انتخابات فلسطينية تائهة الخطى
*
علي
البطة
ليس اكتشافا أن لجنة
الانتخابات المركزية الفلسطينية التي تحضر لإجراء الانتخابات في فلسطين عبر
تسجيل
الفلسطينيين في سجل الانتخابات ، لا تملك إجابة واضحة على كثير من تفاصيل
العملية
الانتخابية في فلسطين في هذا الظرف الصعب الذي تمر به بلادنا ، من حرب
عدوانية
ستدخل بعد أيام قليلة عامها الخامس ، وهي تأكل الأخضر واليابس مما تبقى من
فلسطين
.
وليست اكتشافا أن اللجنة المشكلة بقرار رئاسي ، تعيش في تخبط كبير ، إزاء
المستجدات التي تطرأ مع اشراقة شمس كل يوم على الفلسطينيين
.
فالمواجهة أزمة عدم
التسجيل اضطرت اللجنة المركزية إلى افتتاح العديد من مراكز التسجيل في
مناطق فيها
إقبال بشري من الفلسطينيين لحضهم على التسجيل في الكشوفات ، بعدما عزف
الكثير من
الفلسطينيين الذهاب للتسجيل في المراكز التي حددت سلفا من قبل اللجنة ،
فالناس
اعزفوا عن التسجيل ربما كي لايتعبوا أنفسهم كثيرا ، وليتعبوا المرشحين غدا
لأي
انتخابات في ممارسة دعاية كاذبة عليهم
.
هناك الكثير من الملاحظات حول التسجيل ،
وما يرافقه من تصريحات من هنا وهناك ، فمن أول يوم قرأنا الجواب من عنوانه
، ودبت
الهواجس في أوصال منظمي التسجيل ، وكأنهم هم السبب في عدم تسجيل الناس
أسمائهم
بعشرات الألوف ؛ لا فكثير ممن يعملوا في لجنة الانتخابات هم ثقات عند الناس
، فلا
تتعبوا أنفسكم وتجهدوها كثيرا ، فسبب العزوف معروف
.
سجل الرئيس اسمه في لجنة
المقاطعة ، شيء جميل ، لكنه لم يغير شيء على الأرض ، أي أن الناس لم تخرج
لتسجل
قدوة برئيسهم ، وحركة حماس دعتهم للتسجيل لتغيير الواقع نحو الأحسن بعدما
استشرى
الفساد في أوصال أهل الحكم الذين أكلوا واغتنوا وبنوا من الحكم ، ثم فجأة
شرعوا
يلعنوه ويقصفوه بوابل من صواريخهم الكلامية الثرثارة دون أن يرحموا هذا
الشعب الذي
لم يحضر تقسيم الكبار للكعكة بينهم ، ويريد الكبار الآن أن يرغموا الشعب
للدخول في
معمعة مغامراتهم التي أدت بنا إلى ما نحن عليه من وضع يسير من سيء إلى أسوأ
ونحن
ندخل في السنة الخامسة من عمر الانتفاضة بعد أيام ، التي لم نخسر فيها بعد
، ولم
تنتصر فيها إسرائيل أيضا ، لكن كانت ألاما في هذه الانتفاضة جسيمة ومفجعة
وقاتلة في
كثير من الأوقات ، وعلينا أن نعترف أننا دخلنا غمار معركة لم نحدد ما نريده
منها من
قبل
.
جيد.في موضوع أخر يحتاج إلى نقاش معمق وطويل ،لكن أعود ثانية ، قالت لنا
لجنة الانتخابات على لسان أمينها العام الدكتور علي الجرباوي ، إن المسجلين
ما
زالوا في حدود 250 ألف فلسطيني فقط ، بنسبة تقارب العشرة في المئة ، ووصفوا
هذا
الرقم بالقليل والإقبال الضعيف جدا ، وهذه نسبة بكل المعايير منخفضة جدا في
المقاييس الإحصائية والحسابية ، ثم قال لنا الدكتور الجرباوي ، أن سجل
الانتخابات
لن يرى النور دون تسجيل أهل القدس فيه .جيد.
دونما تفكير عميق، يكتشف الإنسان
البسيط ببصيرته النافذة التي لم تلوثها ملوثات الفساد ، أن كلام الدكتور
فيه كثير
مما يجافي المنطق والعقل، فهل يا دكتور كنتم تتوقعون أن تسمح إسرائيل التي
تحتلنا
من الماء إلى الماء ومن الوريد إلى الوريد ، للجانكم بالعمل بحرية تامة دون
معيقات
كبيرة ؟
ثم لماذا تتعبون أنفسكم طالما أنكم لن تخرجوا سجل الناخبين إلى نور
الحياة، إن أعيق التسجيل في العاصمة الفلسطينية ؟ إذا كنتم تتوقعوا تعطيل
التسجيل
هناك فلماذا أصلا كل هذا التعب ؟
أما اننا نجيد لعبة التلهي فقط التي ألهتنا عن
بناء مقومات دولة طوال سنوات ، اللعبة التي ألهتنا عن بناء إنسان فلسطيني
يعطي دون
أن ينتظر من دولته أن تعطيه شيء، بعد أن سلبها ثوارنا كل شيء وتركوها عظما
بلا لحم
!
غريب الأمر يا دكتور في القدس
.
أما الأمر الثاني الملاحظ فهي قضية الرقم
(250الف)
مسجل ، سؤالي كيف توصلتم إلى أنهم يشكلون نسبة عشرة في المئة ممن يحق لهم
التسجيل ؟
بالتأكيد إذا كنتم توصلتم لهذه النسبة، فانتم تعلمون كم عدد الذين يحق
لهم الانتخاب، فلماذا التعب.
ثم شيء غريب في الرقم ، (250 ألف) مواطن فوق سنة
السابعة عشر ، لا يشكلوا سوى عشرة في المئة فقط ، يعني بهذه الحسبة يكون
عدد من يحق
لهم الانتخاب مليونين ونصف المليون ، يعني أكثر من ستين في المئة من عدد
الفلسطينيين القاطنين في أراضي السلطة الفلسطينية ، فهل نفهم من هذا أن
جميع
الفلسطينيين في الداخل والخارج يحق لهم التسجيل والانتخاب والترشيح
للانتخابات ،
إذا كانت الإجابة بنعم ، فأين مراكز التسجيل في مخيمات اللجوء وتجمعات
الفلسطينيين
المنتشرة حول العالم
!
أيها السادة الرقم (250ألف) يجب أن يعطينا بحسبة عقلية
بسيطة ، أكثر من نسبة عشرة في المئة ، وأكثر من ثلاثين ، إلا إذا قلتم لي
أن
المجتمع الفلسطيني مجتمع هرم وليس فتي كم تدل كل الإحصائيات
.
هذا ببساطة عن
لجنة الانتخابات المركزية المستقلة ، والطامحة لنجاح مهمتها التي أوكلت
إليها ،
والتي يتمنى الكثير نجاحها ،إلا معظم المنصبين في مناصبهم الطارئة ، ومعظم
أعضاء
التشريعي الذي استطابوا كراسي التشريعي الذي عطلوه لعدم قدرتهم على تنفيذ
معظم
تشريعاتهم ، سبحان الله بعد ثماني سنوات من الرواتب وإغداق العطايا
والهدايا ،
استيقظوا من سباتهم ، وتذكروا أن الرئيس يضع التشريعات والقرارات في الدرج
ليعلوها
الغبار ، مرحبا ، بأعضاء التشريعي ، استيقظوا بعد ما خربت البصرة ، لا
أبصركم الله
بعد اليوم في المجلس
.
والمفلت حقا في هذا التسجيل أن كثير من أعضاء التشريعي
ورؤساء المجالس البلدية والمحلية لم يسجلوا بعد أسماءهم في سجلات الناخبين
، لا
اعرف ما السر في ذلك ، ربما يكون تكتيك انتخابي ، لمعرفة قوة حماس في
الشارع التي
نزلت بقوة في الشارع لحثه على التسجيل.
لكن قوة حماس جوبهت بقوى أخرى خفية وقوية
، تريد أن تثبط عزائمها ، تزعم أن من سجل لا يتجاوز العشرة في المئة ،
وكأنهم
يريدوا أن يقولوا لحماس هذه هي قوتك في الشارع فمبروك لك قوتك
.
من هنا ،
فبإمكاننا القول ، إن العدد المسجل إلى الآن جيد ، إن كان صحيحا أن هذا
العدد هو
الذي سجل ، لكن يبدو أن هناك راسبين في الإحصاء، أو أن هناك من استغبى
أبناء شعبه
لإدراكه أن الشعب لا يراجع شيء ، يتلقى الكلام منهم ويأخذه على عواهنه
.
لكن
يبدو أن الأيام القادمة سيتكشف الكثير من خبايا دعاة التسجيل للانتخابات ،
التي لا
يتوقع الكثير من الناس حدوها ، إلا إذا آمن أهل الحكم بمبدأ التداول في
الحكم ، إن
بقي حكم أو مؤسسة حكم ، فالقادم لنا من الخارج يبدو أنه اكبر منا ، ولن
نقوى على
مواجهته مهما أوتينا من قوى ، لان القوة اليوم لمن يحترم عقول الناس ، التي
لاتتوفر
عند غالبية من يحكمون أو يتربعون على كراسي الحكم الخربة
.
هذا كله لا يعني أن
حركة حماس تمتلك رؤية واضحة للانتخابات ،فهناك تصريحات عفوية تصدر عن
الشيوخ فيها
من الخطورة على النسيج الوطني الفلسطيني ،ما فيها ،وهو ما سأتناوله في مقال
آخر
لاحق
.
*
صحفي
فلسطيني
ali_batta@hotmail.com
|