زياد أبو عين: هل يجوز كلامك هذا؟ |
نضال حمد
ان ما حدث في غزة أمس مجزرة سياسية وأمنية وقبل كل شيء مجزرة بشعة أودت بحياة الفلسطينيين بسلاح فلسطيني ورصاص فلسطيني وأيادي فلسطينية. ولا يوجد ما يبرر قتل المتظاهرين لأي كان من الطرفين سواء أفراد القوة التنفيذية التابعة لحكومة حماس المنتخبة أو أجهزة الأمن الوطني التابعة لحكومات فتح السابقة والتي لم تلتزم منذ آذار مارس الماضي بقرارات أو أوامر الحكومة الجديدة، يعني تمارس دوراً لا علاقة للحكومة به، بل انه أشبه بدور ميليشيات مسلحة داخل أجهزة ومؤسسات الحكومة دون أن يكون للحكومة أي سلطة عليها. بعض هؤلاء العناصر اندس داخل التظاهرة بقصد شحن وتوتير الأجواء أو حتى بقصد إشعال نار فتنة هي بالأصل كانت تحتاج فقط لشرارة كي تحرق الأخضر واليابس. طبعاً لا يتصرف هؤلاء او غيرهم من المسلحين من تلقاء أنفسهم بل ان هناك أجندات سياسية هي التي حركتهم وأرسلتهم إلى الميدان حيث ان كل ما سبق ذلك يبدو انه كان تحضيرا ليوم الأحد الأسود في غزة. فانسداد الأفق السياسي والحصار المتواصل على الحكومة وعدم قيام مكتب الرئاسة بتقديم حلول منطقية وعقلانية جعل الأمور تسير نحو الكارثة. وبما أن حماس تسيطر بقوة على قطاع غزة فأن فتح تسيطر بقوة على الضفة الغربية. وحين تحدث إشكالات او اشتباكات في غزة تفتعل فتح مثلها في الضفة. يعني هناك توازن رعب داخلي عنوانه غزة مقابل الضفة.
وبين ما حدث في القطاع وما تلاه في الضفة جاء تصريح الأخ زياد أبو عين وهو مناضل فتحاوي قديم وأسير سابق ونائب وزير الأسرى سابقا وحالياً. كنت تعرفت عليه جيدا خلال استضافته والوفد المرافق له في اوسلو العام الفائت على هامش حملة تضامن في النرويج ودول الاتحاد الأوروبي مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية. استغربت واستهجنت كثيرا وأنا أقرأ تصريحا له نشرته وكالة معاً ، حيث قام بإطلاق تهديدات علانية لوزراء ونواب حركة حماس في الضفة الغربية ما لم يعتذروا عما سماه مجزرة الأحد الأسود في غزة. وبرر أيضا ما فعلته عناصر حركة فتح في الضفة من حرق وتدمير للمؤسسات معتبراً أنه ليس إلا ردة فعل على أحداث غزة... وأضاف ان المؤسسات بنتها فتح وحماس لم تبن أي مؤسسة.. هذا كلام فيه الكثير من الخطورة والأخطاء..
أخي زياد أنت على خطأ وكلامك هذا خطير جداً جداً ولا يجوز ان يصدر عن مسئول في فتح والسلطة لأن فتح لم تبن مدرسة أو مؤسسة من أموالها الخاصة أو من حسابات قياداتها، العكس هو الصحيح حيث ان فتح بالإضافة لإنجابها مناضلين نوعيين لم يستفيدوا من الحياة سوى بشهادتهم وتضحياتهم لأجل قضية وطنهم فلسطين. فأن فتح هي التي احتكرت أموال منظمة التحرير الفلسطينية والصندوق القومي ثم أموال السلطة الفلسطينية، وهي التي استفادت من أموال الشعب الفلسطيني، وأكثر من ذلك هي التي خلقت طبقة لصوص وفاسدين ومتسلقين وقادة مصادفة استولوا على كل مقدرات الشعب الفلسطيني، وأنت تعرف ذلك جيدا، فهؤلاء كانوا أول من فر وهرب واختفى من ارض المعركة حين بدأت حملة السور الواقي. وهم من ترك الرئيس الراحل أبو عمار محاصراً حتى استشهاده.. فسرقوا أموال المنظمة وغادروا البلاد ليعيشوا في جزر ومصايف وبلدان مختلفة.. وهؤلاء لم يبنوا مقر المجلس التشريعي في رام الله ، هذا المقر الذي أحرقته قطعان من فتح وليس عناصر كما تقول أنت، وأصرّ هنا على استعمال كلمة قطعان، لأنها لم تكن المرة الأولى التي يقوم فيها هؤلاء بالاعتداء بهمجية على مؤسسات السلطة وعلى وزراء ونواب من حماس او مقربين منها. هذه سياسة بلطجية وزعران لا تعيد توازنا للحركة الوطنية الفلسطينية ولا تحل إشكالاتها. الحل لا يكون بالفوضى والتهديدات وإشهار الأسلحة وإبراز العضلات وإطلاق الرصاص في الهواء وعلى الفلسطينيين ومؤسساتهم. بل بتفعيل لغة الحوار والعقل وتنظيم صفوف حركة فتح اولاً حتى تفهم الأطراف الأخرى أنها أمام فتح واحدة موحدة صاحبة قرار وموقف.يمكنها التحدث والحوار والوصول إلى اتفاقيات. ويجب ان يعرف الشعب الفلسطيني موقف فتح الحقيقي ، هل تعترف فتح بالكيان الصهيوني وبالشروط التي وضعها العالم لحكومة حماس أم لا ؟ جواب فتح يحدد الكثير من الأمور الآنية و المستقبلية في الساحة الفلسطينية.
أخي زياد يفهم من تهديدك ان هناك أكثر من سلطة في فلسطين المحتلة، تصور ما أقسى هذا التعبير "سلطات في بلد محتل"، سلطة لحماس (منتخبة) في قطاع غزة وأخرى لفتح في الضفة الغربية. وبقية الفصائل شاهد على التقسيم والمذبحة والتعطيل والبلاء. واحسب أنهم مثلي يقفون الآن أمام تصريحك الحاد والشاذ الذي جاء بعبارات لم يكن من المفترض أن يجيء بها ومنها استخدامك لعبارة الحكومة الفاشية، وهذه العبارة فيها معاني ودلالات خطيرة وكبيرة، لأنها على ما أظن مستوحاة من تعبير جورج بوش الأخير عن "الفاشية الإسلامية". لقد أخطأت يا زياد في التعبير وفي التهديد وفي التبرير وهذا لا يخدم قضية فلسطين ولا حركة فتح ولا الوحدة الوطنية ولا حقن الدماء الفلسطينية.
أخي زياد! بربك قل لنا: هل اعتذرت فتح ولو مرة واحدة عن أفعالها المماثلة والأخرى الأكثر خطورة وسوء خلال مسيرتها الطويلة؟
|