هل من طائل من وراء جعجعتي.....

بقلم: أحمد الخطيب*

التطورات السياسية سريعة جدا، وأعترف أنني للحظة أجبر على التوقف لإلتقاط أنفاسي، وأبدأ ثانية بالجري وراء الأحداث لأحلل وأقرأ، ومن جديد أجد نفسي بعيدا جدا عن الواقع. وتتساقط نظرياتي تماما كأطفال رفح....

في فترة وجيزة أنزلت صور الرؤساء عن جدران المكاتب الحكومية في فلسطين بسبب الموت، وفي العراق بسبب المؤامرة، وفي الأمارات بسبب الهرم.. وبوش الذي أدخل أمريكا إلى الوحل واعتقد الجميع أن عصره  ولّى. تعود صوره وأقواله المأثورة إلى صالونات السياسة العربية، وقرضاي "العميل" الذي يضرب به المثل يعود وبقوة أصوات الأفغان، والملا عمر أمير المؤمنين لا يزال هارباً في جبال الله الواسعة مع قلة من مؤمنيه الذين كما يبدو أجلوا الدعوة إلى أن يرث الله أو أمريكا الأرض ومن عليها .....

والشيخ أبن لادن عاد إلى الإختفاء مباشرة بعد دعايته الإنتخابية لجورج بوش، وبعد أن ثبت بالدليل القاطع أنه "الجمهوري" الأول والأهم في العالم الإسلامي...

حماس تبارك شرم الشيخ وشارون سيصنع السلام ونظام عربي يتدخل ليبقى وزير إسرائيلي في منصبه، وآخر يناشد الآخرين أن لا يطوروا أسلحة دمار شامل، ودولة عربية ترسل رسالة لإسرائيل لكي تقبل الأخيرة الجلوس والتفاوض، وحديث عن صفقة لإخراج صدام حسين، والشيعة يمسكون بزمام الأمور في العراق وحديث أمريكي عن النظام الشيعي الأول في المنطقة على أنه يرعى الإرهاب، والخلطة تصعب على الإدراك العادي للأشياء ...

قرأت في مكان ما لكاتب ما يلعن "العروبة" ويشتم الذين يختفون خلف الدين لتحقيق مآرب سياسية، فيرد عليه آخر ليدافع عن العروبة والدين ويلعن بدوره الزمن، ويبعث لي صديق أحترمه وأحترم كتاباته بمقالة نشرت يتهم  فيها "بشجاعة أقرب إلى الوقاحة الأدبية" الخالق الباري والذي، والعياذ بالله لا يعترف به صاحبنا ويقول ما كل ما يصيب أمتنا إلا من أيماننا به!! فلو تخلصنا منه لانتهت مشاكلنا..؟؟!!

لقد آمنت بالمقاومة العراقية واعتقدنا جميعا أن الإنتخابات لن تمر، ولكنها مرّت، حتى وإن قاطعها السنة فهذا هو المطلوب، وفاز السيستاني والطالباني والبرزاني وتقسّم العراق فعلا، وعبرت الولايات المتحدة إلى القسم الآخر من خططها بدعوة مصر والسعودية إلى إصلاحات ديموقراطية، ولهذا أخذ بوش ولاية ثانية، وحتى العام 2009 ستكون هنا إسرائيل قوية وحولها دول صديقة لا حول لها ...

فلسطين ستكون دولة مستقلة صغيرة ضعيفة يركض المواطن فيها لتأمين لقمة العيش، وليس لديه الوقت للتفكير في عودة اللاجئين أو تحرير باقي الأراضي التي قررت إسرائيل الإحتفاظ بها بموافقة دولية، وسيعمل الجميع، وأقول الجميع، لكي تستطيع فلسطين جذب الإستثمارات الأجنبية وبناء الإقتصاد الفلسطيني والذي يحتاج لسنوات عدة كي يصل إلى مستوى لائق .. وسنعمل بجد على دخول الإتحاد الأوروبي وستأخذ التحضيرات والمفاوضات نفس المدة التي تكون قد أخذتها تركيا في نفس المسعى.

هذا ليس يأسا بقدر ما هو قراءة مرّة لواقع فاجر.. سقطت الأقنعة ومن لم يكن يؤمن أن هذا هو الزمن الأمريكي الكويتي، هذه هي الدلائل الواحد تلو الآخر تأتينا بها الأيام والتي كما يبدو وجدنا هنا لنعدّها فقط لا لنكون جزءاً من تكوينها أو مكوناتها أو من صانعيها..

النظرية النسبية في السياسة هي النظرية التي تقول أن ما يحدث اليوم هو لا شيء مقارنة بما حدث لنا أيام المماليك أو ما يمكن أن يحدث لنا، ولهذا فنحن بخير وأصحاب هذه النظرية هم الأنظمة ومن يلف لفهم وهم كثر كغثاء السيل، وهناك أصحاب النظرية المطلقة والذين يؤمنون أننا في الحضيض، حيث نقبع تحت مستوى سطح الحضارة والتاريخ وصرنا في مرتبة أقل من الشعب الميت، وهكذا حملنا رقمين قياسيين في الإنخفاض، الأول في الجغرافيا، وهذا من الله، والثاني في صناعة التاريخ والحضارة وهذا منا، ومنا فقط ...

وأراني في الختام أتساءل: هل من طائل من وراء جعجعتي..؟ ربما ..!!

 

* كاتب فلسطيني يقيم في البعنة- الجليل

 

الى صفحة مقالات وآراء

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع