اذا كانت الجماهير لا تعرف بمن تثق، فانها
تعرف بمن لا تثق
بقلم:
حمدي فراج *
هل تشكل
نتائج انتخابات بلديات غزة العشر بداية نهاية "فتح" (حركة التحربر
الفلسطيني) وم . ت. ف. (منظمة التحرير الفلسطينية)؟
كتاب
الحركة والذي بدى بعضهم يتنصل من فتحاويته للتهرب طبعا من مسؤوليته، شأنه
شأن غيره من المسؤولين، بدأوا يطرقون الموضوع، ونميل للاعتقاد ان الصف
القيادي الاول في الحركة والذي شاخ وهرم في احسن الاحوال، اما في اسوأها،
فقد تسلل الفساد والافساد الى يده فقلبه ولسانه وبيته، لكن الطامة الكبرى
تتمثل في انه(لا يرحم ، ولا يريد رحمة ربه) فاستمر في النهب والاستئثار
والتسلط والتربع على المقدرات والخيرات.
ان ذلك
يتجلى في اقرار انتخابات المجلس التشريعي القادمة في تموز، اي قبل انعقاد
مؤتمر "فتح" المقرر في آب.
"فتح"
السلطة هي التي قررت الموعدين، و"فتح" السلطة هي التي تعرف لماذا يسبق
الاول الثاني وليس العكس، بمعنى ان يكون المؤتمر في تموز والتشريعي في آب،
او المؤتمر في آب والتشريعي في ايلول، وكما يشير البعض، لأنهم لا يريدوا ان
تشارك قيادات شابة جديدة سيفرزها المؤتمر في القيادة التي ستكون قد انتخبت،
فتستمر في السلطة اربع سنوات قادمة، ويتأملون ان تواتيهم ظروف كالظروف
السابقة فيستمروا ثماني سنوات او اكثر، والأكثر هنا (حتى الموت) الذي لحق
بعرفات فحقت الانتخابات.
لكن
"فتح" السلطة على ما يبدو، لم تكن تعرف ان سمعتها الفسادية قد عمت وطمت،
وان غيرها استطاع ان يحل محلها لدى الغالبية الساحقة من الجماهير المسحوقة
والتي لم تتمكن يدها الفاسدة من ان تصل اليها، فجاءت بروفة انتخابات بلديات
غزة، لا لتقلب السحر على الساحر، كما يقال، بل الفساد على رؤوس الفاسدين
والمفسدين.. ستكون انتخابات بقية البلديات في نيسان القادم استكمالا لعملية
القلب، والتي ستتوجها انتخابات التشريعي في تموز.
البعض
من "فتح" السلطة يراهن على انجازات موعودة سيحققها "ابو مازن" باسمهم، وهذا
بحد ذاته صحيح الى حد كبير، ولكن الجماهير المسحوقة لن تصوت لفتح السلطة
لأسباب تتعلق بالتجربة الاوسلوية التي قادها عرفات ومات عند مذبحها محبوسا
ومعزولا ومقاطعا في مقاطعته، والسبب الثاني معاقبة هؤلاء الفاسدين على
فسادهم، رغم ان بعضهم سيتنصل من الفساد وسينكر تورطه فيه، لكن الناس تفهم
ان هؤلاء على الأقل صمتوا على ارتكابه وتفشيه عشر سنوات وأكثر، وشكلوا
كمجموعة مسؤولين حاضنة دافئة له كي ينمو فيها ويكبر ويتمدد.
ان
جماهير الناس التي ذاقت الأمرين من هذه الحاضنة (فتح / السلطة) لا تريد من
الانتخابات الا امرا واحدا أحدا: معاقبتهم، لا يهمها ان تعطي اصواتها لحماس
او لغيرها، مع انه كما نلاحظ، لا يوجد غيرها ومصطفى البرغوثي، انها ـ
الجماهير ـ لا تعرف تماما بمن تثق فتعطيه أصواتها وثقتها، لكنها تعرف بمن
لا تثق ، وهذا تماما ما حصل في البروفة الغزية، وهذا ما كاد يحصل في بروفة
انتخابات الرئاسة التي قاطعتها حماس، وخاضها شخص اسمه مصطفى البرغوثي وحصل
على ثلث ما حصل عليه مرشح فتح الذي دعمته كل الفصائل باستثناء الجبهة
الشعبية ذات الثقل المتواضع. لقد وصف احد كتاب فتح ابو مازن بأنه حبل
الانقاذ لحركة فتح التي ما كانت يمكن ان تفوز في الانتخابات الرئاسية
بدونه.
* كاتب
صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|