كتاب مفتوح لأعضاء المجلس التشريعي بخصوص
القوائم النسبية ! .
بقلم
: د . رياض الأسطل
أيها
السادة أعضاء المجلس التشريعي ، المحترمون !
اعذروني
. . و اسمحوا لي أن أقترب من الذات السامية !
أعلم
أنه ليس من حقي أن أخاطبكم بنبرة عالية ، و قد تم اختياركم بالطريقة التي
تعلمون ، ثم تم تثبيتكم لأكثر من دورتين ، كما تعلمون ! . و أعلم أن هذا
المقال سيغضب الكثيرين ممن جندوا أقلامهم ، و سولت لهم أنفسهم أن يناضلوا
من أجل مكاسب حزبية أو تنظيمية ضيقة ، و لو على حساب الوطن والقضية . و
أعلم أن هؤلاء سوف يضجون و يثورون و يرغون ويزبدون ! .
و لكن
حين يبلغ السيل الزبى ، و حين يطفُّ الكيل ، و يبلغ الميل مداه
و حين
تتعرض السفينة للخرق ، و تجنح للسقوط في عرض البحر ، يصبح من حق الجميع أن
يصرخوا و أن يستغيثوا ! .
ـ
لماذا القوائم النسبية ؟ ، و لماذا النسبية الكاملة ؟ ـ
من حقنا
أن تجيبوا على جملة أسئلة و استفسارات قبل أن تصوتوا ، و قبل أن تصادروا حق
القاعدة العريضة في الاختيار الحر ، و قبل أن تحولوا أبناء شعبكم إلى جزء
من الريع والعوائد الحزبية و الفصائلية ، و تضطروهم لأن يصبحوا حزبيين رغم
أنوفهم ! . و قبل أن تضيقوا الواسع ، و تفصلوا الديمقراطية على قدر مقاسكم
، و تبعاً لأهواء بعض من يريد أن يفرض الوصاية عليكم ! .
و من
حقنا أن تجيبوا على عدد من الأسئلة قبل أن تخرجوا بقضيتكم ، و بمجتمعكم ،
من مجتمع الثورة إلى مجتمع الدولة ، و هم صفر اليدين لم يحصلوا على حرية
شبر واحد من ترابهم الوطني العزيز ! .
ـ
الاستحقاقات السياسية ـ
القوائم
النسبية أيها السادة تجربة لم تخضها أكثر الدول ديمقراطية إلى الآن .
فلماذا كل هذه العجلة إلى الاندماج في تجربة لم يجربها أحد من أهل الشرق
بعد ؟ ! . هل هو الخوف من تنظيم بعينه ؟ ـ و دعني أكون صريحاً فأقول هل هو
الخوف من حماس ؟ ـ أم هو الحرص على عدم فشل من فشل في خدمة وطنه على مدار
السنوات العشر الماضية ؟ . أم هو الرغبة في الحفاظ على التركيبة التقليدية
القديمة لمنظمة التحرير القابعة على سرير المرض داخل بيت حراس السلطة ؟ .
أم أن الأمر لا يعدو كونه تلبية لرغبة عدد من الأحزاب التي تباعد عهدها
بالنضال ، و لم تعد تذكر منه سوى الدكاكين المفتوحة هنا أو هناك ، و سوى
بعض الوظائف المحترمة للعاملين في تنظيماتهم ، ممن أَلِف الراحة في ظل مرتب
محترم يعود عليه من مخصصات منظمة التحرير ، التي تدفع من السلطة ؟ ! . أم
أن الالتفاف على إرادة المستقلين أيسر على الجميع ، و أسهل في تحقيق
المكاسب ؟ ! .
دعوني
أكون أكثر جدية و أقول لكم إن النظام النسبي نظام يصلح للدول المستقرة ،
ذات التشكيل و التعدد الحزبي العريق ، و هو من خصائص المجتمعات التي تحولت
إلى المجتمع المدني منذ أمد ، و لها سيادتها المستقرة على الأرض . فأين
الأرض التي سنتحول عليها إلى مجتمع مدني حزبي متعدد ، و نتخلى عن مجتمع
الثورة ؟ . و أين هي الأرض التي يمكن أن نقيم عليها دولة ذات سيادة ؟ . و
هل انتهت قضيتنا حتى نتخلى عن المقاومة على نحو نهائي ، و نلتزم بالعمل
الحزبي ، السياسي الخالص ، على نحو مطلق ؟ ! . هل تدركون أننا لا زلنا في
أول المشوار ، و أن أول لبنة من لبنات الدولة المستقلة على الأرض
الفلسطينية لم توضع بعد ؟ . إننا نستطيع ، حين نقيم دولتنا أيها السادة ، و
حين تضع الحرب أوزارها ، و حين تنسحب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية ، و
حين تتحرر القدس ، و حين يتم إنجاز حق العودة ، و حين تفكك المستوطنات ، و
حين يصدر بيان فلسطيني عن منظمة التحرير يعلن قيام دولة فلسطين على أرض
الواقع ، و يؤكد تتويج نضال السنوات المائة بالنصر و تحقيق الحلم و إقامة
الدولة إننا نستطيع ، حينها ، و حينها فقط ، يصبح من حقكم أن تخططوا
لانتخابات على أساس المجتمع المدني الخالص ، و يصبح من حقِّكم أن تطالبوا
الفصائل المقاومة أن تحل أجنحتها العسكرية وتنخرط في العمل السياسي الحزبي
الخالص . أما قبل ذلك ، فأحسب أن الأمر ينطوي على بعض الفخاخ السياسية ،
التي تريد للشعب الفلسطيني أن يدخل في حظائر الطاعة الأمريكية ،
والإسرائيلية ، و بلا ثمن ! .
ـ
غياب القوانين ـ
نحن
نفهم أن التمثيل النسبي يقوم في ظل نظام التعدد الحزبي المستقر . فأين هي
الأحزاب الفلسطينية ، و جل ـ إن لم يكن كل ـ ما لدينا هم من التنظيمات و
الفصائل ، وليس من الأحزاب ؟. و كيف تفرضون علينا أن ننتخب على أساس نسبي و
ليس لدينا قانون أحزاب ، بل كيف تريدوننا أن نفعل ذلك و هناك معارضة قوية
داخل الشارع للتحول الحزبي ، قبل الأوان ، و رفض مطلق للتحول إلى الشرعية
التمثيلية أو الحزبية ، على حساب الشرعية الثورية . صحيح أن هناك بعض القوى
و الدكاكين التي تفضل العرض الحزبي ، لأنها تريد من جميع القوى السياسية أن
تقعد مثلها مع القاعدين ؟ ، و لأنها تريد أن تجمع عجرها وبجرها ، لتحصل على
عدد يسير من المقاعد ، و بما يضمن لها بقاءها في حجر منظمة التحرير ، و
انتفاعها بعوائد الانتماء ، و مكاسبه المادية و الوظيفية ( و من يشك في
قولي عليه أن يراجع العدد خمسين من الوقائع الفلسطينية ؛ لتأكد من صحة ما
أقول ! )
إنه ليس
لدينا قوانين أحزاب ، و ليس لدينا شفافية تنظيمية ، و لا اتفاق على الشروط
الحزبية ، و لا حتى على الكتل السياسية . و معظم الأحزاب و التنظيمات لم
تجر انتخابات داخلية منذ أمد ، و بعضها لم يجر انتخابات على الإطلاق ، فكيف
تدخلون سوق الحزبية و النسبية ببضاعة ملفقة و غير متجانسة ؟ .
أما
النص على التعددية السياسية في النظام الأساسي ، الذي يدعيه البعض ، فهو لا
يعني أن نفصل النظام الانتخابي على مقاس الفصائل ، و لا أن نصادر حق
المجموع في الترشح الحر و الانتخاب الحر . و لا يعني مطلقاً أن نشطب كل
القوى التي تتحزب للوطن ، دون أن تقنع بالوقوف عند حدود الفصيل أو الحزب .
و دون أن ترضى بحشر نفسها في زاوية ضيقة من زوايا الوطن ، مع أولئك الذين
يرفعون كل الأعلام إلا علم الوطن الأم ! .
ثم أية
كتل سياسية هذه ، التي تتحدثون عنها للخروج من نفق غياب الحزبية و غياب
قوانين الأحزاب ؟ . فإن لم تكن هذه الكتل حزبية ، و لا تنظيمية ، فماذا
تكون ؟ ! . و هل سمعتم عن هذا الابتكار الذي تستحقون عليه التبجيل ، و لكم
أن تسجلوه على أنه خصوصية خاصة بكم ، و تأخذوا عليه براءة من براءات
الاختراع ! . إن الأمر لا يعدو أننا نضحك على أنفسنا أو أننا نريد من
الآخرين أن يضحكوا علينا ؟ . فبدعة الكتل إحدى الكبائر المطاطة التي تتسع
لكل شيء إلا مجتمع الثورة ، و إلا الحق الفلسطيني الذي لا يحتمل اللبس ، و
لا يقبل المساومة ! .
ـ
لسنا بحاجة إلى أحزاب ـ
و قد
يقول قائل إن بإمكاننا أن نضع قانون للأحزاب ، و في وقت قياسي ، و على نحو
استثنائي ـ و له أن يتخيل ذلك ـ فالقوانين في بلادنا متحركة ، في كل آن ، و
تنتقل كالكثبان الرملية ، في موسمي الصيف و الشتاء على السواء ـ و مع ذلك
فالحقيقة أننا لسنا بحاجة إلى أحزاب ، و لا نحلم بها ، و ليس من حقنا أن
نفكر فيها قبل أن نحصل على استقلالنا ، و ننال حريتنا . و هل سمعتم أن أمة
نالت حريتها و تخلصت من استعمار شرس كالاحتلال الإسرائيلي من خلال العمل
الحزبي ؟ . نعم انتصر حزب الله على القوات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني
، و لكن حزب الله تنظيم ، و ليس حزباً ، وهو يرفض أن يكون حزباً ، قبل أن
تتحرر البقية الباقية من الأراضي اللبنانية . و قد نال حزب الله شرعيته
الوطنية بناء على ذلك .
ـ القرار ليس حزبياً و لا فصائلياً ـ
و من حق
الجميع حين يتعلق الأمر بقرار خطير تتم به مصادرة حرية القاعدة الشعبية
لحساب الاستبداد الفصائلي ( و لو تحت شعار الكتل السياسية ) ، و يتم فيه
تعليب تلك القاعدة ، وختمها بالشمع الأحمر على الحساب الحزبي أو التنظيمي ـ
أقول من حق الجميع أن يشارك في مثل هذا القرار . و لا ينبغي أن يتفرد
بالأمر ثلة أو جماعة بعينهم ، حتى و إن نص النظام الأساسي على ذلك ،
فالنظام الأساسي ليس دستوراً ، و لم يكن له يوماً ثبات الدستور ، ووقاره. و
قد تم تعديله غير مرة ، و في أكثر من مكان . و من الجدير بالذكر أن النظام
الأساسي لم يخضع للاستفتاء ، و لم ينل الإجماع الشعبي الذي يمنحه حق النفاذ
. و من الجدير بالذكر أيضاً أن هناك اتفاقاً وطنياً على عدم وضع دستور دولة
فلسطين في ظل احتلال ؟ . فما بالنا نريد أن نقضي على المقاومة ، من حيث
المبدأ ، و نسعى إلى تحويل الجميع إلى أحزاب تحت مظلة مصطلح ملفق هو مصطلح
( الكتل السياسية ) . إنه ليس من حق أحد أن يصادر الإرادة الشعبية إلا
بناءً على قرارها ، و في دستور مكتوب ، و مصادق عليه استفتاءً . أما مادام
الأمر دون ذلك ، فليس من حق أحد أن يطالب المجلس التشريعي أن يقر النظام
النسبي ، و ليس من حق المجلس التشريعي أن يصادر حق القاعدة التي انتخبته ،
قبل أن تنتهي صلاحيته ، و يتم التمديد غير القانوني له ، لأكثر من مرة . و
إذا كان الأمر كذلك فليس من حق حزب أو فصيل سواء كان في السلطة أو خارجها
أن يفصل الجلباب الديمقراطي على قدر مقاسه ، و يستمرئ على العناصر الوطنية
المستقلة ، و يصادر حقها ـ عملياً في الترشح و الانتخاب الحر . و قد يزعم
زاعم أن تشكيل الكتل السياسية مفتوح أمام الجميع . و من المؤكد أن مثل هذا
القول لا يعدو كونه كلمة حق يراد بها باطل ، فهناك كتل سياسية تنفق ببذخ ،
و تأخذ من ( قربة عمرانة و جراب كجراب الحاوي ! ) ـ و لا نريد أن نبحث عن
المصدر ، و هو على أية حال ليس مالاً حزبياً على الإطلاق ـ و لها آلة
انتخابية جاهزة على مدار الساعة ، و لها تنظيماتها و خلاياها الموزعة في كل
المربعات و المناطق والسراديب . فهل تتكافأ فرصة أمثال هؤلاء مع فرصة كتلة
تشكلت للتو من التكنوقراط ، والقوى المستقلة ، التي تملك الوعي و القدرة و
الكفاءة ، و لكنها لا تملك المال ، و معرضة للمسائلة المطلقة ، في الوقت
الذي تتفلت فيه الفصائل و الأحزاب من تقديم أي كشف أو الإقرار بأية مسؤولية
؟ ! . لقد وجد بعض الساسة فرصته السانحة في الالتفاف على القاعدة ، و
مصادرة حقوق العناصر المستقلة ، فهي أغلبية صامتة ، لم تكتب في مجلة ، و لم
تقف على باب المجلس التشريعي بعريضة ، و لم ترفع صوتها احتجاجاً على ما
يجري ، في الوقت الذي وقفت فيه أقليات بعينها أما الكاميرات و التقطت لها
صوراً تذكارية ، و هي ترفع العرائض المطالبة بالقانون النسبي . و بالتعددية
السياسية ، و تحت أي ظرف و بأي ثمن ، بحجة الرغبة في عدم هدر الأصوات و
الحصول على تمثيل حقيقي . و الله يعلم أنها لا تستطيع أن تنافس في أي منطقة
جغرافية ، و ربما كان بمقدور بعض الأفراد أن يحصل على نسبة أصوات تفوق
أصوات تنظيم ـ من تلك التنظيمات ـ بقضه و قضيضه ! . فهل من الديمقراطية أن
نحرم النابهين من حق المشاركة ، و أن نحرم الوطن من حق مشاركة جميع أبنائه
؟ ! .
ـ
المجلس التشريعي و الأولويات الغائبة ـ
نعم ، و
قبل أن نختلف :أين أنتم من الأولويات الأساسية للمجتمع الفلسطيني ، أم أن
الزمن قد توقف عند سن قانون الانتخابات على أساس نسبي ؟!
وأين
أنتم من قضية القدس و المسجد الأقصى المهدد بالاغتيال ، في كل شهر مرة أو
مرتين ؟ !
وأين
أنتم من قضية الأسرى ، و هل يكفي أن تصدروا بياناً هنا أو تقولوا كلمة هناك
؟!
و أين
أنتم من حقوق أسر الشهداء ؟ ! . و هل توقف الأمر عند المخصص الشهري الذي
يدفع لهم ؟ ! .
وأين
أنتم من حق العودة ؟ ! . و هل إجراء الانتخابات على أساس القوائم النسبية
يضمن لنا حق العودة . و إذا كان الجواب بالنفي ، فلماذا تسمحون لأحد ـ
كائناً من كان ـ أن يضغط عليكم ، و يطالبكم بتفكيك الثورة ، و التحول إلى
المجتمع المدني ، بينما لا زال أهلكم وأخوتكم يحملون حجج الملكية ، و
يقبضون على مفاتيح البيوت و كأنها الجمر الذي يكوي القلوب و الأصابع من طول
الانتظار و قلة الحصاد و مشقة الطريق .
وأين
أنتم من تشكيل اللجان الوطنية المكلفة بإدارة المستوطنات التي سيتم إخلاؤها
أم أنكم تركتم الأمر في أيدي أمينة و السلام ؟! . و هل يقف الأمر بنا عند
حد توفير الأمن لحماية الأماكن التي سيتم إخلاؤها ، ثم عمل رحلات سياحية
منظمة ، لمشاهدة مخلفات المستوطنين ، كما زعم أحد المكلفين برعاية الملف !
. و هل يقف الأمر بنا عند هذا الحد ، أم أننا بحاجة إلى دراسة اقتصادية و
خطة خمسية و استراتيجية واضحة ، تقوم على أساس ما يراد لهذا الوطن أن يكون
بعد خمسين عاماً ، و بناءً على إمكاناته الذاتية ؟ ! .
وأين
أنتم من ملفات الفساد ، الذي تحدث عنه الأصدقاء قبل الأعداء ، و جأر بحربه
عدد من المخلصين ، أم أن الأمر مجرد ذر للرماد في العيون ، بملف هنا و ملف
هناك ؟!
وأين
أنتم من قوانين الرقابة و المحاسبة ، و من تقارير هيئة الرقابة المركونة
على الرف ؟ ! ، أم أن الأمر لا يستحق النظر ، في ظل الحاجة إلى تفصيل
الانتخابات على أساس حماية الأغمار والمفلسين على حد سواء ؟ ! ..
و أين
أنتم من ملف الاحتكارات و أمراضه المزمنة ، و التي حولت العشرات إلى قطط
سمان و في وقت قياسي ، و قد بدت آثار النعمة عليهم في حملاتهم الانتخابية
المبكرة ؟ ! .
و أين
أنتم من النص الصريح بأن ( المجلس التشريعي سيد نفسه ) و قد بات واضحاً أن
له ألف سيد و سيد إلا نفسه ؟ ! .
وأين
أنتم من الموازنة الغائبة عن عيون الجماهير ، و التي يذهب جلها إلى الأجهزة
الأمنية التي تستأثر بنحو 26 % من مجموع الميزانية ، لا لشيء إلا لأنه لا
يراد للسلطة الوطنية إلا أن تكون قوة بوليسية ، مطالبة أن تعمل على عكس
إرادة المقاومة ؟!
وأين
أنتم من هيكلة المحافظات ، و القوانين الناظمة لها ، أم أن المحافظة يراد
لها أن تظل مثل دوار العمدة ، ( و سلم لي على الدولة العثمانية ) ؟ ! .
وأين
أنتم من فوضى السلاح و سلاح الفوضى ، و من أكثر من ثمانمائة شهيد ممن سقطوا
بنيران صديقة ؟ ! .
وأين
أنتم من المحسوبيات و الرشاوى الانتخابية ، و الوظيفية التي زكمت الأنوف ،
و سكت عنها الجميع ، بناء على تبادل المصالح ، و اقتسام الغنائم ؟ ! .
وأين
أنتم من حماية الديمقراطية ، و إتاحتها للجميع باعتبارها أهم عناصر الحرية
الفردية وأبسط الحقوق الجماعية ؟ ! .
وأين
أنتم من استحقاقات الوطن على أساس جغرافي ، حيث إن من حق جميع المحافظات أن
تحصل على تمثيل متكافئ ؟ ! .
و أين
ستكونون حين تذهب جل المقاعد ـ إن لم يكن كلها ـ إلى فصيل واحد ـ رتب
أوراقه منذ أمد ، و خلق خيوط ممتدة للتواصل مع القاعدة الشعبية و منذ أمد
بعيد ؟ ! . و إذا لم يقبل البعض بالنتائج ، فماذا أنتم فاعلون ؟ ! .
ـ
صرخة آمل ألا تكون في وادٍ سحيق ! ـ
أيها
السادة إنني أتوجه إليكم بهذه الدعوة بل الصرخة العنيفة ؛ للعودة إلى الحق
قبل تكريس الفساد فإما أن تعودوا ، و أما أن تواصلوا المسيرة التي أرادها
البعض منكم ، و يسعى لكي يمليها عليكم ! . فإن عدتم من قريب ، فبها و نعمت
. و أنتم أهل لكل ذلك . و إن كان الأمر على غير ذلك ، و ظلت الضغوط عليكم ،
فللوطن رب يحميه . أما أنتم فاستمروا في طريقكم ، ولبوا رغبة الواقفين
بالعرائض على بابكم ، و لا تردوا من يخاطبكم بالنظام النسبي من برجه العاجي
خائباً ! . فالأمر لا يستحق العناء ، أضعنا الكثير و أغرقنا المركب لسنوات
و سنوات ، و لم يبق سوى أن نلحقها الأرجل و السيقان ، و ربما يصل الأمر إلى
حد الآذان إن لم نرعوِ من قريب ! .
ـ ثم
ماذا بعد ؟ ـ
ثم ماذا
؟ . لا شيء . و ليذهب المستقلون و لتذهب العناصر الرائدة إلى الجحيم ! .
و لتذهب
إرادة القاعدة الشعبية إلى ألف جحيم !
و ليذهب
قبلهم و بعدهم الحكم الشرعي الخاص بحرمة القوائم النسبية من حيث أتى !
ردوه
إلى الله إن استطعتم ! .
فحسبنا
الاتفاق نصف الفصائلي وقرار اللجنة المركزية و كتاب بعض المتنفذين !
و حسبنا
إرادة بعض التنظيمات الصغيرة و سكوت بعض التنظيمات الكبيرة ! .
و حسبنا
أنكم ستنجحون في حماية الأغمار الذين يستحيل فوزهم في القوائم المفتوحة !
و حسبنا
أنكم ستنجحون في اغتيال القضية ، و تحويل النظام السياسي الثوري إلى نظام
مدني كامل ، و في وقت قريب ، و قبل أن نأخذ استحقاقنا في الأرض و الحق و
السيادة !
و حسبنا
أنكم ستنجحون في تثبيت التركيبة الحزبية بما تيسر من الأصوات !
و حسبنا
أننا فقدنا كل شيء و لم يبق لنا سوى أفكاركم العظيمة ، و أساليبكم المبتكرة
في تطويع القانون ، و الالتفاف على الاستحقاقات الوطنية !
*
* *
القضية
أيها السادة لم تنته !
و
الصراع لا زال على أول الطريق !
و
الانسحاب من غزة ـ إذا تم ـ سيجعل الصراع أكثر تعقيداً ، و سيجعل دور
القاعدة الشعبية أكثر إلحاحاً ، و أعمق أثراً !
فهل
تعودون إلى رشدكم السياسي و التشريعي ـ بعد كل ما قيل ـ أم أن أنكم قررتم
الإقلاع بالقافلة ، الخاصة و بأي ثمن ! .
إن غداً
لناظره قريب !
و
سيعلم الذين ظلـ . . .
|