سياسة استيراد و تصدير
الخميس
1 نيسان 2004
بقلم
نضال
حمد
تحدث
السيد احمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني في جلسة المجلس
التشريعي وذلك بعد يوم واحد فقط من احتفال الشعب الفلسطيني بيوم الارض
الفلسطينية ،
مطالبا
شعب الشهداء والعطاء بنبذ المقاومة المسلحة ، حيث قال ان استهداف المدنيين
الاسرائيليين بالعمليات الفدائية يضر بالشعب الفلسطيني. وقد انتقد قريع
المقاومة
وعملياتها المسلحة واصابنا معه ما اصاب اهل المثل المُحَرَف : تمخض" رئيس
الوزراء"
فولد"
تصريحا رنانا" لا يليق بشعب الشهداء ، وأبدع ابداعا ملحوظا حين افرغ ما
لديه
من
مواقف كانت مدفونة في جوفه كما تدفن النعامة رأسها في الرمال.
لقد
طلع علينا ابو علاء احد أعضاء الحلقة الضيقة من مهندسي اتفاقية
اوسلو
السيئة الذكر والصيت والتي دمرت القضية الفلسطينية بفيلم امريكي جديد لكنه
محروق
منذ ولادته. فبدلا من ان يتفرغ الرجل الاقتصادي لاختصاصاته المهنية و
لشركات
الاستيراد والتصدير المهتمة بنقل الاسمنت لاصدقائه في سلام الشجعان ، الذين
يبنون
على
ارض أهله الجدار الفاصل ، لازال الرجل الذي يعمل بعقلية زمن الأبوات
المنقرض
يطلق
تصريحات ترحيبية بالوفود الأمريكية التي لا تعيره لا هو ولا غيره من قيادة
الشعب
الفلسطيني الرسمية أي اهمية.
كان من
واجب احمد قريع ان يتحدث عن الفساد والفوضى وحصار الرئيس
عرفات
وغياب المنظمة والمجازر والمذابح التي يتعرض لها اهل فلسطين بدلا من قيامه
ببيع
المواقف للامريكان أعداء شعب فلسطين. كان واجبا عليه التحدث عن العملاء
الذين
ينتشرون في الاراضي الفلسطينية ويمارسون دور الطابور الخامس، وعن صراعات
الأجهزة
والقوى
داخل السلطة المهترئة وعن اللصوص والتجار واعداء الشعب والقضية ، وعن
الاعتداءات والاغتيالات التي يتعرض لها اهل الاعلام والصحافة في فلسطين
المحتلة،
وعن
عائلات الشهداء والاسرى والجرحى والمناضلين التي تحرم من مرتباتها بفضل
السياسة
المالية الجديدة للسلطة العتيدة. كان عليه ان يكون اكثر جرأة وانحيازا
لأهله وشعبه
لا
لعدوه واصدقاء عدوه الذين هم اعداء شعب فلسطين من الفيتو الأول حتى الفيتو
الأخير
قبل ايام قليلة.
كيف لا
يخجل البعض الفلسطيني من التحدث باللسان الامريكي
والاسرائيلي؟
وكيف
لا تخجل تلك الشخصيات التي اطلقت على نفسها " مثقفة " ان تطالب
الشعب
الفلسطيني بالرد على اغتيال أبناءه وقيادته بالتظاهر السلمي ؟
التظاهر السلمي كان له زمانه ايام غاندي الزعيم الذي نعرف جميعنا ما
هو
وزنه، انه رجل صاحب مكانة و من الوزن القيادي الثقيل الذي لم يمنعه وزن
جسده
الخفيف
من الصعود الى القمة ومواجهة امبرطورية الاستعمار البريطاني بقوة الكلمة
والجسد
شبه العاري. لكن في فلسطين هناك الجسد الذي يرتدي شهادته ويسير لكي يأخذ
بعون
الشعب القابع تحت الاحتلال منذ ما قبل اوسلو وما بعدها ثأره بيده ، فالشعب
الفلسطيني انجب آلاف الغانديين والجيفاريين والحسينيين والاستشهاديين الذين
يريدون
استعادة الارض وتحرير الانسان على طريقتهم، تلك الطريقة الأقصر لنيل
الحقوق. والأهم
يا سيد
ابو علاء أن العشب الفلسطيني كان جرب معكم طريق الشمال الباردة فما كان
منها
سوى
الخراب والدمار والحرائق والضياع وازدياد الاستيطان وانتشار الفساد وكلاب
الاحتلال في كل زاوية وشارع وجهاز ومؤسسة وهيئة ومنظمة وجمعية ومجلس ووزارة
ومكان.
وما
احداث مستشفى الامراض النفسية في بيت لحم والهجمة الكبرى عليه لاعتقال
نشطاء
كتائب
المقاومة وخاصة كتائب الاقصى سوى مثال ساطع على مدى تغلغل العملاء في
المنطقة
وفي
المجتمع الفلسطيني. الا يستحق هذا توجه حكومتكم لعمل شيء ما من اجل محاسبة
وملاحقة وتنظيف البيت الفلسطيني من الكلاب الضالة والأخرى اللابدة؟
قال
الوزير السابق نبيل عمرو وهو أحد رموز جماعة اوسلو الملتزمين
كليا
بسلام الشجعان وفق الوصفة الصهيونية الامريكية ، حيث عادت عليه تلك الطريقة
السلمية بمقومات محببة من الحياة الدنيا وببطاقة هوية مميزة يستطيع
استعمالها
للتجوال والسفر عبر الحواجز بدون مشاكل وعوائق واهانة كما كان ولازال حال
كل شعب
فلسطين
في الضفة والقطاع.. يقول عمرو أن موقف ابو علاء يوم امس في التشريعي يعتبر
موقفا
طبيعيا وليس جديدا لأنه يمثل الموقف الطبيعي للسلطة الفلسطينية وللقيادة
الفلسطينية. وقد حاول عمرو ايضا تلبيس هذا الموقف " التساقطي" للشعب
الفلسطيني حيث
قال ان
الشعب الفلسطيني يرفض العمليات التي تستهدف المدنيين الاسرائيليين. طبعا
السيد
عمرو يريد تبرير مواقف ابو علاء التي تنسجم ومواقفه هو شخصيا لكنه ينافي
الحقيقة ويدخل في عالم النفاق والكذب حين يُلبِس الشعب الفلسطيني ثوب الفكر
الانهزامي الذي يمثله وامثاله.
الشعب
الفلسطيني لن يدخل شركة الاستيراد والتصدير السياسي التي
اقامتها الولايات المتحدة الأمريكية و باركتها الحركة الصهيونية، لأنه ليس
شعب تجار
ولا
مقاولين في السياسة والقضايا المصيرية، وما على الذين يتاجرون بهذه القضية
سوى
التنحي
جانبا والابتعاد عن مسرح العمل وعدم ازعاج الآخرين ووضع العراقيل في طريقهم.
فقد
طفح الكيل ، وهذا الشعب اكتفى بهذا الكم الهائل من لصوص المناصب والمواقف
والسياسة. ونقول لأصحاب رسالة عدم الرد على اغتيال الشيخ احمد ياسين وبقية
ابناء
فلسطين
ولرافضي المقاومة المسلحة ، أنه لا مكان لمثل هذه النفايات حتى على مزابل
فلسطين
المحتلة.
نضال
حمد
كاتب
فلسطيني من
النرويج
|