تعيينات اللحظة الأخيرة
بقلم: عدلي صادق
تابعنا من بعيد، شيئاً من حيثيات الإدارة والتعيينات، في اللحظة الأخيرة،
من صلاحيات الحكومة رقم 9 في تاريخ بناء سنغافوره!
فقد كان طبيعياً، بالنسبة لمن ظلوا لأكثر من عقد من الزمن، لا يطيقون
الاستماع للنصيحة، بل يظنونها حسداً شخصياً، فيما هم سعداء بأوهامهم
وبغرورهم؛ أن يجهلوا القراءة السهلة، التي يمكن أن تدلهم على أمر بسيط،
وهو أن من لم يحافظ على قمة الوزارة، لا يمكنه الدفاع عن سفحها. فإن ضاع
موقع الوزير، هل يكون التعويض في الوكيل؟ وإن كان التعويض متاحاً؛ فأي
نمط من الوكلاء هو؟ وهل كانت فنون إقصاء العناصر أو تعويمها، والبراعة في
السيطرة على الوزارات، من براءات الاختراع الفتحاوي، التي لا يحق لـ
"حماس" إعادة انتاجها؟ وإن لم يحضر الشرفاء والمؤهلون والوطنيون، في مركز
الفعل، فمن ذا الذي يجرؤ على القول، لوزير من "حماس" إن لم يلتزم بأصول
العمل الإداري المحترم: كيف تجعل الصغير كبيراً، وكيف يكون مدير مكتبك،
أو السكرتيره، أهم وأكثر صلاحية من الكفاءة الوطنية المحترمة في
الوزارة؟! إن هذه الأسئلة، إنما هي على سبيل الإفتراض، لأننا لا نأخذ
الناس بغير البراهين المشهودة، وبالنسبة لحركة "حماس" لم نرَ بعد، كيف
سيكون سلوكها الإداري في الحكم!
* * *
أحد تعيينات اللحظة الأخيرة، تثير السخرية فعلاً. فهي تؤكد على أن
الإصلاح الفتحاوي بعيد المنال، طالما أن حركة الإستدراك التلقائية، في
تعيينات اللحظة الأخيرة، في الحكومة وفي الرئاسة، اعتمدت على فاشلين
وفاسدين وغير ذي تأهيل أو غير ذي تجارب محترمة. ومن نافل القول، إن تأثير
حركة "فتح" في الجهاز الحكومي الذي تقوده "حماس" لن يكون بمن تسهل إزالته
بمجرد اختبار حقيقي في القدرة على العمل، أو عند التلويح بورقة تُحال الى
النائب العام. وإن كان الإستدراك بالتعيينات، هو من تباشر لملمة الصفوف
وتعزيزها، للبدء بالإصلاح أو بالنهوض الفتحتاوي، فأين هي الأجوبة عن بعض
الاستفسارات: ما هو الإصلاح بالضبط، ومن الذي سيقوم به، ولمصلحة من؟
ولماذا؟ ومن هم هؤلاء الذين تنهض بهم حركة "فتح"؟! فإن كانت طلائع
المصلحين وخياراتهم، هي هذه التي أفصحت عنها التعيينات والتكليفات
الأخيرة، فأي مصير ينتظر الحركة الرائدة، بعد أن تسبب لها "السغافوريون"
بالهزيمة؟
* * *
هل سنضطر الى مطالبة المسؤولين الجدد، في الجهاز الحكومي، بإفساح المجال
لمن يملك مستندات أو وثائق، أو حيثيات، لكي يمارس حقه الطبيعي في التقدم
الى النائب العام، للاعتراض على وضع إداري أو وظيفي فاسد، أو لاسترداد
الحق العام، أو لمحاسبة مُسيء على إساءته؟
إن ممارسة هذا الحق، لن يكون قبل أن تبدأ عملية بناء منظومة العدالة، بكل
عناصرها الأساسية: القضاء، والنيابة العامة، والأمن العام. ولعل من أهم
واجبات الحكومة الجديدة، هو إعادة بناء هذه المنظومة، والعمل الحثيث على
توفير مناخات مواتية. ومن الضروري إسهام جميع الفصائل في توفير هذه
المناخات، لأن المستفيدين من فقدان البوصلة، هم المحتلون والفاسدون.
وعندما يتوافر المناخ الأمني والإداري والقضائي الصحيح، يمكن لأية عملية
نهوض فتحاوية أو غيرها، أن تتحقق في بيئة نظيفة. وحذار ممن يبالغون في
توصيف نواقص برنامج "حماس" الحكومي، وممن يبالغون في التباكي على منظمة
التحرير الفلسطينية. فمن يتق الله، في الوطن، وفي الناس، وفي منظمة
التحرير الفلسطينية، وفي دماء الشهداء وفي تاريخ الكفاح الفلسطيني، لا
يسلك المنحي الذي سلك، سابقاً، ثم المنحي اللاحق، في صرخات اليوم الأخير،
أو في تعيينات اللحظة الأخيرة! |