياق سياسة الاحتواء التي ينتهجها عرفات تجاه
خصومه،
خاصة بعد فشل موجة الاحتجاجات التي نسبت لتيار دحلان، و كمحاولة لتقزيم
القضايا
الهامة التي تهم الشارع الفلسطيني، و عرضها و كأنها " خلافات شخصية" تحل في
اطار
اجتماعات ودية.
مراقبون حذروا من أن هذه اللقاءات تعد "تقزيما" لقضايا
الفلسطينيين، و تجاوزا لمعاناتهم، و حصرها فقط في خلافات شخصية، إلا انهم
في الوقت
ذاته أكدو أن ذلك لن يؤدي إلى حل الاشكالات القائمة وإنما "سيبردها" مؤقتا
قبل أن
تنفجر مجددا.
الصراع مستمر
و كان محمد دحلان قد عقد عدة لقاءات وصفت
بأنها اجتماعات مصالحة بينه و بين عرفات في مقر المقاطعة برام الله مؤخرا و
ذلك بعد
فترة شهدت موجة احتجاجات عنيفة اتهم دحلان بتدبيرها، و تضمنت موجة انتقادات
شديدة
وجهها دحلان لعرفات عبر الصحافة.
و رأت مصادر فلسطينية أن من أسباب المصالحة
استشعار كل من عرفات و دحلان بالخطر الشديد من استمرار هذا الخلاف و
الصراع، و بسبب
ازدياد نقمة الشارع تجاههما، و لذلك حاولا عقد هدنة مؤقتة بينهما.
و ترى ذات
المصادر أن عرفات –البارع في إدارة الأزمات الداخلية- يتحين الفرصة
المناسبة لإقصاء
دحلان عن الساحة كما فعل سابقا مع العقيد جبريل الرجوب الذي كان يمتلك قوة
أكبر
بكثير من دحلان، لكن ذلك
يحتاج الوقت و الظرف المناسب.
أما بالنسبة لدحلان،
فان المصادر -التي تشكك في جديته بالإصلاح – ترى انه يسعى للحصول علي موطأ
قدم داخل
الحكومة الفلسطينية، يمكنه من عقد علاقات دولية واسعة، حيث أنه يدرك جيدا
انه لن
يتمكن من هزيمة عرفات في هذه المرحلة.
احتواء
الدكتور غازي حمد رئيس
تحرير صحفية الرسالة والمحلل السياسي من غزة يرى أن لقاءات المصالحة بين
دحلان
وعرفات تأتي في سياق سياسة عرفات المعهودة في احتواء الآخرين, وحل المشاكل
الوطنية
وكأنها مشاكل شخصية, وتجاهل كونها مشاكل "فساد وترهل إداري وسوء
خدمات".
وقال حمد لـ"السبيل": عرفات يسعى للالتفاف على هذه القضية عن طريق
اللقاءات الودية و"تطييب الخواطر" وكأنها مشكلة شخصية, رغم أنها اكبر من
ذلك, وما
يجري تسطيح للقضايا, ولا اعتقد ان تحسنا سيحدث, بل هي عملية تبريد للمشاكل,
حيث لم
يحدث أي تطور للقضايا والرئيس في خطابه الأخير لم يطرح أي جديد.وأكمل يقول:
هذه
سياسة "عرفاتية" قديمة, لكنها فاشلة.
وأكد حمد أن دحلان حتى اللحظة لم يطرح
أي تطور واضح أو مقبول بالنسبة لمسألة الإصلاح التي ينادي بها بالإضافة إلى
تشكك
الكثيرين في جدية دحلان وصدقه, بسبب الاتهامات القديمة له بالفساد حينما
كان مسئولا
في السلطة, بالإضافة الى انه لم يطرح أي موقف تجاه الفساد حينما كان مقربا
من
عرفات.
تقزيم لقضايا الشعب
من جهته رأى الدكتور عبد الستار قاسم محاضر
العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس في عملية المصالحة بين
عرفات
ودحلان "تقزيم" لقضايا الشعب الفلسطيني, حيث قال " يلاحظ انه كلما طرحت
قضية أساسية
وهامة يحصل نوع من افتعال أزمة أخرى على الساحة الفلسطينية مثل هذه
المصالحة
".
وقال قاسم لـ "السبيل": حينما وقعت الأحداث في غزة و الضفة صوّر الأمر
على انه خلاف بين عرفات ودحلان, وهذا غير صحيح, الشارع محتقن وإذا كان
دحلان ذو
علاقة فهذا لا يعني أن الاحتقان غير موجود, وهذا تقزيم وتحجيم لمطالبة
الشارع
بالإصلاح بمصالحة بين هؤلاء الأشخاص.
وقال: لا يهمنا اصطلحوا أم لم يصطلحوا
ما يهمنا هو تقديمهم للمساءلة لأنهم متهمين بالفساد, ولا علاقة لنا
بمصالحتهم.
وأكد أن سياسة احتواء الخصوم هي "منهج معتمد لدى عرفات", و أشار
إلى أن عرفات و دحلان رغم خلافاتهم رأوا انه لا بد من المصالحة لان
الخلافات تضر
بهم.
و قال هذه عصابة تحكم الشارع الفلسطيني وخلافاتهم تعرضهم جميعا للخطر,
لذلك يحاولون تجاوز بعض خلافاتهم من اجل ألا يتعرضوا للخطر, وعرفات يريد أن
يبقى
هؤلاء تحت سيطرته, لكن دون أن يصطلحوا, فهو يفضل أن يسود من خلال استمرار
الخلافات
بين أقطابه والمعاونين له.
|