وأخيراً أيها .. الجلاد فليكن سيفك
عدلاً
إذا كان زمن الإحتلال لهم ،
وزمن الإستقلال لهم ، فمتى يكون زمن الشرفاء ؟؟
العدل والجلاد : فريد الجلاد وزيرا للعدل في
فلسطين
يا لها من مصادفة غريبة وبعد سنوات من بداية عهد
سلطتنا العتيدة وبعد أن مللنا انتظار القطار القادم الذي يحمل لنا بشرى
الحرية
والخلاص من العبودية بداية من عبودية الاحتلال وجبروته وقهره... ونهاية
بعبودية
الاحتكار الداخلي للمؤسسات وظلم ذوي القربى وغياب القضاء النزيه العادل ,
وإذا كان
الاحتلال الإسرائيلي أصبح مصطلحا ملازما لقضيتنا الفلسطينية هل هذا يعني
بالتحصيل
الحاصل أن يبقى الانحلال ملازما لنا في بيتنا الداخلي ؟!!! وهل سنبقى ننتظر
حتى
تتحقق المعجزة ويعم السلام في ربوع الوطن بعد أن يعتدل الميزان وتستوي
الحقيقة؟!!!
أما عن العدل المغيب والذي أصبح وزيره الجديد....
الجلاد !!! وأقول العدل المغيب والذي لا شأن للاحتلال به على الإطلاق ،
بدلالة أننا
عشنا سنوات عسل وليس شهرا واحدا قبل الانتفاضة وكنا أحرار في مدننا وقرانا
، ولكن
وللأسف لم يتحقق العدل والمساواة ولا حتى في ابسط القضايا التي واجهتنا,
والأمثلة
لا تعد ولا تحصى , بداية من أريحا ومياه عين السلطان والتي حكم فيها ومن
أعلى سلطة
قضائية ومن وزير العدل والذي كان اسمه مفرحا ولم يفرح الناس بقدر ما نكد
عليهم و
طعنهم في كرامتهم وحياتهم التي تعتمد على المياه, لصالح اللصوص وقطاع الطرق
والمرتشين , والقصة معروفة للقاصي والداني.. وكرت مسبحة التجاوزات في الوطن
واستقوى
الأقوياء على الضعفاء وعمت الفوضى والقتل والسرقات , وأصبحت مدننا وقرانا
سوقا
للسيارات المسروقة والاتجار بها وبرعاية من الكثيرين من مسؤولي الأجهزة,
وكأننا في
جزيرة معزولة ليس لها قانون ولا حاكم وعلى رأي غوار (حارة كل من ايدو اله )
نعم
وصلت الأمور وقبل الانتفاضة ، وأقول هذا.... لمن يدعي أن أسباب هذا التردي
الانتفاضة أو الاحتلال!!!
لا لا.... ولمن لا يذكر أو يتذكر أو من فقد
الذاكرة أقول
:
إن التسيب بدأ مع وصول السلطة إلى كل بلد ومدينة
وقرية ومن خلال مسؤولين عينوا على رأس أجهزة أمنية منهم من قضى نحبه ومنهم
من ما
زال ينتظر ليرى هل تغير الحال ام لا ؟!! بمعنى هل سيأخذ القانون مجراه
ويطبق فعلا
؟... حتى يتوقف خوفا ورهبا أمام سيف القانون ...أم أن الأمور مجرد شعار
وكلام
استهلاك , وعندها ستعود حليمة لعادتها القديمة وهذه أم المصائب لا سمح
الله, وفي
مقالة كتبتها عام 97 أي بعد دخولنا إلى الوطن قلت عبارة عن اللصوص
والفاسدين
وغيرهم:إذا كان زمن الاحتلال لهم وزمن الاستقلال لهم فمتى يكون زمن الشرفاء
؟؟!!
الآن وقد ظهرت ملامح العمل الجاد في بناء البيت
الداخلي ولو جاء متأخراً ! على كل حال أن يأتي متأخرا أفضل من أن لا يأتي
أبداً
.
وعندما نرى هذا العمل من خلال رئيس ما زال يلملم
أوراقه ، ولم يمض عليه سوى شهر ونحن نرى تسارع الأحداث والمفاجئات التي
تعطل العمل
اليومي ، ورغم هذا فنحن نرى بداية طيبة لترتيب الوضع الداخلي أمام تركة
تكاد تكون
كحصاد الشوك من خلال تراكمات هائلة من الأخطاء الإدارية وأشخاص تجذروا في
مراكزهم،
وكثيرا منهم يشكل عبئا ثقيلا يؤخر عجلة البناء والتقدم مما افقد أناس ثقتهم
بأي شيء
اسمه سلطة
.
وعندما نرى الحكومة الجديدة التي كانت الحل الوحيد
للخروج من الأزمة المفتعلة من خلال تشكيلة الحكومة السابقة والإصرارعليها
وزارة
الوراثة والخاوة والأسياد المزكيين وكأن من خلقهم لم يخلق مثلهم في البلاد
رغم ما
أكثروا فيها الفساد. مع احترامنا للبعض منهم والذين لا تشوبهم الشوائب، لكن
على رأي
المثل العاطل ما خلى للجيد مكانه
.
نعم هذه الحكومة الجديدة والتي أطلقوا عليها
تكنوقراط ، وما قيل فيها منذ البداية من البعض...( من هم هؤلاء ؟) وماذا
يمثل هذا
وذاك وما خلفية فلان وعلان ؟؟ أقول وبالفم المليان إنهم أفضل من أي حكومة
سابقة ،
على الأقل ليس فيها فلان وعلان ولا أريد أن اذكر الأسماء ، ليس فيها من هدر
كرامة
الناس وهو يحكم لصالح السارق ، ليس فيها .... من غيب القانون ووضع مدعين
مرتشين....
حتى شاعت الجريمة ووصلت كل مدينة وقرية ، لا بل كل بيت في الوطن ، واخرج
كثير من
القتلة والمجرمين من السجون برشوات وخاوات وعاش الناس حالة من القلق التي
استدعت أن
يبحث الكثيرون عن سلاح ودفعوا فيها أموالا وحرموا أولادهم من رغد العيش من
اجل قطعة
سلاح إما للانتقام أو للدفاع عن النفس واكرر.... هذا قبل الانتفاضة
!!!
إنها حكومة أفضل من سابقاتها ، على الأقل ليس فيها
من عين نصف أهله وأقاربه مدراء ، والنصف الآخر مراسلين وخفراء ، هي أفضل
لأنه ليس
فيها وفيها....... واللي فيها مكفيها وعلى رأي المثل(اللي بجرب المجرب
عقلوا مخرب
) ..
نعم كفى وكفى وزراء يبقوا مدى الدهر لأنهم فقط من "فتح" حتى أصبح الفساد
صفة
متبادلة للسلطة وللحركة العظيمة التي جبلت بدماء الشهداء والكل يعلم ما وصل
الحال
في هذه الحركة
!!!
نعم هي الحكومة الأفضل لان فيها عناصر شابة ليس
لبعضهم أي خلفية سياسية أو حزبية ولا فئوية ، إنما أكاديميين أو اقتصاديين
قنوعين
بما أعطاهم الله بجهدهم وعرقهم ، وبعضهم مجرب في مؤسسات عملوا خلالها في
التنمية
والإحصاء وأبدعوا في اختصاصاتهم ، ولا ننسى الخارجية بشخص الأخ ناصر الذي
رفع
رؤوسنا عاليا في المنابر الدولية وخاصة في الأمم المتحدة وكان ندا قويا لكل
أعداء
القضية الفلسطينية ولم نسمع عنه ما يسيء حتى في سلوكه الشخصي، ولا ننسى
وزير
الداخلية الأخ نصر يوسف صاحب التاريخ المشرف والمبادئ التي التزم بها مع
أول خطوة
له في غزة بعد أوسلو
.
وأخيرا وليس آخراً وزير العدل ....الذي قرأت انه
التقى مع النائب العام العسكري الأخ المحترم العميد صائب القدوة وأطلعه على
الأحكام
الصادرة بحق المجرمين وتفعيل التنفيذ بعد مصادقة الرئيس عليها ، والجولة
التي يقوم
بها من أجل تحسين وضع أجهزة القضاء والمحاكم لتأخذ مكانها الطبيعي دون
تأثير من
كبير سوى الله تعالى ، وهذا أملنا في (جلاد استلم العدل ) والحقيقة أن ما
شدني لهذا
الموضوع بالذات أكثر من مسألة أولها : أنني من ضمن ضحايا هذه الوزارة التي
كنت اعمل
من أجل تحقيق أسمى ما تحمله من صفات وهو (العدل) إلا أنها خيبت ظني ووضعتني
أمام
خيار صعب .... إما أن استسلم واضع رأسي بين الرؤوس وأصبح من المرضي عليهم
رغم كل
الباطل والظلم وتمشي أموري كغيري ، أو استسلم واسلم أمري إلى الله ... وهذا
ما حصل
بالفعل ، والمسألة الأخرى التي شدتني هي أن هذا الوزير الجديد وزير العدل،
والذي
التقيت به لأول مرة قبل سنوات في أمريكا حيث التقينا مصادفة خلال اجتماع
للجالية
الفلسطينية( الكونجرس الفلسطيني ) في مدينة سان فرنسيسكو حيث كان مع وفد
قضائي وكنت
هناك بدعوة من الجالية ، وقد تعرضت من قبل احد أفراد عصابة الفساد العدلي
آنذاك
لهجوم مفاجئ وأنا القي كلمة أمام الحضور ، وبشكل كيدي حاقد قال :أيها
السادة إنني
استغرب كيف تستمعون لهذا الرجل ، انه ضابط غير منضبط ، هذا خارج عن القانون
، هذا
سبب للسلطة مشاكل واحراجات جعلت "إسرائيل" تشمت بنا ، وأضاف : أنا لا
يشرفني أن
أبقى في هكذا جلسة يتحدث بها شخص فاسد وصرخ كمسؤول عن الوفد قائلا : أنا
آمركم بترك
هذه القاعة لأن بقائكم عار عليكم وعلى السلطة ، وطلب من أعضاء الوفد الخروج
،
وخرجوا بالفعل ، وبقي فقط اثنان لم يخرجوا أحدهم تشرفت بمعرفته حيث كان
يجلس بجانبي
على المنصة وهو الأستاذ فايز أبا رحمة نقيب المحامين آنذاك ... والآخر لم
أعرفه إلا
بعد أن وقف وطلب الكلام بعد هدوء العاصفة التي أحدثها المسؤول وبشكل اغضب
الجميع ،
قال الأستاذ فريد الجلاد : أقول لله والتاريخ أن هذا الأخ الذي أراه أول
مرة في
حياتي ويا للمصادفة في أمريكا !!! لم يقم بأي عمل غير قانوني في موقعه بل
كل ما قام
به هو صحيح وان ما قاله زميلنا عنه محض افتراء والخطأ كان في إدارة الأزمة
من قبل
المسئولين والقيادة التي لم تحسن استغلال الموضوع لصالحها على الأقل ،
وأضاف إن ما
حصل معيب ، واعتذر عن التصرف الأحمق الذي قام به زميله في الوفد ، وبالرغم
أني لم
التقي بالأخ فريد الجلاد بعدها ونحن في الوطن إلا من خلال اتصال تلفوني ،
إلا أنني
أسجل له موقفه الشجاع ذلك الوقت، والذي كان من مصلحته الشخصية أن ينضم إلى
رأي رأس
الأفعى التي يجب أن تكون دائما حاضرة في كل تجمع أو مؤسسة لتحمي تقدمها في
إغراق
الوطن وسحق المواطن، و التي كانت تحت سيطرة من يرفع هذا وينصب ذاك في هذه
المؤسسة
الهامة والحساسة ، و التي كان هو احد موظفيها ، إلا أن كرامته الشخصية أبت
دون ذلك
ووضح الحقيقة بكلمته بدل أن يترك الناس في حيرة من الأمر وهذا هو العدل
...
نعم لهذه الحكومة لتضع بداية عهد جديد لرسم معالم
الأداء المؤسساتي الراقي الذي يتلاءم مع متطلبات العصر والنهضة والمستقبل
المشرق ،
على الأقل في البناء الداخلي ، الذي يجب أن نخرج من نزعة ومرض المؤامرات
الخارجية،
والاحتلال وغيرها ، فالاحتلال لا يجبرك على السرقة ولا على الرشوة ولا
يجبرك على
ظلم الناس...
وأخيرا أيها الجلاد .. فليكن سيفك
عدلاً
|