الاستنفار

بقلم: حمدي فراج *

وصلت على ما يبدو الاشارة الى المعنيين، ان عملية التسجيل للانتخابات في الصناديق المخصصة، والتي يفوق عددها على الف صندوق موزرعة على كافة محافظات الوطن الشمالية والجنوبية، وفق التسمية السلطوية، في المدن والقرى والمخيمات، ومفادها: التسجيل ضعيف، لا اقبال على التسجيل.

وكما هي العادة، بدلا من الذهاب لفحص الاجراء ذاته، استنفرت السلطة، والتي بدورها استنفرت فتح الرسمية، من اجل حث الناس على التسجيل بالدعاية حينا، والديماغوجية احيانا، فعقدوا الندوات، والاجتماعات والمحاضرات، ولكن المشكلة ظلت قائمة، فهم يداوونها بالتي كانت هي الداء، بمعنى لو انهم يستطيعوا حشد الجماهير للمحاضرات والاجتماعات، فان بأمكانهم دعوتهم للتسجيل في الانتخابات مباشرة، كما فعلوا للوهلة الاولى، ولكن الناس لم تقبل على التسجيل، ولا على الندوات، هم أنفسهم الذين يدعون، هم أنفسهم الذين يحضرون، وهم الذين يسجلون، وهم الذين سينجحون، في حالة الانتخابات، أو عدمه.

ولما ظلت امور التسجيل في حدودها الدنيا، اوعزوا لوزير التربية والتعليم، ان يوعز لمدراء المدارس، ان يوعزوا لجموع الطلبة، ان يسجلوا في الانتخابات، كما وصل الحث ان يحث الطلبة اقرباءهم على التسجيل.  ثم وصل الأمر الى الأسرى في سجونهم، على لسان منظمة اسمها انصار الأسرى، وقيل ان سماعات بعض الجوامع استخدمت للحث.    

ولا نعرف ما يمكن اللجوء اليه بعد ذلك، لكننا نعرف الخطاب الحامي ازاء عمليات الحث، من على غرار: هل تريدون انتخابات؟ تفضلوا. هل تريدون ديمقراطية؟ ها هي الديمقراطية. هل تريدون التغيير؟ غيروا. هل تريدون وضع الرجل المناسب في المكان المناسب؟ ضعوا. هل تريدون محاسبة الفاسدين؟ حاسبوا. هل تريدون الاصلاح؟ إصلحوا..  

معظم هذه التساؤلات وغيرها، اقتباسات مما يتم نشره في اطار حملات استنفار السلطة وفتح الرسمية للتسجيل، ولكننا لم نر استنفارا واحدا لحث السلطة، او لنقل حث الرئيس ياسر عرفات على تحديد موعد الانتخابات، حتى لو كان هذا التحديد بعد شهر او سنة او سنتين، المهم ان يتم التحديد، حينها سنرى حجم التسجيل وحجم الاقبال.

ان جماهير الناس مدركة لنوايا السلطة، وتدرك تماما ان عدم تحديد موعد الانتخابات انما هو من باب (وراء الأكمة ما وراءها) حتى الانتخابات البلدية التي غامر الاحتلال على اجرائها قبل حالي ثلاثين عاما، لم تستطع السلطة الوطنية ان تغامر باجرائها، فقامت بالتعيين، وها هي قد مرت ثماني سنوات عجاف دون ان تجرى، ولا يلوح في الأفق موعدا محددا، وعندما قالوا انه قد آن الآوان، اكتشفنا انهم يريدونها بالتقسيط، وعل مدى عام كامل من بدئها في 9 كانون اول القادم، الموعد الذي سبقه كان في آب الذي انصرم، وعدد من المجالس آثروا البدء بها فما كان من رؤسائها الا ان ذهبوا عند الرئيس، فألغاها. لقد وصل الأمر بالرئيس أن ألغى انتخابات طلابية في جامعة بيت لحم، وهي جامعة أهلية غير تابعة للسلطة، وحين فازت كتلة حماس في جامعة بير زيت، قيل: كان يجب ان نلغيها. وها هم يوعزون للتربية والتعليم بالحث على التسجيل، فلماذا لا يوعزوا لهم من سينتخبوا، وكفى الطلاب والمعلمين شر الدرس والتدريس؟!

يقول الكاتب عدلي صادق، وهو فتحاوي، في عموده اليومي في صحيفة "الحياة الجديدة"، جريدة السلطة: المشكلة أصبحت تتلخص في وضعنا كسلطة وكفتح، وبالتالي فانهما مطالبتان بالانتصار على نفسيهما، والتصدي بشجاعة لوضعية التردي.

ان اوليات هذا التصدي، هو الاستنفار، لا للحث على التسجيل، بل الحث على تحديد موعد الانتخابات، دون ذلك تظل الانتخابات مزعومة، والصناديق خاوية، حتى لو امتلأت وطفحت.

*كاتب صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.         موقع أمين 10/09/2004

الى صفحة بدون تعليق

الى الصفحة السابقة

هذا الموقع لايمثل اي مجموعة أو حزب أو حركة إنما يهتم بقضايا الشعب الفلسطيني، وما يعرض لايعبر بالضرورة عن رأي الموقع