الارهاب والفساد
الارهاب والفساد ......ما الفرق !!!!
بقلم: العميد منذر ارشيد
وبغض النظر عن اي تعريف فان الارهاب شيء رهيب ولا يقبله العقل البشري وهو
ليس من صفة البشر بل هو نوازع شيطانية تبرر القتل والخراب والدمار
والاحتلال واشاعة الفوضى بين الناس من خلال الاستقواء بالسلاح او المال او
السلطة وينطبق الحال على الفساد , بل ان الفساد هو الارهاب
ويلتقي الارهاب والفساد بقاسم مشترك في سلب الناس حقوقهم المادية والمعنوية
واخطر ما في الامر الاضرار الاخلاقية والتي تدمر كيان المجتمع والوطن
فالارهاب تمارسه الدول والعصابات اما بالقتل او التخويف وحتى بعض المؤسسات
تمارسه على موظفيها وهو نوع من انواع الظلم و الاستقواء وسلب الحقوق
بالتهديد
اما الفساد فهو اشد خطرا على المجتمعات وعلى الانسانية وهو ما ذكره الله
تعالى في محكم تنزيله بانه يهلك الحرث والنسل ويدمر البلاد من خلال قوله
تعالى( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس )صدق الله العظيم
وما جعلني اتطرق لهذا الموضوع ما يتناقله الناس والكتاب من اصحاب الاقلام
وعبر الفضاء حول موضوع محاربة الفساد والاصلاح
ومما لا شك فيه ان الفساد اصبح سمة العصر الحديث رغم انه كان وعلى مدار
التاريخ ومنذ نشأة البشرية بدلالة ما جاء في القرآن الكريم من قصص الخلائق
ومنذ آدم عليه السلام , واول من بداء بالافساد هو ابليس الذي استأذن الله
تعالى حيث قال (انظرني الى يوم يبعثون ) فاذن الله تعالى له وقال عز من
قائل (اذهب انك لمن المنظرين انت ومن تبعك منهم لاملأن جهنم منكم اجميعين)
صدق الله العظيم
اذا الفساد ليس مسألة جديدة في حياة الشعوب ,ولكن عصر التكنولوجيا والاعلام
الذي أخذ ينقل الناس الى اخبار وصور القتل و الفضائح جعل من الفساد اكثر
السلع رواجا لا بل ارخص مادة تسلية يتمتع بها المشاهد في اوقات فراغه
فنرى الاخبار والافلام السينمائية والمسلسلات مليئة بروايات الفساد وصور
الافساد من خلال المشاهد التي يخرجها المخرجون لتأكيد الوقائع
وفي مسألتنا الفلسطينية نجد ان موضوع الفساد اخذ جزئا كبيرا من هم الناس
حتى شارك القضية السياسية الخطيرة في اهتماماتهم لدرجة انك لا تفتح صحيفة
ولا تلفازا الا وتجد موضوعا عن الفساد الاداري او المالي وغيره من الامور
نعم نحن مطالبون بفتح هذا الملف الشائك والمعقد والذي لو اننا اخذنا زمام
المبادرة منذ البداية كسلطة فلسطينية جائت على انقاض فساد وارهاب الاحتلال
الا اننا اكتفينا بزوال ارهاب الاحتلال وابقينا الفساد وكانه راس المال
الذي تركه لنا الاحتلال ,لا بل وطورناه بشكل يتلائم مع مقولة (وظلم ذوي
القربى )حتى يصبح اشد ايلاما وفتكا بمجتمعنا ,وهنا تكمن المشكلة !!!!
ورغم هذا فان الاسلوب والطريقة التي يجب ان نتبعها ليست كما يتصور البعض من
الكتاب واصحاب الراي , لاننا يجب ان ندرك ان القضية ليست سهلة كما يتصورها
الناس ,فالامور اصبحت اخطر بالتراكم والتقادم , فالفساد اصبح متمكنا لدرجة
انه اصبح نهجا وممارسة ما عاد يشعر بها الفاسد حيث اصبحت امرا طبيعيا , لا
بل ترى الانسان الفاسد من اكثر الناس ثقة بنفسه ,ومن اصدق من الله قيلا
!!!حيث قال المولى عز وجل: (قل هل ننبأكم بالاخسرين اعمالا ,الذين ضل سعيهم
في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ) صدق الله العظيم
وهؤلاء ليسوا واحد او اثنين بل اكثر بكثير وهم موزعون في معظم دوائر
ومؤسسات الوطن ,ولا ننسى ان جزئا كبيرا هم من حركة فتح ,مما جعل الترابط
الوظيفي والتداخل الاداري متشابكا مما وحد المصالح الشخصية لكثير من
الاشخاص المرتبطين بمجموعات اما تنظيمية او اجهزة او احزاب , بمعنى ان
الفساد لا يقتصر على فرد من الافراد فقط بل اصبح يشكل حالة مدعومة ومحمية
بقاعدة من القواعد التي من الممكن ان تتصدى وبعنف لمن يحاول التطاول على
رمزها او مسؤولها او حتى مسائلته
نعم ان محاربة الارهاب والذي تمثل في مقاومة الاحتلال لقي دعما شعبيا
وتكاتفا على جميع المستويات ,ورغم ان السلطة لم تشارك في المقاومة بشكل
مباشر ولكنها لم تقف في وجه المقاومين لا بل تركت لكوادرها حرية الحركة في
هذا السياق بدلالة مئآت العسكريين الذين استشهدوا او اعتقلوا , و رأينا
توحدا عظيما بين جميع قوى الشعب وتكاتفت الجهود بين جميع شرائح المجتمع
امام العدو الاساسي
من هنا اسأل الاخوة الذين صرخوا وهتفوا من اجل محاربة الفساد ولا استثني
كاتب هذه المقالة حيث اني من اوائل من طالبو بذلك ,واقول بالله عليكم هل
سنرى توحدا ودعما شعبيا كما كان الحال في مواجهة الاحتلال !!! الجواب...
عندكم وكما اسلفت المسألة ليست بفلان وعلان بل هي اخطر بكثير الاسماء التي
تعرفونها ويعرفها الناس جميعا , انها تجاوزات وتسهيلات وترخيص في ظل تغييب
المسائلة والمحاسبة واحترام النظم في ظل غياب القانون ...ما عدا (قانون
الاقوياء)
وعلينا ان نحترم عقول الناس واي اناس ونحن نخاطب شعبا كشعبنا الفلسطيني
العظيم علينا ان نكون صادقين اولا وقبل كل شيء وان نقول حقيقة الحقيقة في
هذا الموضوع وليس التزييف والتدليس كما كان في الماضي
نعم نحن امام مرحلة في غاية الدقة والخطورة وخاصة اذا تم اتفاق في الجانب
السياسي , وانسحاب اسرائيل وهو امر مشكوك فيه , ولو حصل هذا ونتمنى ذالك ,
قد يظن البعض اننا تجاوزنا اخطر المراحل وهو الوضع السياسي ,وبحسب نظر
البعض ان كل شيء بعد ذاك هين ..... فاقول مخطيء كل من يعتقد ذلك
لانني متيقن ان امورا خطيرة ستظهر على السطح وبشكل واضح وجلي... كالثلج
الذي يذوب فجأه فيظهر المخفي اسفله ( انه الوضع الداخلي )
وليس الخطورة في الاصلاح بل الاخطر في كيفة الاصلاح و تناول هذه القضية
الخطيرة وعلاجها
وقد سمعنا وقرانا قبل ايام ومن خلال الكرنفال الكبير الذي اقامته
الصحافةووسائل الاعلام والكتاب وكأنه سباق محموم للمرحلة القادمة ,وذلك من
خلال بعض الطروحات التي انحرفت عن الصواب وهي بقصد او دونه تعطي الفاسدين
مساحة للهروب الى الامام بدل محاصرتهم وكف شرهم , وبدا هذا جليا من خلال
مقالات نشرت لكتاب واصحاب رأي نحترم الكثير منهم اشاروا الى قضايا واسماء
يعرفها القاصي والداني وتقاطعت الاسماء والاحداث في اكثر من رواية... ومنذ
سنوات ,ولكن الملفت للنظر بعض الروايات التي رواها بعض الكتاب وعلى سبيل
المثال لا الحصر الكاتب المعروف واتهاماته لوزير الثقافة بالسرقة والتزويير
واستغلال منصبه الرفيع وتحويل اموال هبات دولية وعربية لحسابه الشخصي ,وبعد
ايام نرى نفس الكاتب الذي اقام الدنيا ولم يقعدها على انه يملك الدلائل على
اتهاماته للمسؤول .. يقدم اعتذاره بعد ما تبين كذب ادعائاته !!! وشهادة
الامسؤولين الاجانب عن عدم دفع اي مبلغ للوزير المذكور .... بالله عليكم
اليست هذه مصيبة !!!! من هنا فان الكاتب او اي شخص يعتبر نفسه مصلحا ويريد
كشف الفاسدين دون اي دليل مادي يكون قد اوقع نفسه في اكبر انواع الفساد
وهذا ثابت من قوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا
ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) صدق الله العظيم وقوله
تعالى ( ان الذين يبغون في الارض فسادا تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف ) ونرى
فداحة جريم الافساد وهي من اشد انواع الفساد بان تلفق تهمة بشخص بريء , ان
الخطورة في هذا الامر هو عندما تحصل مثل هذه المسائل المشينةوالمخزية امام
هذا الكم من الفساد الحقيقي والمفسدين المعروفين فاننا نكون قد ميعنا
القضية ووضعنا كل شيء في خانه الشبهات مما سيعمل على اختلاط الاوراق
والحابل بالنابل لا بل اكثر من هذا فاننا نسلح الفساد بانياب الادعاء
الكاذب والتشهير الباطل, واكثر من هذا وذاك فاننانضيع الحقيقة وحقوق
المظلومين ....من هنا فاننا نهيب باخوتنا وخاصة الكتاب والمثقفين واصحاب
الرأي ان يتقيدوا (باصول الحقيقة... وليس بفصول الفضيحة ),فالحقيقة ثابتة
وراسخة , اما الفضيحة انما هي زوبعة في فنجان... ومن تمسح جلدة وران على
قلبه فلا تهمه الفضائح ما دام حقق مصالحة ونزواته وشهواته , اما الحقيقة
فهي التي تلوي ذراع اي شخص مهما علا شأنه . نعم طالبنا بالاصلاح ومحاسبة
الفاسدين وحتى الاستاذ ناصر الدين النشاشيبي قال في مقالته الشهيرة أضرب يا
ريس ... ولكن ليس كيف ما شاء , لان المهم ان نرى القانون يأخذ مجراه وبشكل
سليم وليس على الضعفاء فقط
نعم ايها الاخوة ان محاربة الفساد هو اهم ما في الامر وخاصة اننا امام تحد
كبير اما ان نكون او لا نكون ,وكما قلت اكثر من مرة ان من لا يقوى على نفسه
ويقوم ذاته ويحررها من عبودية الشهوات الدنيئه ليس جديرا بالحرية من
الاستعمار
واخيرا اقول ان مطالبة الرئيس الجديد ابا مازن بالاصلاح هو امر ممتاز جدا
ولكن ليس هذا مطالوب منه لوحده وكما انه لا يملك عصى سحرية ليقول كن
فيكون,ويجب ان لا ننسى ان من كان يمتلك مقومات العصا السحرية هو الراحل ابا
عمار والذي كان بصرخة او باشارة منه الى اي شخص مهما كان رتبته او مكانته
تنزل عليه كل عصي السحرة وقوانين الجزرة او العصى والجزرة معا ,ومع هذا لم
يحاسب احد يذكر
ومن يطالب الرئيس الجديد ابا مازن بالاصلاح الجذري امام ارث من تراكمات
لتركة معقدة وحصاد مر ...لا بل أمر من العلقم لزرع كاد يتجذر وكادت فروعه
واغصانه تظلل الوطن لتحجب عنه ضوء النهار واشراقة الشمس
ويجب الا ننسى بان الوضع الآن لا يحتمل المغامرة ما دام هناك مجلس تشريعي
شبة معطل بانتهاء مدته القانونية وحكومة متأرجحة وانتخابات قادمة , فمهما
يكن فليس بالامكان عمل كل شيء مرة واحدة الا بعد ظهور مجلس تشريعي منتخب
وقوي وحكومة تلقى الدعم الشعبي ,حينها وحينها فقط يستطيع اي رئيس ان يبداء
بالاصلاح الجذري المطلوب والكل مطالب بمد يد العون واخص بالذكر الاخوة
الكتاب واصحاب الاقلام الحرة الطاهرة فرايهم ضروري جدا ويجب ان يكونوا عل
مستى المهنة التي هي السلطة الرابعة صاحبة الحقيقة والراي الذي لا يفسد
للود قضية وان يكونوا حريصين ودقيقين وحذرين حتى لا تضيع الحقيقة بين طيات
الاكاذيب
(وقل اعملوا فسيى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) صدق الله العظيم
|