الانتخاب والترشيح حق مطلق
بقلم
عدنان الصباح
قد نكون الشعب الوحيد
على وجه الارض الذي يملك وثائق احصاء رسميه وبطاقات هويه وشهادات ميلاد
وجوازات سفر
بل ان البعض منا يحملون اكثر من وثيقه او شهاده او جواز سفر فنحن نجد من
يهتم
باعدادنا اكثر منا ومن يسعى للخلاص منا كليا وقد نكون الشعب الوحيد ايضا
الذي يجد
من يقوم كل يوم بتفقد اخبار الوفيات والامراض ودفاتر المواليد في
المستشفيات وحتى
لدى القابلات القانونيات وغير القانونيات وفي بطاقات الهوية التي نحرص
جميعا في
الوطن على الاحتفاظ بها في جيوبنا ولا يمكننا التنازل عنها او نسيانها
والخروج من
المنزل بدونها لدرجة ان المواطن الفلسطيني يشعر ان بطاقة هويته اهم منه ,
في بطاقة
الهوية هذه هناك ملحق معد خصيصا للعمليه الانتخابيه وكل من يصل الى سن
السادسه عشره
ملزم بالحصول على بطاقة الهوية هذه ولا يوجد فلسطيني واحد على الاطلاق يجرؤ
على
التخلف عن القيام بهذه المهمه , ومع هذا فان كل ذلك لم يكن مهما على
الاطلاق في عرف
لجنة الانتخابات المركزية وبدل ان تعتمد بطاقات الاحوال المدنية هذه راحت
تقوم
بعملية التسجيل للانتخابات ومعنى هذا ان المواطن ملزم بالذهاب شخصيا الى
مركز
التسجيل لتثبيت حقه بالانتخاب والترشيح وان لم يفعل فهو سيفقد هذا الحق
كليا
والسؤال الاول الذي يتبادر الى الاذهان هو ماذا بشان العاملين في الخارج
والذين لا
يستطيعون ولا يمكنهم قطع آلاف الاميال لمجرد التسجيل فقط وماذا بشان المرضى
الذين
لا يمكنهم الوصول الى مراكز التسجيل والمعتقلين والجرحى والمطاردين من قبل
قوات
الاحتلال واولئك الذين يعملون داخل اراضي 48 بالتهريب فلا يستطيعون العودة
خشية ان
ينكشف امرهم وهم مضطرين لذلك لاعالة اسرهم , وماذا بشان الالاف الغاضبه
والتي لن
تتوجه لمراكز التسجيل لانها لم تجد من يعير جوعها اي اهتمام من العاطلين عن
العمل
وذوي الاحتياجات الخاصه واسر الشهداء والمعتقلين والجرحى , ثم لماذا نجعل
من
الانتخابات عبئا ثقيلا على المواطن وعبئا اكبر على المرشح او من ينوي ترشيح
نفسه
للانتخابات البلدية او التشريعية , فرب الاسرة سيجد نفسه مضطرا للبحث عن
وقت مناسب
لجمع اسرته وتحضير اوراقه واحضار شهود الاثبات معه الى مركز التسجيل ان هو
طلب
تغيير ايا من البيانات كبيان السكن مثلا وهو لهذا مضطر من باب اللياقه الى
البحث عن
ملابس مناسبه لهذا الحدث فهو سيدخل الى مدرسة او مركز عام ومعه زوجته
وابنائه فلا
احد بامكانه القيام بالمهمة عن الاخر مهما كانت الاسباب او الموانع , وهو
سيجد نفسه
مضطرا الى الاحتفاظ ببطاقة الانتخاب وبطاقة اثبات الاقامه الى جانب شهادات
الميلاد
وبطاقة الهوية وجواز السفر والكرت الاخضر او الاصفر او الازرق وسيضاف الى
العبء
الملقى على خزانة الاوراق الضرورية لكل مواطن فلسطيني عبئا جديدا , وهذا
المواطن
واسرته سيجدون انفسهم منذ الان وحتى اجراء الانتخابات تحت تاثير علاقات
زائفة
ووهميه ومضطرين لتقبل زيارات المرشحين او الراغبين بذلك وهو بالتالي عليه
ان يقوم
بواجب الضيافة للرجل ولاكثر من مرة ولا شك ان المصيبة ستكون اكبر ان كان
المواطن
احد رجال عائلة كبيرة وله كلمه مسموعه في عائلته فهو مجبر على ايجاد مصدر
دخل جديد
ليغطي نفقات ضيافة المستوزرين الذين قد لا يتذكروه بعد فرز الاصوات بثانية
واحده
.
الراغبون بالترشيح ماساتهم اكبر فدعايتهم الانتخابيه ستمتد الى ما شاء الله
وهم منذ الان والى ان يقضي الله امرا كان مفعولا ملزمون بتعليق ابتساماتهم
فوق
وجوههم وبفتح جيوبهم وبيوتهم ومكاتبهم وبعدم التخلف عن بيت عزاء او فرح
وبالالتزام
بدفع النقوط لكل عريس وعروس واقامة المآدب في الافراح والاتراح ومراقبة
سلوكهم
اليومي وسلوك افراد اسرهم وتعليق ايديهم فوق رؤوسهم ما داموا خارج منازلهم
لتادية
التحية لكل من هب ودب وبفتح الدفاتر القديمة لتذكر من نعرفه ومن هو قريب
لزوج ابة
خال والدته او والده ومن تزوجت ابنته من هذي العائله او تلك ومن كان لجده
علاقة معه
ايام الحرب العالمية الاولى ومن كان في المعتقل مع قريبهم من بعيد قبل
عشرين عام
ومن التقاه صدفة في الطريق بين رام الله ورام الله ايام العز والمرشح هذا
ملزم
بالتواصل على هذا النهج بلا توقف حتى تتم العمليه الانتخابيه التي ليس لها
موعد
محدد ناهيك عن ان بعضهم عاش هذه الظروف اكثر من مره منذ بدء الانتفاضة وحتى
الان
فكلما تحدثت وسائل الاعلام عن قرب موعد الانتخابات شدوا الرحال الى
الناخبين من
قرية الى قرية بحثا عن صوت هنا او صوت هناك
.
اعرف احد الراغبين بخوض الانتخابات
منذ اعوام وهو يحضر نفسه لذلك وكلما انتشر النبا بدات حملته التي لا تنتهي
وقد طبع
ووزع من المنشورات ودفع من المصاريف ما اجبره على التنازل عن آخر شبر من
الارض التي
ورثها عن والده وآخر قطعة ذهب رشادي ورثها عن والدته وآخر جيب من اقاربه او
اصدقائه
يمكن ان يقترض منه حتى باتت المسالة تشكل سببا لعزوف الناس عنه لا العكس
فقد اصبح
مزعجا لهم اكثر مما هو مقنعا لهم لدفعهم لانتخابه على امل الدفاع عن حقوقهم
وقضاياهم وقد بات الرجل مصدرا للتندر الدائم في اوقات الفراغ وهي والحمد
لله
الوحيدة الموجودة في نهارات وليالي مواطنينا وهو لا يجد من ينادمه الا ثلة
من
المبتزين الذين جعلوا منه مصدرا للاسترزاق فهم ينتظرونه حتى يسافرون معه في
نفس
سيارة الاجره ليدفع هو اجرهم ويرتادون نفس المقهى ليتناولوا المشاريب على
حساب جيبه
المدانة حتى النخاع
.
اغرب ما في حملة التسجيل للانتخابات هذه ان جميع القوى
والاحزاب ممن هي في السلطة او خارجها من اليسار واليمين والوسط متفقون على
اهميتها
واهمية الدعوة لها متحدين في ذلك مع السلطه والسؤال العجيب هو ما سبب
الوحدة على
موقف كهذا ليس به من المنطق شيء لماذا لا تطالب هذه القوى باعتماد سجلات
الاحوال
المدنية او دائرة الاحصاء المركزيه وبطاقات الهوية او جوازات السفر وتفتح
مراكز
للاعتراض او تعديل البيانات فقط , ما هي الدوافع الحقيقيه التي جعلت الجميع
يصمت
وينغمس في نفس اللعبه , هل لانهم ديمقراطيون اكثر مما يجب ويريدون للمواطن
ان يشارك
طويلا في لعبة الانتخابات المنتظره وان يتعرف على برامج المرشحين الغير
موجوده من
اصله او على برامج الاحزاب والفصائل الغائبه عن قضايا المواطن في ايام العز
بل وحتى
عن قضايا منتسبيها , ام ان هذه الفصائل وجدت في هذه الطريقه فرصة للتخلص من
المواطن
المستقل البريء الغاضب الناقم الذي لن يقدم على انتخاب اي من مرشحيهم ولانه
لا ناقة
له ولا بعير في كل الحسبة التي يجريها المتحكمين برقبته فهو لن يكلف نفسه
عناء
الذهاب الى مركز التسجيل وبالتالي لن يساهم في تقرير مصيرهم , ام ان البعض
لا يريد
لهذه الانتخابات ان تتم لانه لا يتوقع له نصيبا كبيرا , او لانه يتوقع ان
ساعة
الحساب قد حانت وهو يعرف ما الذي قدمه طوال السنوات السابقه
.
ايا كانت الاسباب
والدوافع الحقيقيه وراء اختيار هذه الطريقه كخطوة اولى لاجراء الانتخابات
فان من
المفيد القول ان الاوان لم يفت لاعادة الاعتبار لبطاقة الهوية كبطاقة
انتخابيه
واعطاء الحق في الانتخاب والترشيح للجميع وتحديد مراكز للاعتراض وتعديل
البيانات او
لمعرفة رقم الصندوق الانتخابي او مركز الاقتراع الذي يمكن للمواطن ممارسة
حقه
الانتخابي فيه فالمشاركه في العمليه الديمقراطيه والانتخابات حق مطلق لكل
مواطن الا
ما نص عليه القانون من استثناءات معروفه وبالتالي فلا يجوز ايجاد اي
تعقيدات امام
المواطن في ممارسة هذا الحق الذي لا يجوز
انتقاصه.
|