الجرذ الذي يخطب عن النظافة
بقلم:
حمدي فراج*
يتلفت
الناس حولهم في الانتخابات البلدية، وبالادق المرحلة الثانية ما قبل
الاخيرة، يدققون النظر في اسماء المرشحين وتاريخهم واحيانا في وجوههم فلا
يجدوا ضالتهم، ولا يجدوا بسام الشكعة وكريم خلف وفهد القواسمه ومحمد ملحم
وحلمي حنون، ولا حتى الياس فريج وبشاره داوود، هذه الكوكبة من رؤساء بلديات
خاضوا الانتخابات في ظل الاحتلال عام 1976 في قوائم وطنية ناهضت قوائم
الاحتلال وروابط القرى والادارة المدنية والخيار الاردني،
ولم يكن يومها سلطة وطنية في الضفة الغربية وغزه والتي أعلنت على لسان
رئيسها ورمزها الراحل ياسر عرفات انها محرره وفق اتفاقية اوسلو التي ذرتها
الرياح.
يومها
ناهضت فصائل الرفض التقليدية تلك الانتخابات، واعتبرتها خيانية كالعادة،
ورفعت شعارات من على غرار (الشرفاء لا ينتخبون)، واليوم ينضموا لهذه
الانتخابات ومعهم فصائل مناهضة أخرى لم تكن موجوده آنذاك كحماس والجهاد،
ومع ذلك تظل اسماء المرشحين من ذوي الوزن الخفيف، هل لأن الوزن الثقيل يعد
نفسه لانتخابات التشريعي؟ ربما، ولكن البلدية موضوع حاسم فيما يتعلق
بالخدمات التي يجب وبالضرورة تقديمها للناس، الذين يدفعون كل شيء في انتظار
اليوم الذي يحصلون على شيء، أي شيء، دون جدوى، ولقد طال انتظارهم واستطال،
وأصبحوا يؤثرون خدمات اجتماعية على خدمات سياسية، بعدما ادركوا ان الخدمات
السياسية ليست أكثر من منن يقدمها الاحتلال في حالة جلس الاولاد في الصف
هادئين عاقلين، وبعدما تبين أيضا ان الساسيين حرقوا الاخضر واليابس في
فسادهم وافسادهم، وتسلل هذا الفساد والافساد بدون ادنى شك للمجالس البلدية
التي تم تعيينها على الكاتالوج لمدة ناهزت العشر سنوات، وما كان ممكن ان
نرى نهاية لهذا التعيين لولا تدخل القدر الذي غيب الرئيس الرمز.
من بين
المرشحين الذي يحسبه اليسار على نفسه دون ان يمانع ـ المرشح ـ، يطرح شعارات
تتعلق بمحاربة الاستيطان، دون ان يظهر ولو لمرة واحدة في مظاهره او اعتصام
او حتى جنازة شهيد، ومرشح كان يحسب نفسه على اليسار، دون ان يمانع ـ اليسار
ـ، واليوم نراه على رأس قائمة فتح، ومرشح أقصي عن ادارة مؤسسة حكومية قبل
بضعة اسابيع لعجزه عن ادارتها، نراه اليوم يرشح نفسه لادارة مدينه. يأتي كل
ذلك في خضم حملات دعائية وانتخابية وندوات مدفوعة الأجر يشارك فيها من
كانوا يطلقون على نفسهم فرسان الكلمة، فلا يتبين الا انهم خراف في الصحافة
السخيفه التي افرزتها المرحلة والمتمثلة في ما لايقل عن سبعين اذاعة
وتلفزيون. ولا أعرف لماذا يحضرني الان قصيدة الشاعر الكبير أحمد مطر (خطاب
تاريخي):
رأيت
جرذا يخطب اليوم عن النظافه
وينذر
الاوساخ بالعقاب
وحوله
يصفق الذباب. انتهت القصيدة.
* كاتب
صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
hfarraj@hotmail.com
|