الانتفاضة تنتهي .. النضال لا
بقلم:
حمدي فراج*
ليست
كثيرة قطاعات الشعب الفلسطيني التي تتمسك بهذه الانتفاضة التي عرفت
بانتفاضة الأقصى، على اعتبار انها ليست انتفاضتهم الشعبية التي اجترحوها
وانخرطوا في صفوفها شيبا وشبانا ونساء كما كانت عليه الانتفاضة الاولى،
وهذا ليس هو سببهم الوحيد، فهناك اسباب اخرى اهمها اضطلاع قيادة السلطة
بها، وهي التي لم تستطع انتزاع احترامهم وثقتهم، بل على العكس تماما، شعروا
معها بخيبة امل كبيرة وعميقة بعد حوالي خمس سنوات من تسلمها زمام الامور،
ويميل البعض التاريخاني الى ان شرارة الانتفاضة كان يمكن ان تندلع في وجهها
لو لم يتطوع شارون "فيزور" الاقصى. وكانت ارهاصات الانفجار في وجه السلطة
التي كادت ان تغادر المساحة الوطنية قد تجسدت في اكثر من مكان واكثر من
شكل، احداها اصابة نحو مئة جندي فلسطيني في مخيم الدهيشة يوم زيارة البابا
له، واضطرار الراحل عرفات القدوم الى المخيم للاعتذار شخصيا.
نقول
ذلك ونحن نسمع عن قمة شرم الشيخ الفلسطينية العربية الاسرائيلية، والتي
وصفها البعض انها قمة انهاء الانتفاضة.
ليس
هناك ما يمنع من اعلان انهاء الانتفاضة اذا ما وصلت الى نهايتها فعليا،
بمعنى ترسيم عملية الانهاء، ولأن جماهير الشعب لن تبكي عليها بقدر ما تبكي
على ضحاياها من الشهداء والجرحى الذين فاق عددهم اضعاف اضعاف ضحايا
الانتفاضة الاولى، على اعتبار ان الدبابة والطائرة الصهيونية قد دخلتها من
اوسع الأبواب والشوارع والمسارب الجوية، غير آبهة هذه الجماهير المناضلة
بمن يقوم بالترسيم، بما في ذلك الرئيس حسني مبارك الذي كان ضدها بالقدر
الذي كان شارون ضدها، لأنها يفترض ان تسهم في تقويض حكمه المقوض، شأنها شأن
اي نضال جماهيري عربي ضد هذا الاحتلال، وشأنه شأن بقية انظمة الرجع العربية
من المحيط الى الخليج، ولهذا رايناهم على مدار سنيها، يتفرجون عليها في
احسن الاحوال، وبعد محاصرة الرئيس عرفات، وصل الأمر بهم ان (ينسوا) رقم
هاتفه.
وغير
آبهة ايضا بما ستسفر عنه عملية ترسيم الانهاء بدولة مستقلة او نصف مستقلة،
بحدود او بدون حدود، بمجال جوي او بدون، بعاصمتها القدس او ابو ديس، بعودة
اللاجئين او بتأجيلها خمسين سنة اخرى، بوزراء مناضلين او مدموغين بدمغة
اسرائيل وامريكا والاردن ومصر والسعودية ايضا، ... الخ. يهم هذه الجماهير
ان تستعيد توازنها ازاء انتفاضة لا يشاركون فيها بقدر ما يشاركون في دفع
ضريبة تبعاتها في القتل والحصار والدمار والافقار اليومي. على سبيل ابسط
الأمثلة يساق ابناؤهم الى المعتقلات والتعذيب ومن ثم الحكم عليهم بالمؤبدات
المتعددة، يرضوا بذلك، ولكنهم يطالبوا بزيارتهم لا أكثر، ومع ذلك لا
يزورون. والأمثلة لا تحصى ولا تعد ، ولكن خراب جبهتهم الداخلية قي اقامة
علاقاتهم مع بعضهم بعضا تقوض الحياة بشكل كلي، الاعتداءات من الاقوياء على
الضعفاء، القضاء الفاشل والبائس، الطبقة الطفيلية التي اغتنت ولم تشبع،
الغش، الخداع، بعبارة ادق الفساد، الذي كما اشرنا سابقا الى انه اصبح
امبراطورية تحتاج الى انتفاضة لوقف زحفه وتأثيره، الطب والمستشفيات ونقص
العلاجات، بالأمس كشفت محطة الرعاة عن ان مستشفى بيت جالا وضع الجبص على
الساق السليمة لطفلة بدلا من الساق المكسورة، وبدلا من ملاحقة ادارة
المستشفى لاحقوا المحطة.
لسان
حال القمة انهاء الانتفاضة، ولسان حال الشعب: الانتفاضة تنتهي والنضال لا
ينتهي.
* كاتب
صحفي فلسطيني يقيم في مخيم الدهيشة- بيت لحم.
|