أوزارة لداخليتنا أم داخليتهم؟
د.إبراهيم حمّامي
أن تتحول "وزارة الداخلية والأمن الوطني" إلى جهاز متخصص في فصيل واحد
دون غيره فهو ما يمكن التجاوز عنه، وأن يقتصر عملها على إصدار البيانات
النارية التي تفوح منها رائحة الفتنة فهو ما يمكن تبريره بالنظر لماضي
القائمين عليها، وأن تقف هذه الوزارة وأجهزتها موقف العاجز أمام حالة
الفلتان الأمني التي تتجاهلها فهو ما يمكن النظر إليه من باب "العين
بصيرة واليد قصيرة"، وأن تعلن "الوزارة" عن برنامج لاستيعاب عناصر الجهاز
العسكري لفصيل دون غيره ومن أموال الشعب رغم أنها وزارة ولو نظرياً
للجميع وليست نظرياً ايضاً حكراً على تنظيم بعينه فهو ما قد نستوعبه من
باب حل الأزمة والتخفيف من وطأتها، لكن أن تتحول "وزارة الداخلية والأمن
الوطني" - الفلسطينية اسماً فقط- إلى حارس أمين للإحتلال وعين ساهرة على
أمنه، وأمن مستوطنيه وجنوده، فهو ما لايمكن أن يقبله عقل أو منطق!!
بكل برود، إن لم نقل وقاحة، تصدر هذه الوزارة بياناً عن إنجازاتها لشهر
سبتمبر/أيلول الماضي، تفصّل فيه هذه "الإنجازات" وتعددها، وبسذاجة تخيلت
أنها ستكون انجازاتها في وقف فلتان عناصرها الأمني، أو رفع المعاناة عن
شعبنا، لكنه كان بياناً يعدد مناقب "وزارة الحراسة وأمن الإحتلال"، وحتى
لا يبدأ البعض المعروف في كيل الاتهامات وتوجيه القذائف البيانية
المعهودة هذا نص ما نشرته "الوزارة بالنص والصورة والتاريخ والتوقيت، وهو
ما يخجل من نشره حتى لحد في أيامه:
وزارة الداخلية والأمن الوطني تعلن إحباط 17 محاولة لشن عمليات ضد
إسرائيل من قطاع غزة

أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني أن قوات الأمن والشرطة الفلسطينية
أحبطت خلال الشهر الماضي 17 محاولة لشن عمليات ضد إسرائيل انطلاقا من
قطاع غزة.وأوضحت الوزارة في بيان لها أن قوات الأمن الفلسطينية عثرت على
75 عبوة ناسفة وصادرت 15 صاروخا من نوع "القسام" وأحبطت سبع محاولات
لتهريب أسلحة من الأراضي المصرية الى رفح في جنوب قطاع غزة.
من جانبه أوضح توفيق أبو خوصة الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية والأمن
الوطني أن قوات الأمن الفلسطينية ستستمر في عملها لتطبيق القانون وتنفيذ
قرارات السلطة الوطنية مضيفا أن الجانب الفلسطيني أبلغ الجانب الإسرائيلي
عن عمليات الإحباط الأخيرة لعمليات كانت تعتزم فصائل فلسطينية تنفيذها.
وفي السياق ذاته، قال أبو خوصة أن السلطة لازالت مستمرة في اتصالاتها مع
الفصائل ليحترموا النظام ويوقفوا الإعمال المرتبطة بصناعة وتهريب السلاح
عبر الحدود مع مصر.
2005-10-16 12:49:16
لم يتوقف الأمر على إصدار البيان المخزي لكن تعداه لسرد تلك المناقب على
لسان "وزير الداخلية" شخصياً أمام "مجلس الوزراء الفلسطيني" بعدها بأربعة
أيام فقط أي بتاريخ 20/10/2005، مسلطاً الضوء على مزيد من التفاصيل
ليضيف: "أن أجهزة أمنه وشرطته نفذت منذ بداية شهر أيلول/سبتمبر الماضي،
وحتى منتصف تشرين الأول/أكتوبر الجاري 802 عملية أمنية، حيث استطاعت
إحباط 70 محاولة تسلل لمواطنين فلسطينيين إلى داخل الأراضي الفلسطينية
المحتلة عام 1948والمستوطنات، بالإضافة إلى إفشال نحو 32 عملية إطلاق
صواريخ ونار على أهداف "إسرائيلية"، الوزارة سلمت سلطات الإحتلال 12 عبوة
ناسفة وقذيفة صاروخية، و15 صاروخاً تم العثور عليها بالقرب من المستوطنات
أو بالقرب من الجدار الفاصل، كما سلمت الجانب "الإسرائيلي" 16 سيارة
وآلية، مشيراً إلى أن هذه الخطوات تأتي في إطار التنسيق الأمني بين
السلطة الفلسطينية والجانب "الإسرائيلي"!
في مقابل تلك الانجازات العظيمة والرائعة لوزارة "الداخلية" في حماية
المحتل والسهر على أمنه، وفي نفس الشهر المذكور أي شهر سبتمبر/ أيلول، لم
تتوقف معاناة شعبنا يوماً، ولم تتوقف آلة التدمير الاحتلالية ساعة واحدة،
وهو ما لم تراه أو تسمعه آذان معالي الوزير وناطقه الإعلامي، ومرة أخرى
وحتى لا يقفز البعض المعروف، ليقول وكالعادة كفاك تجريحاً وافتراءاً على
المناضلين، أضع الحقائق والأرقام لتكون خير رد على ترّهات الأبواق،
ولتفضح أدعياء النضال، لأسرد تفاصيل ما تعرض له شعبنا في نفس الفترة التي
تفاخر الوزير ووزارته بإنجازاتهم فيها: (المصدر الهيئة العامة
للإستعلامات بالسلطة الوطنية الفلسطينية)
|
30/08-05/09 |
06/09-12/09 |
13/09-18/09 |
20/09-26/09 |
27/09-03/10 |
المجموع |
إنتهاكات |
601 |
611 |
521 |
823 |
630 |
3186 |
إطلاق نار |
78 |
110 |
33 |
41 |
29 |
291 |
شهداء |
- |
3 |
2 |
19 |
6 |
30 |
جرحى |
20 |
14 |
19 |
33 |
9 |
95 |
حملات إعتقال |
34 |
30 |
34 |
47 |
59 |
204 |
معتقلين |
78 |
68 |
76 |
330 |
230 |
782 |
إقتحامات ومداهمات |
163 |
174 |
179 |
213 |
170 |
733 |
حواجز عسكرية |
110 |
137 |
179 |
114 |
103 |
643 |
إعتداءات مستوطنين |
7 |
5 |
10 |
5 |
13 |
43 |
إغلاق طرق ومعابر |
121 |
130 |
68 |
66 |
66 |
451 |
تجريف أراضي |
7 |
5 |
4 |
10 |
4 |
30 |
وبذلك يكون عدد الانتهاكات الإسرائيلية بحق شعبنا خلال الفترة التي أعقبت
اتفاق وقف إطلاق النار بتاريخ 8/2/2005، قد بلغت 14877
انتهاكا، منها 1537
عملية إطلاق نار سقط خلالها 106
شهيداً و828
جريحاً، وتم اعتقال
2751
مواطناً في حين أقامت قوات الاحتلال
2958
حاجزا، أما إجمالي مساحة الأراضي التي صادرتها قوات الاحتلال 35272
دونماً، كما قامت بأعمال التجريف واقتلاع الأشجار حيث بلغ عدد هذه
الأعمال 144
مرة، هذا ولم يسلم المواطنون الفلسطينيون من اعتداءات المستوطنين حيث
نفذوا
460
اعتداء!
هذا ليس كلامي أو أحلامي، لكن أرقام وإحصاءات من مصادر السلطة نفسها، ومن
خلال بياناتها، وعلى لسان مسؤوليها!
لم يتوقف مسلسل وزارة "الحراسة وأمن الإحتلال"، ليعود وبالأمس فقط الناطق
باسم هذه الوزارة بتوجيه سهامه نحو الضحية متجاهلاً تماماً ولو بكلمة
واحدة جرائم الإحتلال الذي يعيث فساداً وتقتيلاً في مدن وقرى ومخيمات
فلسطين، ليصرّح دون أن يرف له جفن، أو تخجل خلية من خلاياه، ودون وازع أو
رادع، ورداً على الرد على جريمة الإحتلال في طولكرم التي لم يسمع بها
قائلاً وبحسب مصدر "الداخلية" نفسه: أعلن توفيق أبو خوصة الناطق باسم
وزارة الداخلية والأمن الوطني فجر اليوم، أن عمليات أطلاق القذائف
الصاروخية من منطقة شمال قطاع غزة تنعكس سلبا على العلاقات الداخلية
لأبناء شعبنا.
وقال أبو خوصة في تصريح له، إن اطلاق الصواريخ والتي سقط بعضها على منازل
أهلنا وأبناء شعبنا في تلك المنطقة تنعكس سلبا على العلاقات الداخلية
لأبناء شعبنا على صعيد الفصائل والسلطة الوطنية التي لن تتحمل مثل هذه
السلوكيات في إطار ما تم الاتفاق عليه بهذا الشأن.
وأكد أبو خوصة، أن هذا السلوك لا يمكن أن يكون في مصلحة أبناء شعبنا
الفلسطيني، في حين انه كان هناك توافق فلسطيني على عدم القيام بأي أعمال
بهذا النوع انطلاقا من قطاع غزة.
وشدد أبو خوصة على أن هذا الخروج الواضح والسافر عما تم الاتفاق عليه
فلسطينياً بالتأكيد هي مسألة غير مقبولة، موضحاً أن أي مبرر لدى حركة
الجهاد الإسلامي لهذا العمل هو غير مقبول على المواطن الفلسطيني العادي
حيث أن تعليقات المواطنين الفلسطينيين في الشارع تندد بهذه العمليات.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية: إن عمليات إطلاق القذائف الصاروخية
إنما ينم عن عدم مسؤولية تجاه المواطن الفلسطيني، مشيراً إلى أن هذه
الأخطاء متكررة وأنها ليست المرة الأولى حيث سقطت صواريخ حركة الجهاد
الإسلامي على البيوت والمنازل في الشمال. (انتهى ما نشرته "الداخلية").
وبالأمس أيضاً تناقلت وكالات الأنباء خبر نقل خمسة من المعتقلين لدى
"السلطة" من مدينة "بيت لحم" إلى سجن مدينة "أريحا"، في سيارة جيمس بيضاء
تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكيّة (السي.آي.إيه)، وهم محمد
بشير موسى - محمد حجاحجة - فراس هاشم - عماد عساف - وائل
جوابرة وجميعهم من بيت لحم، وهو ما اعتبرته كتائب شهداء الأقصى ضرباً
للمقاومة محذرةً من تحويل "أريحا" إلى (غوانتنامو) يعتقل فيه أحرار
شعبنا، ليذكّر أبو عدي أحد أبرز قيادات كتائب شهداء الأقصى بعمليات نقل
مشابهة قائلاً: "إن امر ترحيل مقاتلي الكتائب
من بيت لحم الى اريحا مرفوض كليا حيث
ان هناك سوابق خطيرة فقد جرى نقل 35 من نشطاء الكتائب في عهد الوزير محمد
دحلان
الى اريحا ولكن الاحتلال اغتال 70% منهم واعتقل الباقين دون اي احترام
لاية معاهدات
ونحن نرفض تحويل مدينة اريحا الى غوانتانامو جديدة في فلسطين ، واذا اكنت
السلطة
واجهزتها الامنية تدعي انها تريد حمايتهم من الاحتلال فنقول لهم ان هذا
المبرر غير
مقنع وغير مقبول".
قبل أشهر وتحديداً بتاريخ 15/06/2005 كتبت تحت عنوان مشابه "أوزير
لإعلامنا أم إعلامهم"، رداً على ما كتبه نبيل شعث من أغاليط واتهامات بحق
شعبنا دفاعاً عن الإحتلال، متحدياً إياه الرد على ما ذكرت، ولازلت في
انتظار هذا الرد، واليوم وتحت نفس العنوان أكتب، "أوزارة لداخليتنا أم
داخليتهم؟"، وهو ما يثبت حقيقة واحدة أن هذه السلطة لا هم لها ولا وظيفة
إلا التزام بأمن المحتل، وتنفيذ رغباته، وتجريم شعبنا، وبث الفرقة
والفتنة، وهو ما لا يتميز فيه جهاز عن جهاز، أو وزارة عن وزارة، أو مسؤول
عن مسؤول، ورغم هذه الحقائق والأدلة يصر البعض أنها مشروع وطني حضاري
نضالي تقدمي ثوري، وأن الحديث عن فضائحها وفسادها يصب في مصلحة الإحتلال
وأعوانه، فمن يا ترى المرتمي في أحضان هذا الإحتلال من رأسه إلى أخمص
قدميه؟ ومن الذي ينفذ أجندة الإحتلال بحذافيرها؟ ومن الذي يسهر ليل نهار
على أمن الإحتلال والدفاع عن جرائمه؟
مرة أخرى وفي ظل الأرقام والحقائق الدامغة أقول: أترك الإجابة لكم.
25/10/2005