لا
تعتذر!
بمنتهى الوضوح الصارخ, قرأتُ العديدَ من المقالات , تتناول موضوعة إعتذار
أبو مازن للكويت واعتبرَ بعض الزملاء أن ما قامَ به رئيس اللجنة التنفيذية
لمظمة التحرير الفلسطينية, يمثل إهانة للشعب الفلسطيني و لتضحيات أبطاله و
لمواقف رموزه الكيانية و في مقدمتها الرمز الخالد الشهيد أبو عمار.
و يمكن القول ببساطة, أن هذه الخطوة الهجينة ما هي إلا جزء لا يتجزأ من
مسلسل خطوات تنازلية على دروب يمهدها هذا الزمن العدائي, الذي تتحكم فيه
الإدراة الأمريكية المتعصبة المتغطرسة, و حليفتها الصهيونية المجرمة و
إتباعهما لمرور قوافل هجينة تحمل على ظهورها خطط التفريط و المساومة و
التخلي عن حقوق شعبنا في الحرية و العودة و الإستقلال و طعن المبادىء و
الثوابت الفلسطينية, بعد رحيل الرئيس عرفات.
و لسوف تخبرنا الأيام و الشهور القادمة أن قضية التواطؤ ضد تطلعات و آمال
ملايين الفلسطينيين,لن تقتصر و تنحصر مجالات غدرها في الإعتذار "العباسي"
الغير مبرر, لفئة فتحت جهات و حدود الحقد و العدوان و الغزو للتآمر على
العراق و شعبه الأبي.
أن السيد محمود عباس يتصرف منذ الآن كمن ضمنَ فوزه, بالتأكيد, في
الإنتخابات الرئاسية الفلسطينية القادمة, و إنطلاقاً من هذه الحقيقة يقيم
تحالفاته و يستثمر تقاطعاته الإقليمية و الدولية و يعمل على تهيئة الحالة
الفلسطينية الصعبة لإستقبال برنامجه السياسي و تثيبت طاقمه الرئاسي الجديد
في السلطة و الإنخراط في تسويات ومفاوضات لن تسفر عن أي نتيجة مثمرة في
الملموس السيادي الفلسطيني,و لن تقود إلى التمسك الفعلي في الثوابت
الفلسطينية, خصوصاً إذا كان منطلق و مزتكز التحركات العباسية خطاب العقبة
سيء الذكر.
أن الذي قامَ بتقديم الإعتذار لمن لا يستحق..لم يكن الشعب الفلسطيني
بتاريخه المجيد, ببطولاته و ملاحمه و مأثره العظيمة.
إن شعبنا المعطاء الصبور لم يُدخل في دائرة الصفح و النسيان مصير مئات
الألوف من عماله و معلمبه و مهندسيه وأطبائه و مختلف شرائحه و فئاته..
الذين ساهموا بتشييد صروح العلم و البناء و التقدم.. في الكويت, ثم رُد لهم
الجميل عبر عمليات الطرد و التعذيب و الإنتهاك و التعدي على حرمات الجالية
الفلسطينية الكبيرة, وصولاً إلى إغتصاب الأطفال الفلسطينيين على أيدي
الحاقدين المفتونين في النموذج الإمبريالي الأمريكي في "التحرير" و الحياة!
إن شعبنا لم ينس الشهيد المناضل القائد فيصل الحسيني الذي مات كمداً و غماً
و ضغطاً في دولة الكويت الشقيق!
أجازفُ و أقول: أن هنالك بعض سمات التشابه بين المٌعتذِر و المُعتذَر له..
نهج قادم إلى الساحة الفلسطينية, يريد أن يضبطها على إيقاعات التهدئة
المفتعلة و نغمات التفاؤل المصطنع و المستورد..
وخلاصة القول: إذا كان يحق لنا في الساحة الفلسطينية تشبيه الشهيد الزعيم
الرمز ياسر عرفات بالخالد الرئيس جمال عبد الناصر..فإن تشبيه الخط الذي
يمثله"رئيسنا القادم" أبو مازن, يتشابه مع دور و وظيفة المرحوم السادات!
فلا تعتذر بإسم جرحي..إن إردتَ الإعتذار.. لا تعتذر من عواصم الذل و
الإنهيار..
سليمان نزال
كاتب وشاعر فلسطيني مقيم في الدانمارك
sleimannazzal@yahoo.dk
|